مؤتمر طهران... ما الجدوى؟
على وقع القصف الصاروخي للمدن السورية عقدت إيران مؤتمراً دولياً في طهران للتشاور حول الأزمة السورية الخميس الماضي، وكانت طهران قد أعلنت أنها ستدعو الدول ذات الموقف الواقعي من الأزمة السورية، ولم تدع إيران إلى هذا الاجتماع البلدان الغربية وبعض الدول العربية التي تتهمها طهران بتقديم دعم عسكري للمعارضين المسلحين. حضر الاجتماع وزراء خارجية العراق وباكستان وزيمبابوي، وكذلك حضرت كل من أفغانستان والجزائر وأرمينيا وبنين وبيلاروسيا والصين وكوبا والإكوادور وجورجيا والهند وإندونيسيا والأردن وكازاخستان وقرغيزستان والمالديف وموريتانيا ونيكاراغوا وسلطنة عمان وروسيا وسريلانكا والسودان وطاجيكستان وتونس وتركمانستان وفنزويلا، بتمثيل دبلوماسي أدنى ومثـّل أغلبها سفراؤها في طهران. فيما رفضت كل من الكويت ولبنان المشاركة، وكان وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي قد صرح بأن "طهران تحاول إحياء خطة السلام" العربية والدولية، مؤكداً "رغبة إيران إنهاء العنف في أقرب فرصة في سوريا". ماذا تريد طهران من المؤتمر؟ وإلى ماذا تهدف من طرح فكرة الحوار الوطني السوري، وهل هي جادة فعلاً؟
بدأت طهران بحملة إقليمية للتحشيد لهذا المؤتمر حيث زار وفد إيراني رفيع المستوى عدداً من الدول الإقليمية شملت سوريا ولبنان والعراق، وكذلك تركيا ومصر، بهدف التوصل إلى "حوار سوري وطني" بين حكومة الأسد وأطراف المعارضة. وقد اجتمع الوفد الإيراني مع الرئيس السوري في دمشق حيث أكد أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني سعيد جليلي دعم إيران للنظام السوري، وقال إن طهران "لن تسمح أبداً لمحور الممانعة أن يتفتت"، فيما قال الرئيس السوري أثناء الاجتماع إن "الشعب السوري وحكومته مصممون على تطهير البلاد من الإرهابيين ومحاربة الإرهاب دون هوادة".
وقد دعا وزير الخارجية الإيراني في افتتاحه للمؤتمر إلى "حوار وطني بين المعارضة والحكومة السورية من أجل إحلال الهدوء والأمن" في البلد المضطرب، مضيفاً أن إيران على استعداد لاستضافة مثل هذا الحوار. ولكن الحضور الدبلوماسي المتواضع للمؤتمر أظهر حجم التوقعات والنتائج المأمولة منه، فإيران تدعو إلى وقف إطلاق النار والبدء بحوار وطني بين الحكومة والمعارضة ولكنها تقف إلى جانب الأسد، كما ظلت طهران ومنذ بدء الأزمة قبل سبعة عشر شهراً تدعم توصيف دمشق للمتمردين بأنهم "إرهابيون" مدعومون من الخارج، فإيران تقدم نفسها كوسيط بين الحكومة السورية والمعارضة على رغم انحيازها الصارخ للنظام السوري ودعمها اللوجستي للنظام في حربه. ففي دمشق طالب جليلي بـ"وقف التدخل في الشؤون السورية"، ودعا الدول التي ترسل السلاح إلى التوقف عن ذلك واعتبرها "شريكة في سفك الدم السوري".
ورغم قبول أميركي أوروبي غير معلن للدور الإقليمي الإيراني في المنطقة، فواشنطن على رغم ضجيج التصريحات حول النووي الإيراني لا تمانع النزعة الإيرانية للهيمنة الإقليمية، ولم تمانع النفوذ الإيراني في العراق. والصين وروسيا من ناحيتهما تقران بالدور الإقليمي الإيراني وبالمصالح الإيرانية في المنطقة وتدعمان المحور الإيراني، وسيبقى التنسيق الإيراني عالي المستوى مع المحور الصيني الروسي في الملف السوري وكافة الملفات الإقليمية والدولية ما دامت طهران تتعاون مع العاصمتين في مختلف المجالات. ومن الواضح أن طهران أرادت من مؤتمرها أن تؤكد على أنها لاعب إقليمي مهم وأن لها نفوذاً في سوريا.
ومع استمرار شلال الدماء وأصوات المدافع تقصف المدن السورية يصبح الحديث عن حل سلمي للأزمة حلماً بعيد المنال، يعلم الجميع من حضر ومن لم يحضر، من دعي ومن لم يدعَ بأن لا فائدة ترتجى من مؤتمر طهران، ومن الطريف أن تتبنى طهران الحديث عن حوار وطني وعن رفض التدخل الخارجي في الأزمة السورية وهي جزء من الأزمة السورية. وعلى رغم الإقرار بالدور الإقليمي الإيراني إلا أنه لا يمكن صناعة حل إيراني للازمة السورية؟