مبادرة تعليمية وتربوية مهمة
مكرمة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مجلس أبوظبي للتعليم، التي تقدّم سنوياً للطلاب المتفوّقين في الصفين العاشر والحادي عشر، تعدّ من المبادرات التعليمية والتربوية المهمة، ليس لأنها تستهدف تكريم الطلاب المتفوّقين، وحثّهم على بذل مزيد من الجهد للحفاظ على هذا التفوق في المراحل الدراسية التالية فقط، وإنما لأنها تتيح لهم التواصل مع ثقافات وخبرات معرفية جديدة أيضاً.
ولعل ما يضاعف من أهمية هذه المكرمة، التي توفر برنامجاً تدريبياً صيفياً في الخارج للمتفوّقين من الطلاب والطالبات، من خلال ابتعاثهم إلى عدد من الجامعات والمعاهد العالمية المتخصصة لمدة أربعة أسابيع، أنها لا تركّز على تنمية مهارات تعلم اللغة الإنجليزية فقط، وإنما تسعى أيضاً إلى إكسابهم مهارات في القيادة والاعتماد على النفس، وتعرُّف حضارات الشعوب الأخرى التي سيزورونها وثقافاتها، عن قرب، وفي الوقت ذاته فإن هؤلاء الطلاب سيكونون خير سفراء لمجتمع الإمارات وثقافته وحضارته، الأمر الذي ينعكس بالتأكيد على سلوكيات هؤلاء الطلاب ومظهرهم وتصرّفاتهم خلال فترة هذا البرنامج، حيث تشير خبرات الأعوام الماضية إلى أن هؤلاء الطلاب قدّموا بالفعل صورة إيجابية عن مجتمع الإمارات، وقدرته على التعايش مع مختلف الثقافات.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن المعايير الموضوعية التي تستند إليها هذه المكرمة في اختيار الطلبة المتفوّقين كل عام تقدّم الحافز والدافع لدى الطلاب الآخرين للتفوق، على أمل اختيارهم في الأعوام التالية، فمن ضمن هذه المعايير ألا تقل نسبة التحصيل الدراسي للطالب عن 85 في المئة، وأن يؤخذ في الاعتبار سلوكه وأخلاقياته في المدرسة، وأن تكون له مشاركات بارزة في مختلف الأنشطة والفعاليات المدرسية، وهي معايير تأخذ في اعتبارها القدرات المعرفية للطلاب وكذلك مهاراتهم الشخصية في التواصل الاجتماعي.
ولعل المتابع لهذا البرنامج، الذي يشرف عليه مجلس أبوظبي للتعليم، سيتأكد أنه منذ انطلاقه عام 2006 أصبح أحد المبادرات التعليمية والثقافية المهمة، بدليل تزايد أعداد الملتحقين به من عام إلى آخر، فقد بدأ بـ(60) طالباً فقط إلى أن وصل العدد هذا العام إلى 500 طالب وطالبة، تم ابتعاثهم مؤخراً إلى عدد من المعاهد المتخصصة في المملكة المتحدة وأيرلندا وأستراليا ونيوزيلندا، لمدة أربعة أسابيع. والمؤكد أيضاً أن هذا البرنامج يتّسق مع جوهر الاستراتيجية العامة لـ"مجلس أبوظبي للتعليم"، الذي جعل على رأس أولوياته رعاية المتميّزين والمتفوّقين من الطلاب وتشجيعهم والاهتمام بهم منذ المراحل الدراسية الأولى وحتى تخرجهم في الجامعات والمعاهد العليا، باعتبارهم ثروة وطنية وأن رعايتهم واجب وطني، وباعتبار أن مستقبل هذا الوطن مرتبط بهم أكثر من سواهم.
مكرمة سمو ولي عهد أبوظبي السنوية للطلبة المتفوقين لا تنفصل عن مبادرات سموه المهمة الأخرى لرعاية الطلاب المتفوّقين، كمنحة المتفوّقين من خريجي "جامعة زايد"، الذين يرغبون في استكمال تعليمهم العالي، سواء في جامعات الدولة أو خارجها في أرقى الجامعات العالمية، التي تؤكد في مجملها أن القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تحتفي دوماً بأبنائها المتفوّقين وترعاهم، وتوفّر الإمكانات كافة اللازمة لإطلاق إبداعاتهم وابتكاراتهم في المجالات كافة، وبالشكل الذي يجعلهم بالفعل ركيزة التنمية والتطوّر، والرهان الحقيقي نحو مواصلة التقدم في المستقبل.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية