انشقاق يتسع في منطقة "اليورو"... وبشار الأسد يهرب إلى الأمام -------- دورة الألعاب الأولمبية في لندن وعلاقتها بالاقتصاد البريطاني، والمعركة المحتدمة والحاسمة التي تدور في حلب، والانشقاق الحاصل في بنية منظومة دول اليورو، ورحلة رومني الخارجية، موضوعات نسلط عليها الضوء ضمن عرض وجيز للصحافة البريطانية. -------- تدهور المكانة تحت عنوان "ما الذي يقوله الحفل الافتتاحي عن حالة اقتصادنا" كتب "أديتايا شاكرابورتي" في عدد الجارديان يوم الاثنين الماضي مقالاً تناول فيه الحفل الافتتاحي لأولمبياد لندن 2012 محاولًا الربط بين روعة الحفل الذي نال إعجاب العالم، وبين حالة الاقتصاد البريطاني. يقول الكاتب إن الفكرة التي خطرت على ذهنه عندما رأى الحفل وهو من إخراج "داني بويل" الذي سبق له أن فاز بالأوسكار عن فيلم "المليونير المتشرد" هي فكرة تتعلق في الأساس ببلد يحاول التكيف مع ظروف التراجع النسبي في اقتصاده. ويشرح الكاتب ما يقصده من خلال الاستعانة بإحصاءات نشرت الشهر الماضي وأفادت بأن الناتج المحلي الإجمالي البريطاني قد هبط بمقدار0,7% خلال الربيع الماضي وهو ما يمثل استمراراً كارثياً للأداء المتواضع للاقتصاد البريطاني، الذي تشير تقارير المنظمات المالية العالمية إلى أن معدل تعافيه منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وحتى الآن، كان الأقل إقناعاً بين الدول الكبرى، مما جعل من بريطانيا خلال الخمس سنوات المنقضية الدولة الأسوأ أداءً من الناحية الاقتصادية من بين مجموعة الدول الشمالية الغنية حيث قدر الخبراء الاقتصاديون أن اقتصاد بريطانيا كان الثالث من حيث سوء الأداء بعد اقتصاد أيسلندا وإيرلندا، وأن الناتج القومي الإجمالي خلال تلك المدة قد انخفض بنسبة 14 في المئة تقريباً. ويرى الكاتب أن بريطانيا قد سعت من خلال تنظيم الأولمبياد لتحقيق نوع من الرواج الاقتصادي في البلاد يعوض الأموال التي أنفقت ويجلب المزيد من الأموال للبلاد، وأن ذلك تحديداً كان هو رهان وزير الخزانة جورج أوزبورن . ويعتقد الكاتب كذلك أن الانكماش الاقتصادي والدروس التي يمكن استخلاصها منه ليس بالشيء الجديد بالنسبة للبلاد، وأن بعض الخبراء قد استخدموا الأولمبياد كمعيار لإثبات مدى تدني مكانة بريطانيا ومقامها في العالم عبر العقود. فعندما نظمت الأولمبياد لأول مرة عام 1908 كانت أعظم قوة في العالم وبحلول منتصف القرن وتحديداً عام 1948 عندما نظمت الأولمبياد بعد توقف دام 12 عاماً بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية كانت قد تحولت إلى دولة يعاني اقتصادها أشد المعاناة واحتل مكانة متأخرة وسط اقتصادات دول أوروبا الممزقة بالحرب. وعندما نظمت الأولمبياد الحالي 2012 كانت بريطانيا قد أصبحت الدولة صاحبة الاقتصاد الأكثر تدهوراً في شمال أوروبا، وباتت مجرد دولة تحاول "إنعاش اقتصادها من خلال أولمبياد" مثلها في ذلك مثل أية دولة عادية. معركة حلب "رئيس بالاسم فقط: الأسد يحاول كسب الوقت" هكذا عنون ديفيد بلير مقاله المنشور يوم الاثنين الماضي في "التلغراف" الذي يقول فيه إن القمع الوحشي كان هو الخيار الذي تبناه الأسد منذ أن بدأت الانتفاضة على حكمه قبل ستة عشر شهراً، حيث لم يتورع في سبيل سحق الاحتجاجات -التي تحولت إلى ثورة، ثم إلى انتفاضة شاملة- عن استخدام الدبابات والأسلحة الثقيلة وقصف المدن والأحياء التي يعتقد أنها تؤوي ثواراً، وكأنه يخوض حرباً ضد دولة أخرى. وبقمعه الوحشي هذا فإن الأسد في نظر الكاتب لم يعد رئيساً لشعبه لأنه ليس هناك رئيس يقوم بقصف مدنه بمدافع الدبابات والمروحيات. ويرى الكاتب أن الأسد قد تمادى في العنف بحيث لم يعد قادراً على التوقف بل يمكن القول إنه لا يفكر فيه وليس أمامه سوى الهروب إلى الأمام. ويمضي الكاتب قائلاً إن كافة الدلائل تشير إلى أن النظام سيخوض معركته الأخيرة للحيلولة دون سقوط دمشق وحلب في أيدي من يطلق عليهم "الإرهابيين" لأنه يعرف جيداً أن خسارتهما تعني نهايته. ولذلك فإن استراتيجيته تقوم على التشبث بالسيطرة على المدينتين وحماية الطريق الدولي الواصل بينهما. وهذه الاستراتيجية قد تمكن الأسد -كما يرى الكاتب- من تأخير موعد سقوطه النهائي من خلال اللعب على عنصر الوقت، غير أن الأمر المؤكد هو أنه حتى لو نجح في إطالة أمد نظامه إلا أن نهايته محتومة في آخر المطاف. مرحلة حاسمة "الشقاق يتزايد بين ناخبي أوروبا" اختارت "التلغراف" هذا العنوان لافتتاحية بدأتها بالإشارة إلى التصريح الذي أدلى به "جان- كلود جانكر" رئيس منظمة "أورو جروب" التي تضم وزراء مالية دول منطقة اليورو، وقال فيه إن العملة الموحدة قد وصلت إلى "مرحلة حاسمة". وترى الصحيفة أن هذا التصريح يدعو للسخرية في الحقيقة، لأنه لا يقال لأول مرة بل قيل خلال السنوات الثلاث الماضية منذ الأزمة المالية بصيغ متعددة كلها تفيد أن العملة الموحدة قد وصلت إلى "مرحلة حاسمة" وهو ما رسخ في أذهان كثير من المتابعين لمصير اليورو أن المسؤولين الماليين في المنظومة، يتعمدون المبالغة في تصوير المسألة في حين أن الأمر ليس على هذه الدرجة من السوء، بدليل استمرار العمل بالعملة الموحدة حتى الآن. ومع ذلك ترى الصحيفة أن الوضع الآن قد بات بالفعل حرجاً إلى درجة كبيرة، بسبب المصاعب المالية التي يواجهها عدد من الدول ذات الاقتصادات الأكثر هشاشة، وعدم رغبة الدول الأكثر ثراء في تقديم المساعدة أو الاستمرار في تقديم المعونات التي تطلب منها، والتي باتت تشكل عبئاً على اقتصاداتها. وتمضي الصحيفة فتقول إن زيادة الضغط على ألمانيا على وجه التحديد لحل المشكلات التي تعاني منها الدول المعسرة قد جعل الألمان متذمرين، كما يشير إلى ذلك استطلاع رأي أجرى فيها الأسبوع الماضي. فقد بين ذلك الاستطلاع أن الغالبية العظمى من الشعب الألماني تريد العودة إلى عملتها "المارك" الألماني مرة أخرى، وأن 51 في المئة ممن استطلعت آراؤهم، يعتقدون أن اقتصاد بلادهم سيكون أفضل حالاً إذا ما خرجوا من منظومة العملة الموحدة التي تضم 17 دولة. وأشارت الصحيفة إلى استطلاع رأي آخر كان قد أجري قبل هذا الأخير كشف أن الغالبية العظمى من الألمان الذين استطلعت آراؤهم يرفضون أن تسلم برلين جزءاً معتبراً من سيادتها الاقتصادية لبروكسل على اعتبار أن ذلك هو الوسيلة الوحيدة والأكثر ضماناً لاحتواء أزمة اليورو. وتنتهي الصحيفة إلى أنه إذا كان ذلك هو موقف شعب الدولة التي اضطلعت بتقديم الجزء الأكبر من المساعدات اللازمة لإخراج اليونان وغيرها من أزمتها الاقتصادية، فإن هذا يدل على وجود شرخ عميق في بنية منظومة اليورو، وخصوصاً أن هناك شعوبا أخرى في دول الشمال الأكثر ثراء ترى هذا الرأي نفسه. والمشكلة حسب رأيها تكمن في أن السياسيين لا يفعلون شيئاً لمعالجة السخط الذي تشعر به كتلهم الناخبة -تجاه منظومة اليورو وهو تجاهل سيندمون عليه كثيراً في المستقبل، كما تقول. تكتيكات انتخابية عنونت الإندبندنت افتتاحية لها تناولت فيها جولة المرشح الجمهوري ميت رومني بعبارة مليئة بالمعاني: "ميت رومني: هناك الكثير مما يتعين عليه تعلمه"! مؤكدة أن الجولة تؤشر من خلال البلدان التي اختار زيارتها إلى أنه يهدف إلى ترسيخ الصورة السلبية التي ترسبت لدى البعض عن أوباما وهي أنه رئيس ليس لديه أدنى مانع من التخلي عن حلفائه الوثيقين. كما يهدف رومني أيضاً من خلال هذه الزيارة لتقديم أوراق اعتماده في السياسة الخارجية باعتباره صديقاً أكثر حميمية تجاه حلفائه. بيد أن الصحيفة تلاحظ مع ذلك أن رومني قد بالغ في محاولة المزايدة على مواقف إدارة أوباما من خلال التشدد في تصريحاته تجاه الصين وخصوصاً فيما يتعلق بسياستها الخاصة بالعملة وأيضاً تجاه روسيا التي اتخذ موقفاً متشدداً حيالها فيما يتعلق بمعاهدة الحد من الأسلحة الموقعة معها. وهذا الأسلوب، في نظر الصحيفة، وتلك التصريحات قد تفيد في تحسين صورة المرشح في أثناء حملة انتخابية، ولكنها تختلف تماماً عما يجب أن يقوله عندما يصبح رئيساً، وهي حقيقة يتوجب على رومني أن يدركها منذ الآن، فلا يحاول التقدم بوعود قد لا يتمكن من تحقيقها عندما يدخل البيت الأبيض. إعداد: سعيد كامل