ثقة المصارف بالاقتصاد الوطني
في تقرير حديث لـ "مصرف الإمارات المركزي" أوضحت البيانات أن المصارف العاملة في دولة الإمارات قد واصلت توسعها في منح القروض الشخصية خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة الجارية بمعدلات ملفتة للنظر، بما يظهر مدى التنامي الواضح في ثقة هذه المصارف بالأداء الاقتصادي للبلاد، وأن هذه المصارف قد باتت مسيطراً على تعاملاتها بشكل خاص وسياساتها بشكل عام حالة من الطمأنينة والارتياح بشأن مستقبل هذا الأداء، وقد سجل إجمالي القروض الشخصية الممنوحة من قِبل هذه المصارف في نهاية الفترة المذكورة أي نهاية شهر إبريل الماضي مستوى 255 مليار درهم، لتبلغ أعلى مستوى لها منذ نحو 4 سنوات، مسجلة نمواً يقدر بنحو 1.5 في المئة على مدار الفترة.
ويعود هذا النمو في حجم القروض الشخصية الممنوحة من قِبل المصارف العاملة في الدولة الذي يعبّر في حد ذاته عن وجه إيجابي لأداء القطاع المصرفي كله يعود إلى توافر السيولة بمعدلات مطمئنة في مختلف جنبات القطاع كله وانخفاض مستويات الفائدة بين المصارف وبعضها بعضاً، وزيادة حجم الموجودات.
وكان اجتماع هذه المعطيات بعضها مع بعض بمنزلة العامل الأساسي نحو تخفيض تكلفة الحصول على الأموال بالنسبة إلى هذه المصارف، وكان توافر السيولة بهذه المستويات المطمئنة لدى مختلف المصارف بمنزلة شرارة انطلاق التنافس بين هذه المصارف في منح القروض لأكبر عدد ممكن من المستفيدين، من أجل زيادة حصتها من سوق الائتمان الوطنية.
ويبدو من البيانات التي تضمنها تقرير "المصرف المركزي" أن القطاع المصرفي الإماراتي يشهد توسعاً من حيث الحجم خلال الفترة الحالية، وهو ما أوضحه النمو الذي طرأ على عدد مقار وفروع المصارف في الدولة، الذي ارتفع من 1063 مقراً وفرعاً في بداية الفترة إلى 1094 مقراً وفرعاً في نهايتها، بزيادة تقدر بنحو 2.93 في المئة خلال أربعة أشهر، وهي زيادة مطمئنة ومعبّرة عن أن الاقتصاد الوطني الإماراتي يمرّ بمرحلة من النمو والازدهار بما يوفر فرصاً استثمارية جديدة في القطاع المصرفي بما يدفع المؤسسات المالية والمصرفية على التوسّع في حجم نشاطها وافتتاح فروع ومقار جديدة لها لتلبية الطلب المتسع على خدماتها.
إن هذا الأداء والتوسّع في حجم النشاط المصرفي الإماراتي يأتي استمراراً للأداء الذي حققه القطاع خلال الفترات الماضية، والذي كان واضحاً بجلاء في نهاية عام 2011 عندما ارتفعت قيمة موجودات القطاع إلى 456.3 مليار دولار وفقاً لـ "اتحاد المصارف العربية"، بما قُدر في ذلك الحين بنحو 31 في المئة من إجمالي قيمة موجودات القطاع المصرفي الخليجي العربي كله، وعبّر بدوره عن المكانة الرائدة التي يحتلها القطاع على المستوى الإقليمي، وبالإضافة إلى ذلك فقد جاء أداء القطاع المصرفي الوطني خلال الثلث الأول من العام الجاري متسقاً بشكل واضح مع التقويمات التي كان قد حصل عليها في ثنايا مسح ميداني كانت قد أجرته جريدة "البيان" خلال عام 2011 لعينة من مديري المصارف الأجنبية العاملة في الدولة وعدد من موظفيها، والذي أكّدوا حينذاك أن دولة الإمارات تمثل حاضنة آمنة ومثالية لأنشطة المصارف العالمية الكبرى، لما تمتلكه الدولة من رصيد كبير من الفرص الاستثمارية في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، الأمر الذي يفتح الباب أمام فرص تمويلية وائتمانية كبيرة يمكن لتلك المصارف الاستفادة منها، وهو ما لا يتوافر لدى العديد من دول العالم.
ـــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.