في إفريقيا..بكين ترد على كلينتون
هاجمت وسائل الإعلام الصينية الرسمية، يوم الجمعة الماضي، وزيرة الخارجية الأميركية "هيلاري كلينتون" بعد أن حذرت القادة الأفارقة من التعاون مع الدول التي تريد استغلال موارد القارة. ففي زيارة تهدف لتعزيز الاستقرار السياسي قامت بها إلى دول أفريقيا جنوب الصحراء هذا الأسبوع، أدلت الوزيرة الأميركية بتصريح قالت فيه إن الولايات المتحدة ستدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، حتى في تلك الأوقات التي قد يكون من الأيسر، والأربح فيها، التغاضي عن ذلك، للمحافظة على استمرار تدفق الموارد.
وقالت كلينتون في كلمة ألقتها في السنغال، ومن دون أن تذكر اسم الصين صراحة: "وليس معنى هذا أن الشركاء كلهم يفضلون هذا الاختيار، ولكن هذا ما نفعله وما سنفعله".
ولكن "المغزى الذي أرادت كلينتون توصيله من خلال التلميح إلى أن الصين تستخرج ثروات أفريقيا من أجل نفسها بعيد تماماً عن الحقيقة" كان هذا ما جاء في تعليق نشرته وكالة "شينخوا" الصينية الرسمية للأنباء يوم الجمعة الماضي. وقالت الوكالة أيضاً إن كلمات كلينتون تمثل "محاولات رخيصة" وهي جزء من "مؤامرة تهدف لغرس بذور الشقاق بين أفريقيا والصين".
وتأتي زيارة كلينتون إلى أفريقيا في وقت تواصل فيه الصين تحقيق نفوذ متعاظم في عدد من الأسواق الأفريقية المهمة التي تحتوي على مخزون ضخم ومغرٍ من الموارد الطبيعية في بعض من أسرع بلدان العالم نمواً.
وفي الوقت الذي كشف فيه أوباما النقاب عن استراتيجية جديدة للولايات المتحدة في أفريقيا في شهر يونيو الماضي تركز على الديمقراطية، والنمو الاقتصادي، والأمن، والتنمية، وعدت الصين الشهر الماضي بتخصيص قروض تصل إلى 20 مليار دولار للبلدان الأفريقية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.
يشار إلى أن الصين التي نجحت في زيادة حجم التجارة بينها وبين أفريقيا إلى 166 مليار دولار العام الماضي، قد تخطت بالفعل الولايات المتحدة في وضعها كأكبر شريك تجاري مع أفريقيا منذ ثلاث سنوات من الآن.
"هناك شعور عام بأن النفوذ الصيني يطغى على النفوذ الأميركي في أفريقيا". هذا ما يقوله "كومفورت إيرو" مدير برنامج أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، مشيراً إلى زيارة قامت بها كلينتون لأفريقيا العام الماضي: "هذه هي محاولتها الكبيرة الثانية لبيع الخلافات بين الولايات المتحدة والصين بطريقة إيجابية". من خلال التلميح إلى أن الولايات المتحدة تضع مصالح أفريقيا في جوهر اهتمامها، وأنها معنية بالفعل بالتقدم في مجال الديمقراطية في حين أن الصين مهتمة فقط بانتزاع الثروات.
وكلينتون التي رافقها وفد كبير من رجال الأعمال في زياراتها للقارة الأفريقية التي اشتملت على توقفات في السنغال، وأوغندا، وجنوب السودان، وكينيا، ومالاوي، وجنوب أفريقيا، وغانا، حرصت أثناء تلك التوقفات على التأكيد على الإمكانيات الاقتصادية الهائلة للقارة.
وقالت كلينتون في الكلمة التي ألقتها في السنغال "نحن في الولايات المتحدة نؤمن بأنه إذا ما أردت أن تنجز استثماراً جيداً في ظروف الاقتصاد العالمي الصعبة الحالية، فعليك الذهاب إلى أفريقيا".
وعلى رغم أن كلينتون قد أعربت عن تخوفاتها من "تراجع" القارة عن الديمقراطية، إلا أن علاقتها الوثيقة مع الرئيس الأوغندي "يويري موسيفيني" الذي يشكل جيشه الجزء الأكبر من قوة الاتحاد الأفريقي الممولة أميركياً، التي تقاتل الإسلاميين في الصومال، والذي رفض التنحي عن منصبه، قد لقيت انتقادات عديدة.
وكان من بين من وجهوا تلك الانتقادات "دانيل كاليناكي" مدير تحرير صحيفة "أوغندا ديلي مونيتور" الذي كتب مقالاً قال فيه إن تركيز الولايات المتحدة على الحكومات "غير متسق ويقوم على المصلحة". وأضاف "كاليناكي" بعد الانفجارات التي وقعت في أوغندا عامي 2010 وتم تنفيذها من قبل المقاتلين الإسلاميين الصوماليين المرتبطين بـالقاعدة تغير فجأة كل الكلام الذي كان يقال من قبل الولايات المتحدة عن الديمقراطية وتم استبداله بكلام آخر عن الأمن الإقليمي والصومال".
--------
كاترينا مانسون
كاتبة ومحللة سياسية أميركية
--------
ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"