"في ولايتي الأولى، قمنا بتمرير إصلاح الرعاية الصحية... وفي ولايتي الثانية، أعتقد أننا سنقوم بتمريره من جديد"... هكذا قال أوباما مازحاً هذا الربيع. والواقع أنه بفضل المحكمة العليا بات بوسع أوباما الآن سحب هذا الموضوع من أجندته، غير أن كبير القضاة "جون دجي. روبرتس جونيور"، ضمن الخميس الماضي أن تظل الرعاية الصحية في محور مواضيع السباق الرئاسي لهذا العام. "الجمهوريون"، الذين يدركون أن الموضوع له صدى كبير بين الناخبين، لا يمكنهم إلا أن يبتهجوا لذلك، ولا سيما أن لا شيء يثير هتافات وتشجيعات المخلصين للحزب الجمهوري مثل الوعد بـ"إلغاء وتفكيك ووقف تمويل قانون أوباما للرعاية الصحية"، مثلما يقول رئيس مجلس النواب جون بونار (الجمهوري عن ولاية أوهايو). وعليه، فإذا كان الكثيرون في الحزب "الجمهوري" قد تمنوا أن تجد المحكمة قانوناً غير دستوري، فإن الإبقاء عليه مطروحاً طيلة الخريف قد تكون له إيجابياته. فعلى الرغم من أن الأميركيين تعجبهم الكثير من الأشياء التي جاء بها قانون أوباما للرعاية الصحية، فإن استطلاعات الرأي تُظهر أن معظم الناخبين يشككون على نحو يمكن تفهمه في قدرة القانون على القيام بكل ما وعد به أوباما: تحسين الرعاية الطبية، وإبطاء زيادة التكاليف، وخفض العجز الفيدرالي بالتوازي مع كل ذلك. ومستغلين مشاعر التشكك هذه، يشن "الجمهوريون" حملة فعالة وممولة بشكل جيد من أجل إثارة المخاوف بشأن كل ما يمكن أن ينحى منحى سيئاً. ولهذا الغرض، تم حتى الآن إنفاق أكثر من 235 مليون دولار على الإعلانات التلفزيونية لوحدها. وقد جلب لنا ذلك إعلانات مثل الإعلان الذي أذاعته منظمة محافظة الشهر الماضي ويظهر فيه الدكتور" آمي سيمز"، وهو طبيب عائلة كاريزمي من أوكلاهوما، وهو يشتكي أمام الكاميرا: "إنني لا أريد أن يتدخل أحد بيني وبين مرضاي – وخصوصاً بيروقراطيي واشنطن)". اليوم وبإصدارها حكمها الذي يرى أن عقوبة القانون الجديد عن عدم شراء تأمين صحي هي ضريبة في الواقع، تكون المحكمة قد منحت "الجمهوريين" خط هجوم جديد: التهمة المتمثلة في أن قانون الرعاية الصحية إنما هو في الواقع طريقة متخفية لتمرير زيادة ضريبية. وعلاوة على ذلك، فإن المعركة حول الرأي العام لم تنته بعد. فعلى الرغم من الهجمات المركزة لـ"الجمهوريين" والدفاع الضعيف من قبل "الديمقراطيين،" فإن مواقف الأميركيين حول القانون، وإنْ كانت سلبية عموماً، فإنها ليست كذلك بأغلبية ساحقة. ففي استطلاع للرأي أجرته "إن. بي. سي. نيوز" و"وول ستريت جورنال" الشهر الماضي، كان القانون في الجانب الخاسر من التأييد الشعبي، بـ41 في المئة مقابل 35 في المئة، بينما لم يحسم 24 في المئة أمرهم بعد – وبالتالي، فإنه لا يمكن الحديث عن نجاح كاسح. وعليه، فإن مستقبل القانون يتوقف الآن بشكل كامل تقريباً على انتخابات نوفمبر المقبل. وفي هذا الإطار، تعهد "ميت رومني" بالعمل على إلغائه منذ يومه الأول في السلطة في حال فوزه، علماً بأن من شأن فوز لـ"رومني"، ربما أن ينتج أغلبيتين "جمهوريتين" في مجلس الشيوخ ومجلس النواب، مما يجعل الإلغاء ممكناً، وإنْ كانت قوانين مجلس الشيوخ التي تنص على 60 صوتاً ستجعل ذلك صعب المنال. وتأسيساً على ما تقدم، فيمكن القول إن "الديمقراطيين" انتصروا فقط في قضية قانونية مهمة، ولكنها كانت مجرد معركة واحدة في حرب طويلة جداً. دويل مكمانوس محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"