تعد دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الأكثر اهتماماً بقضايا البيئة ومكافحة أسباب التلوث، وهي لا تدخر جهداً من أجل ضمان استدامة التنمية التي هي أسمى غايات العمل البيئي خصوصاً، والتنموي عموماً، وفي ما يعدّ إشادة وتعبيراً صريحاً عن الثقة العالمية المتزايدة بالجهود التي تبذلها الإمارات في هذا الشأن، فقد جاء في صحيفة "كوريا تايمز"، مؤخراً، أن "الإمارات رائدة في الاقتصاد الأخضر"، وهذا يشير إلى أن الدولة أصبحت بفضل جهودها الدؤوبة والمثابرة نموذجاً في المحافظة على التوازن بين النمو والتنمية الاقتصادية من ناحية، والتوازن البيئي من ناحية أخرى. وعلى سبيل التأكيد والتدليل على أحقية دولة الإمارات بهذه الإشادة والثقة، فقد ذكرت الصحيفة أن الإمارات سوف تصبح واحدة من بين الدول الخمس الأولى في العالم في مجال الاقتصاد الأخضر بحلول عام 2021، ولعل هذا المدى الزمني هو المدى الزمني نفسه الذي تضعه دولة الإمارات كأفق زمني لرؤيتها المستقبلية التي تجسد الحلم التنموي الشامل والمستدام الذي تسعى إليه وتجهد من أجل إدراكه، في إطار العمل على تطبيق "وثيقة الإمارات 2021". ورغم أن الصحيفة تشير إلى التحديات التي تقف في طريق دولة الإمارات نحو إدراك أهدافها البيئية والتنموية بشكل عام -مثل المناخ شديد الحرارة والرقعة الجغرافية الوطنية التي تمثل الطبيعة الصحراوية سمة رئيسية فيها، بخلاف الضغط الشديد على الموارد الطبيعية التي تمتلكها البلاد، خصوصاً الموارد المائية، وارتفاع معدل استهلاك الطاقة، وارتفاع معدلات انبعاث الغازات الملوثة للبيئة كثاني أكسيد الكربون، بالإضافة إلى النمو السكاني المرتفع نسبياً- فإن هذه التحديات والقيود كلها لم تثنِ الجهود الوطنية الإماراتية عن مواصلة تقدمها، وظلت تنقل أقدامها إلى الأمام تجاه غاياتها النهائية المتعلقة بالتنمية الشاملة والمستدامة. وتعد التجربة الإماراتية في الانتقال إلى عصر الطاقة المتجددة واحداً من المحاور الأساسية التي شملت العديد من المبادرات الحيوية التي نالت تصنيفات دولية متقدمة، وضعت الدولة في مصاف الدول المتقدمة في مجال الطاقة المتجددة. ولعل مشروع "مدينة مصدر" يعد العنوان الرئيسي للعمل التنموي والبيئي الإماراتي، خصوصاً أنها المدينة الوحيدة في العالم حتى الآن التي تعتمد على الطاقة الشمسية كمصدر وحيد للطاقة، ولعل هذا المشروع الرائد كان أحد العوامل الأساسية في حصول الدولة على حق استضافة المقر الدائم لـ"الوكالة الدولية للطاقة المتجددة"(إيرينا). إن نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في الوصول إلى المستوى الحالي من التنمية يعد اقتراباً كبيراً من الغاية المتعلقة بإدراك ما يسمى "الاقتصاد الأخضر"، وهي الغاية التي من شأنها أن تجعل من الاقتصاد الإماراتي واحة تنموية قادرة على النمو من دون توقف، وكذلك توفير الحياة الكريمة للسكان، في الوقت نفسه الذي لا تطغى فيه الأجيال الحالية على حقوق الأجيال المقبلة في الحصول على حقوقها كاملة من الحياة الكريمة والآمنة وغير القابلة للانتكاس، وكذلك عدم التسبب في زعزعة التوازن البيئي، أو إنتاج ذلك الكم من المخلفات والملوثات التي تضر بذلك التوازن، وتأتي على مقدرات النمو والتنمية في المستقبل. _______________ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.