مبادرة إنسانية مهمة
القرار الذي بدأت وزارة العمل في تطبيقه يوم الجمعة الماضي، الخاص بحظر تأدية الأعمال تحت أشعة الشمس وفي الأماكن المكشوفة منذ الساعة الثانية عشرة والنصف ظهراً وحتى الساعة الثالثة من بعد الظهر، وذلك حتى يوم 15 سبتمبر المقبل من العام الجاري، يعدّ مبادرة إنسانية مهمة، تعكس بوضوح الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات لتوفير مختلف أوجه الحماية لفئة العمال في مواجهة أي تجاوزات من جانب أصحاب الأعمال والمؤسسات الخاصة. ولعل أهم ما يميز هذا القرار هو طابعه الإلزامي، الذي يفرض على أصحاب العمل تحمّل مسؤولياتهم، القانونية والأخلاقية، في التعامل مع العمال لديهم، وتحذيرهم من أي خرق أو تجاهل وإلا تعرّضوا لعقوبات صارمة، فالقرار يفرض غرامة مالية مقدارها خمسة عشر ألف درهم بحق المنشأة التي يضبط للمرة الأولى العاملون لديها يؤدّون أعمالاً خلال فترة الحظر، إضافة إلى عدم الموافقة على إصدار تصاريح عمل جديدة لهذه المنشآت المخالفة.
هذا القرار الذي يطبق للعام الثامن على التوالي، لاشك، يعزز ثقافة السلامة المهنية واشتراطاتها ويؤكد التزام تطبيق المعايير الدولية في هذا المجال، خاصة أن الوزارة تحرص على توفير الظروف كافة التي تضمن تطبيقه، فوحدة الرعاية العمالية التي تم تشغيلها في شهر مايو الماضي ستنفذ 31 زيارة للمواقع الإنشائية على مستوى الدولة لتوعية العمال بالقرار، كما ستقوم فرق التفتيش بتوثيق المخالفات المضبوطة من خلال تصوير العمال في أثناء أداء الأعمال خلال الحظر فوتوغرافياً وضم تلك الصور إلى محاضر الضبط التي تعرض لاحقاً على اللجنة المعنية بالنظر في تلك المخالفات، هذا في الوقت الذي تعتزم فيه الجهات المعنية العمل على تشييد 11 خيمة رمضانية على مستوى الدولة لتقديم طعام الإفطار للعمال خلال شهر رمضان، الذي يصادف قدومه فترة تطبيق قرار الحظر، كما سيتم تنظيم 8 دورات رياضية على مستوى الدولة في المساكن العمالية.
تولي دولة الإمارات اهتماماً بالغاً لتحسين أوضاع العمالة وتحرص على إيجاد إطار قانوني وتشريعي شامل يضمن حقوقها كاملة في المجالات كافة، ويتصدى لأي تجاوزات تمارس ضدها، وفي هذا السياق فإن وزارة العمل تتعامل بإيجابية مع شكاوى العمال، وتحقق فيها بالسرعة اللازمة، فهناك محكمة للقضايا العمالية يمكن اللجوء إليها من قِبل هؤلاء العمّال أو الموظفين، في حال رأوا أن حقوقهم قد تم الاعتداء عليها، كما تم تأسيس هيئة تفتيش عمالية تابعة لوزارة العمل لضمان تطبيق القوانين والقواعد الإنسانية، وتفرض غرامات مالية على المخالفين، وفي شهر مايو الماضي تمّ تطبيق نظام التصديق الإلكتروني على عقود العمل عبر "الإنترنت"، الذي يوفر أكبر حماية لمصالح العمال الأجانب، ويمكنهم من معرفة حقوقهم والحصول عليها كاملة، وبالتالي يتيح لهم الفرصة لقبول العرض أو رفضه قبل مغادرتهم بلادهم الأصليّة.
إن هذه الضمانات المختلفة تؤكد بوضوح أن لدى دولة الإمارات العربية المتحدة إطاراً شاملاً يحمي حقوق العمال ويصونها، بالإضافة إلى أنه يوفر لهم مقوّمات العيش الكريم. وهذا الأمر هو الذي جعلها من الدول الرائدة في مجال حماية حقوق العمال، كما يفسّر التقدير الدولي المتزايد لأطرها القانونية والتشريعية المعنية بالشأن العمالي.