نظرة شاردة في الأفق البعيد وأخرى ترنو إلى الواقع الماثل وما يخالطه من مآس وأوجاع لم تفارق الصومال منذ نحو ربع قرن. فهذا الطفل اللاجئ الصومالي، يقف متأملا في حال المخيم الذي خصصته إحدى المنظمات الدولية لإيواء آلاف النازحين قرب مقديشو، وكيف أصبح وقد غمرته مياه الأمطار التي هطلت خلال الأيام الماضية الأخيرة على الصومال. لا وجود لشبكة تصريف مياه الأمطار في هذا المخيم، فهو يفتقر إلى مرافق أكثرَ أهمية من تلك، لاسيما أن الصومال عانى من جفاف ما حق خلال السنة الجارية. وقد تضافرت مع موجة الجفاف موجةٌ أخرى من الحرب الأهلية. فهذا الطفل نفسه هو أحد ضحايا أحدث جولة في تلك الحرب، وقد دفعت به مع أسرته من بيتهم في مقديشو إلى هذا المخيم، هرباً من المعارك بين القوات الحكومية مدعومة بقوات حفظ السلام الإفريقية من جهة، و مقاتلي حركة "شباب المجاهدين" من جهة أخرى. لقد انكسرت شوكت "الشباب"، وتساقط أول الغيث، كما مثّل التوافق على الدستور الجديد للصومال بارقةَ أمل جديد في استعادة السلام وإنهاء سنوات التيه بين فصول الحرب والنزوح والدمار والقتل... لكنه أملٌ تستشرفه نظرات حيرى وشاردة!