"مصدر" تؤكد ريادتها
تحمل مدينة "مصدر" الإماراتية رمزية عالمية كبيرة من حيث المضمون والقيمة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة، وهو المجال الذي يعدّ أحد أكثر المجالات ابتكاراً وتطوّراً في العالم خلال المرحلة الراهنة، كما تمثل مدينة "مصدر" "أيقونة" عالمية في عصر التحول إلى ما يسمى "طاقة المستقبل"، فهي المدينة الأولى في العالم التي تعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية في تلبية احتياجاتها من الطاقة، ولذلك فإن هذه المدينة تحوز اهتمام المتخصصين والباحثين والأكاديميين والمؤسسات الدولية، وتعدّ تجربة تتطلع العديد من دول العالم إلى الاطلاع والتعرف عليها والاستفادة منها.
ومنذ أن خرجت مدينة "مصدر" إلى النور وهي تواظب على السبق العالمي في مجالها، فبعد أن أصبحت هذه المدينة هي الأولى في العالم في الاعتماد على الطاقة الشمسية بشكل كلي، فقد كان لها السبق أيضاً في التنافس في استضافة المقر الدائم لـ"الوكالة الدولية للطاقة المتجددة" (إيرينا)، فأصبحت بفضل ذلك مستودعاً للأفكار وغرفةً للعمليات لصياغة السياسات العالمية في مجالها. ولعل امتلاك دولة الإمارات مثل هذه المدينة هو أحد العوامل المهمة التي حسمت التنافس في استضافة مقر الوكالة لمصلحتها.
وتحاول مدينة "مصدر" المحافظة على هذه المكانة باستمرار، لتظل منصة عالمية لإطلاق المبادرات الجديدة في مجال الطاقة المتجددة. وفي هذا الإطار فقد شهدت المدينة في الأيام الماضية تركيب أول محطة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للشحن السريع لبطاريات السيارات الكهربائية، وكان ذلك بالتعاون مع شركة "ميتسوبيشي" المتخصصة في الصناعات الثقيلة. وتمثل هذه المحطة نقلة نوعية في مجال شحن السيارات الكهربائية، ففي الوقت الذي كانت تستغرق فيه عملية الشحن هذه نحو 6 ساعات بالاعتماد على الأساليب التقليدية، فإن المحطة الجديدة كفيلة بإنهاء نحو 80 في المئة من عملية الشحن في نحو نصف الساعة، ما يعني أن عملية الشحن ستستغرق، وفقاً للطريقة الجديدة، ما يزيد قليلاً على 10 في المئة من الوقت الإجمالي لعملية الشحن في السابق.
إن اختيار مدينة "مصدر" لتكون منصة لهذا الحدث الفريد إلى جانب أنه اعتراف بأهمية المدينة وتميز موقعها على خريطة الطاقة المتجددة في العالم، فهو يمثل إضافة جديدة إلى رصيد التميز الذي تمتلكه المدينة خصوصاً ودولة الإمارات عموماً، ودورها الذي يعد من أهم الأدوار القائدة لمسيرة التحول العالمي إلى عصر الطاقة المتجددة، فإطلاق محطة الشحن الجديدة سيمثل تقدماً مهماً في استخدام السيارات الكهربائية، ونقلة مهمة على صعيد الاعتماد عليها في الحياة اليومية للمواطنين، ومن ثم المساعدة على انتشارها في المستقبل القريب، بعد أن عانت طول السنوات الماضية عيباً جوهرياً في ما يتعلق باحتياجها إلى الشحن على فترات متقاربة، واستغراق عملية الشحن فترات طويلة، ما جعل الاعتماد عليها من الأمور المحفوفة بالمشقة، فقد كان المستخدمون يضطرون إلى التوقف لفترات طويلة في أثناء سفرهم من أجل شحن بطاريات سياراتهم.
لكن إطلاق محطة الشحن الجديدة من مدينة "مصدر" سيكون بمنزلة النقلة النوعية في هذا المجال، وستمثل "مصدر" من خلالها نقطة تحول ليس في ما يتعلق بالسيارات الكهربائية فقط، ولكن بالنسبة لجميع وسائل النقل المعتمدة على الطاقة الكهربائية أيضاً، وبداية لمرحلة جديدة في مسيرة تطوير وسائل النقل المستدام، كواحدة من أدوات عصر التحول إلى طاقة المستقبل.