لماذا عمر؟
ماهو السر في اختيار سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مسلسل رمضاني؟ لماذا إثارة مثل هذه الزوابع والقلق والإصرار على تجسيد شخصية أجمع كل المؤرخين من شرق العالم إلى غربه أنها لن تتكرر أبداً؟
عمر الذي كان الشيطان يسلك فجاً آخر إن رآه ماشياً في فج ما، عمر أعدل أهل الأرض، والذي كان أكثر الصحابة مخافة الظلم والوقوع في أزمات منشأها غياب العدالة... عمر المبشر بالجنة وثاني الخلفاء الراشدين، وهو العَلَم الذي يعتد به أهل السُنة ويعتبرونه من أسباب انتشار الإسلام والفتوحات الإسلامية، والذي أسس لحقبة تاريخية، شهدت أوج تألق انتشار الدين الإسلامي.
ومن الشخص الذي بإمكانه أن يتحمل اسم عمر بن الخطاب؟ ومن هو صاحب الفضل ليقلد عمر؟ رفض الأزهر الشريف تجسيد الصحابة وهو منبر الإسلام الوسطي، بمعنى أن الرفض هنا قادم من مؤسسة متوسطة، لا تنحني نحو التطرف ولا تقبل التهاون، وعليه فإن الأسئلة تراود عن نفسها، ومن بينها: لمصلحة من تثار هذه الفتنة؟
فالتاريخ حافل بالشخصيات التي تستحق التجسيد، ولن يعجز أهل الفن عن الوصول إلى شخصية تستحق الإشارة إليها والإشادة بها وتجسيد سيرتها في مسلسل تلفزيوني.
ورؤوس الفتنة التي يثيرها بعض من يهاجمون أصحاب رسول الله بالإساءة والشتم بمن فيهم عمر بن الخطاب لا يجب أن يرد عليها أو البحث في ما ورائها لأنها هدر للوقت والجهد، ولا يعني أبداً أن نواجههم بمسلسل تلفزيوني قد يسهم في إضرام نار الفتنة وازدياد اشتعالها.
ولعل النيران التي نراها في مواقع التواصل الاجتماعي تدل على حقيقة السجال الذي جاء به المسلسل، لكنني أزعم أنه مهما كان مستواه الفني فإنه ربما يكون سبباً في زراعة شر مستطير لن يخدم إلا أعداء الإسلام.
ولماذا يستكثر علينا البعض أن يكون لدينا شخصيات تاريخية لها هيبتها واحترامها؟ لماذا يدعون أن "التابو" موجود لدينا فقط، وأننا نبالغ في إعلان رفضنا لتجسيد صحابة رسولنا الكريم؟
واذا كان اعتبار الصحابة "تابو"، فانهم بالنسبه لنا كذلك، وأزعم أنه لا ضرورة فعلية مؤثرة لمسلسل مثل هذا.
هناك أسئلة مثيرة للريبة والشكوك في النوايا، وإن لم تكن لكن النتيجة نحصدها اليوم مثل عرض المسلسل ناهيك عن نتائج أخرى بعد العرض، فالأمة غارقة في أزمات لا نهائية...ومشاكل تستدعي تكاتف لعرضها وتحليلها والبحث عن حلول جمعية لها، وقد زاد المسلسل هذه الأزمات، وزاد من اشتعال الفتن وغرس الشقاق حتى بين علماء الأمة أنفسهم، السؤال الأهم: أين هي المصلحة في عرض مسلسل كهذا؟ ولماذا الآن؟ الاستفهامات تزداد... والإجابة تعني المزيد منها.