أصداء فوز مرسي بالرئاسة المصرية...وتلكؤ غربي في دعم المعارضة السورية كيف يمكن تقييم المشهد المصري بعيد الانتخابات الرئاسية؟ وما هي الخطوة التالية التي يتعين على الرئيس المصري الجديد اتخاذها؟ وإلى أي مدى يتباطأ الغرب عن مد يد العون للمعارضة السورية؟ وهل بات الربيع المكسيكي قريباً؟...تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الأميركية. مسيرة متعثرة تحت عنوان "مسيرة مصرية متعثرة"، نشرت "واشنطن بوست" يوم الاثنين الماضي، افتتاحية رأت خلالها أن مصر اتخذت خطوة أخرى نحو الديمقراطية، وتجنبت الانزلاق نحو الفوضى، وذلك بالاعتراف بفوز مرشح "الإخوان المسلمين" في انتخابات الرئاسة، كما أن المجلس العسكري الحاكم تجنب أي استهجان دولي قد يحدث في حال تم التلاعب في النتائج. وحسب الصحيفة هذه هي المرة الأولى في تاريخ مصر التي يتم فيها انتخاب رئيس عبر انتخابات حرة. وبغض النظر عما إذا كانت التطورات المصرية تؤسس لمرحلة يمكن البناء عليها، أو تفتح الباب أمام حالة من عدم الاستقرار في أكبر البلدان العربية سكاناً، فإن هذا الأمر يتوقف على إمكانية تحقيق اتفاق بين الجيش والإسلاميين يقوم على المبادئ الديمقراطية. ولسوء الحظ، إلى الآن، لا يوجد ما يؤشر إلى رغبة كافية لتحقيق ذلك. فعلى الرغم من أن "الإخوان المسلمين" قد أعلنوا في وقت سابق بأنهم لا يسعون إلى السيطرة على أغلبية البرلمان، أو طرح مرشح في الانتخابات الرئاسية، فإنهم فعلوا الأمرين (حصلوا على أغلبية برلمانية وخاضوا الانتخابات الرئاسية)، كما حاولوا الهيمنة على اللجنة المعنية بإعداد مسودة الدستور المصري الجديد، ما أدى في النهاية إلى انهيار اللجنة. الصحيفة وجهت نقداً للمجلس العسكري الحاكم، قائلة: بعد سقوط مبارك، فشل المجلس في حماية الأقليات، ولم ينجح في استعادة الأمن، وأساء إدارة الاقتصاد، وقمع العلمانيين الليبراليين، بمن فيهم نشطاء المنظمات غير الحكومية التي تمولها الولايات المتحدة. وقبيل حسم الانتخابات الرئاسية، أصدر المجلس العسكري قانوناً يكبل- حسب الصحيفة- الصلاحيات الرئاسية، كما أن قضاة تم تعيينهم إبان حكم مبارك، أقروا حل البرلمان. وترى الصحيفة أن كثيراً من المصريين كانت لديهم مخاوف من احتمال فوز الفريق أحمد شفيق بالرئاسة، وذلك على الرغم من وجود أدلة واضحة على فوز منافسه مرسي في انتخابات 17 يونيو. هذه المخاوف ثبت أنها غير صحيحة، وهذا ربما يعكس مفاوضات في الكواليس بين العسكر و"الإخوان". وتقول الصحيفة إن إدارة أوباما ساهمت على نحو إيجابي، عندما حثت المجلس على احترام نتائج الانتخابات، وعندما ألمحت إلى احتمال المخاطرة بالمساعدات الأميركية السنوية التي تتلقاها مصر. وتواصل الصحيفة رصدها للمشهد المصري الراهن، قائلة: يتعين على الولايات المتحدة الآن الضغط على المجلس العسكري لتسليم صلاحيات كاملة لإدارة مرسي الجديدة وذلك بحلول 30 يونيو الجاري. فرصة أخرى وفي الموضوع ذاته، وتحت عنوان "فرصة أخرى في مصر"، نشرت "نيويورك تايمز" يوم الاثنين الماضي، افتتاحية، استهلتها بالقول: بعد فوز محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، كأول رئيس مصري يأتي بعد انتخابات حرة، لدى مصر فرصة أخرى للدخول في مسار أكثر ديمقراطية، وهذا يتطلب العمل وفق أرضية مشتركة، وليس الخوض في الاستقطابات السياسية التي لا تزال قائمة حتى الآن. مرسي يقف الآن أمام تساؤلات مهمة تتعلق بتحقيقه الإصلاحات التي تعهد بتفعيلها. وفي خطابه الذي أدلى به بعيد إعلان النتائج، تعهد مرسي- والكلام للصحيفة- بأن يكون رئيساً لكل المصريين، وهذه عبارة قد تشجع الليبراليين والعسكر والأقليات، ويستطيع مرسى البدء بتسمية حكومة تضم جميع الأطياف. المصريون مسؤولون عن مستقبلهم، لكنهم بحاجة إلى الولايات المتحدة، وغيرها من الدول، كي يتسنى لهم إحياء اقتصادهم، وإنجاز التحول الديمقراطي. إدارة أوباما على حق عندما قالت إن أفعال الحكومة المصرية الجديدة هي المعيار الأول لتقييمها. تلكؤ في الدعم في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي، وتحت عنوان "الغرب يتباطأ في الأزمة السورية"، نشرت "واشنطن بوست"، افتتاحية، استهلتها بالقول: إنها ليست