ثقافة التعايش في الإمارات
احتلت دولة الإمارات، خلال الفترة الأخيرة، المرتبة السادسة عالمياً وفقاً لـ"مؤشر المشاركة الإلكترونيّة"، الذي جاء ضمن التقرير الذي تصدره منظمة الأمم المتحدة تحت عنوان "مسح الحكومة الإلكترونيّة" لعام 2012، ويرتبط هذا المؤشر بشكل مباشر بمستوى التطوّر الذي وصلت إليه دولة الإمارات، خصوصاً في ما يتعلّق بمستوى الجاهزية الإلكترونية للمجتمع، التي تجلّت في العديد من المظاهر، بداية من تطور البنى التحتية والإلكترونيّة على النحو الذي لم يعد من العسير على أيّ متابع أن يرصد آثاره في مختلف جوانب الحياة في الدولة، من خلال مؤشرات انتشار استخدام وسائل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، كمتوسط عدد مستخدمي "الإنترنت" الذي يقدّر بنحو 78 مستخدماً لكل 100 نسمة، متفوقاً على نظيره في الدول المتقدّمة الذي يقدر بنحو 67.5 مستخدم لكل 1000 من السكان، وكذلك مؤشر عدد مشتركي خدمات الهاتف المتحرك، الذي يقدّر بنحو 145 مشتركاً لكل 100 نسمة، في حين أنه لا يتجاوز نحو 117 مشتركاً في الدول المتقدّمة. وإلى جانب ذلك، فإن أداء دولة الإمارات وفقاً لمؤشرات كلّ من متوسط عدد مشتركي الهاتف الثابت، ومتوسط عدد مشتركي خدمات "الإنترنت"، بالإضافة إلى متوسط نصيب الفرد من الطاقة الاستيعابيّة لشبكات "الإنترنت"، يقترب كثيراً من أداء الدول المتقدّمة، ناهيك عن تفوّقه الواضح مقارنة بالمتوسط العالمي من ناحية، وبأداء دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ناحية أخرى.
وإلى جانب أن المرتبة الدوليّة، التي تحتلها دولة الإمارات وفقاً لمؤشر المشاركة الإلكترونية، تعكس بشكل مباشر مستوى الجاهزيّة الإلكترونيّة، فهي تعكس جانباً مهماً وخاصية جوهرية من خصائص المجتمع الإماراتي أيضاً، وهي الانفتاح الثقافيّ الذي يتمتع بها هذا المجتمع، الذي يمكن اعتباره بوتقة تضم بين جنباتها ثقافات متنوّعة يندر توافرها على هذا النحو في كثير من دول العالم، الأمر الذي نتج عنه حالة استثنائيّة من التعايش بين الثقافات في مناخ صحي وسليم وآمن تكفله الدولة، التي أصبحت نتيجة لسياستها هذه بيئة مناسبة ومشجّعة على التلاقي والتعايش والتفاهم بين الثقافات المختلفة والتفاعل مع الثقافات الأخرى، وهي نفسها السياسات التي زرعت في جنبات هذا المجتمع بذور الانفتاح، وشجّعت أفراد المجتمع على اختلاف ثقافاتهم، بل أتاحت لهم الفرصة كاملة للتعامل بانفتاح تامّ مع العالم الخارجي، عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ وغيرها من أساليب الاتصالات وأدواتها، التي أتاحتها التطوّرات التكنولوجية العالمية المتسارعة، ناهيك عن الدور الذي تلعبه وسائل السفر والسياحة والتجارة العالميّة وغير ذلك من قنوات التفاعل ومظاهره مع العالم.
إن المرتبة العالمية المتقدّمة، التي احتلتها دولة الإمارات بين دول العالم المختلفة وفقاً لمؤشرات المشاركة الإلكترونيّة، وتفوقها على العديد من دول العالم المتقدم مثل كندا والنرويج والسويد، ناهيك عن الدول ذات الاقتصادات الصاعدة والنامية التي جاءت جميعها في مراتب متأخرة عن دولة الإمارات، وكذلك احتلال دولة الإمارات المرتبة الأولى عربياً في هذا الشأن، هي في مجموعها مؤشرات إلى مدى التقدّم الذي وصل إليه المجتمع الإماراتي في تعامله وانفتاحه على الثّقافات المختلفة، وإلى أن هذا المجتمع يمثل في الوقت الراهن بيئة مناسبة للحياة الكريمة، وسط مناخ ملائم لتعايش أصحاب الثقافات المختلفة في ما بينهم، ولانفتاحهم وتعاملهم مع العالم الخارجيّ في تناغم تام لا ينتج عنه سوى المزيد من التقارب، والمزيد من التعايش والانفتاح الثقافي.
ـــــــــــــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.