المرة الأولى في الولايات المتحدة، التي يتم فيها الاستحواذ على السجال بشأن سوريا، من خلال التطورات الدائرة على الأرض. ولشهور عدة، قاومت الإدارة الأميركية اقتراحات بشأن تدشين ملاذات آمنة للمعارضة السورية، كي يتم تزويد هذه الأخيرة بالأسلحة. الآن ثمة تقارير تأتي من داخل سوريا يكتبها صحفيون غربيون، مفادها أن مساحات واسعة من الأراضي سيطرت عليها المعارضة، وأن كميات من الأسلحة باتت تصل إلى مسلحيها. وفي الوقت الذي يسيطر فيه نظام بشار الأسد على المدن الكبرى. ويبقي على حواجز هنا وهناك، فإن المعارضة تهيمن على معظم المناطق الريفية، وهذه الإفادات رصدها "جوزيف هوليدي"، من "معهد دراسة الحرب". الأماكن الواقعة تحت سيطرة المعارضة تمتد من الحدود الشمالية الغربية بين سوريا وتركيا، إلى الطريق السريع الذي يربط بين دمشق وإدلب، وجنوب مدينة حماة. القوات الحكومية حاولت اختراق المنطقة، لكنها تواجه هناك طرقاً مفخخة وصواريخ ورشاشات ثقيلة. وحسب الصحيفة، فإن قوة المعارضة التي تتزايد مع مرور الوقت، هي في واقع الأمر خبر يتعين الترحيب به، كونه يشير إلى أن نظام الأسد غير قادر على استعادة سيطرته بالقوة في المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة. لكن في الوقت نفسه تطرح مشكلات لمن يسعون لحماية سوريا من خطر الفوضى أو الانزلاق في أتون حرب أهلية تناثر شظاياها في البلدان المجاورة. وعلى الرغم من سيطرة المعارضة على المناطق الريفية، فإن سيطرتها على المدن الكبرى كدمشق وغيرها لا تزال بعيدة، وربما تحتاج شهوراً وسنوات. هوليدي المشار إليه آنفاً، يقول إن المعارضة السورية تتكون من 300 مجموعة مسلحة يُقدر عددها بـ40 ألف مسلح، لكن من غير الواضح أن أياً منها قادر على فرض النظام في المناطق التي تقع تحت سيطرتهم، حتى بعد انهيار البنى الحكومية. والنتيجة أن الدولة السورية ستنهار حتى لو واصل نظام الأسد وجيشه والميليشيا الموالية له القتال، وإلى الآن لا يوجد شيء يمكن أن يحل محل النظام السوري. وبعد فشل مهمة بعثة السلام الأممية، تفكر إدارة أوباما في مبادرة تتضمن اتفاقاً دولياً لعملية انتقال تشمل رحيل الأسد عن سوريا وإجراء انتخابات حرة. لكن هذا الاتفاق، لا يعالج الوضع السوري سريع التقلب، والمطلوب الآن، بذل جهد واضح لتشكيل ودعم منظمات المعارضة السورية ومساعدتها على بسط سيطرتها والتواصل معها من أجل تدشين مؤسسات الحكم. وتقول الصحيفة: يتعين على إدارة أوباما أن تسأل نفسها، وأيضاً حلفاءها، حول ما إذا كانت تستطيع تسريع العون العسكري للمعارضة، لأنه كلما طال أمد الحرب، كلما سنحت الفرصة أكثر لنجاح المتطرفين، فالبقاء في وضعية سلبية ليست خياراً، خاصة إذا اتجه نظام الأسد نحو تصعيد عملياته العسكرية ضد المعارضة مستخدماً الطائرات. "ربيع مكسيكي" "هل سنشاهد ربيعاً مكسيكياً؟"...تساؤل عنون به "جليرمو تريجو" مقاله المنشور بـ"لوس أنجلوس تايمز" يوم الأحد الماضي لرصد ما وصفه باحتجاجات طلابية تتصاعد على مواقع التواصل الاجتماعي في المكسيك. تريجو، وهو أستاذ مساعد بجامعة "ديوك" الأميركية، استنتج أن هذه الحركة الشبابية باتت قوة أساسية لما يمكن تسميته بأدوات الرقابة المجتمعية في البلاد. هذه الحركة تؤثر بدرجة واضحة على انتخابات الرئاسة المكسيكية المزمع إجراؤها مطلع يوليو المقبل. ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى جهود مناوئة لرغبة حزب "الثورة الدستوري" في العودة إلى السلطة مرة أخرى، كونه حكم البلاد طوال سبعة عقود، إلى أن مُني بهزيمة في انتخابات عام 2000.الحركة يقودها طلاب من جامعات مكسيكية خاصة مقرها العاصمة، وتهدف إلى منع عودة حزب "الثورة الدستوري"، وتفعيل الديمقراطية في وسائل الإعلام. ومنذ مايو الماضي، انتشرت هذه الحركة بسرعة داخل المكسيك، وبات لها تأثير يمكن قياسه ومرصده، لاسيما بين الناخبين الشباب الذين تصل نسبته إلى 30 في المئة من إجمالي الناخبين، والمستقلين الذين يشكلون ما نسبته 42 في المئة من الناخبين. ويستنتج الكاتب أن هذه الحركة أدت إلى تناقص الفجوة بين مرشح حزب "الثورة الدستوري"، ومنافسه الرئيسي إلى 16 في المئة بعد أن كان الفارق 25 في المئة. إعداد: طه حسيب