أُطلِقت "الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي" كبرنامج عمل لتحقيق التنمية المستدامة في الإمارة، وبناء قاعدة متينة للاقتصاد المحلي، تمكّنه من مواصلة النمو بمعدّلات مطمئنة وتساعده على توفير أفضل الظروف المعيشية لسكان الإمارة. وقد بُنِيَت هذه الاستراتيجية على عدد من محاور العمل الرئيسة، جاء تنويع مصادر الدخل بعيداً عن القطاع النفطي في مقدّمتها، باعتبار أن هذا التنويع هو الوسيلة المثلى لبناء تلك القاعدة المتينة، وباعتباره يمثل طوقاً للنجاة بالنسبة للاقتصاد المحلي في مواجهة أي أزمات محتملة، سواء على المستوى المحلي أو المستوى الإقليمي أو المستوى العالمي. ويعد قطاع التجارة غير النفطية بشقيه الداخلي والخارجي من أهم القطاعات التي يعول عليها لإنجاز أهداف التنويع الاقتصادي في الإمارة، وهو أيضاً من القطاعات التي تتبناها الإمارة في رؤيتها المذكورة للوصول إلى تلك الأهداف. وقد استطاع هذا القطاع خلال السنوات الماضية أن يثبت أنه قادر بالفعل على القيام بالدور المنوط به، حيث شهدت التجارة الخارجية للإمارة نمواً مطرداً خلال السنوات الماضية، وفاقت في نموها ذلك النمو الذي حققته التجارة العالمية بشكل عام، ولم يخرج أداء هذا القطاع في عام 2011 عن هذا السياق الإيجابي، فقد زادت التجارة الخارجية غير النفطية للإمارة فيه بنحو 28 في المئة مقارنةً بمستواها في العام الذي سبقه، مسجلةً نحو 139.4 مليار درهم، بزيادة تقدر قيمتها المطلقة بنحو 30.3 مليار درهم. كانت الواردات هي المكون الأكبر من مكونات التجارة الخارجية غير النفطية للإمارة من حيث معدل النمو الذي طرأ عليها في عام 2011، حيث سجلت زيادة مقدارها 34.4 في المئة، وتحمل هذه الزيادة الكبيرة عدداً من الدلالات المهمة بالنسبة للاقتصاد المحلي لإمارة أبوظبي، فهي بدايةً تمثل دليلاً على أن الأسواق المحلية في الإمارة تمر بمرحلة من النمو والازدهار في الوقت الحالي، وأن الطلب المحلي على السلع المختلفة ينمو بشكل متسارع، في إشارة واضحة إلى أن اقتصاد الإمارة لديه طاقة وقدرة ذاتية على النمو، تدفعه لاستهلاك المزيد من السلع والبضائع، سواء كانت سلعاً نهائية أو مدخلات للإنتاج، ويمثل النمو في الطلب على هذه السلع في مجملها الوجه الآخر للنمو الاقتصادي الذي تعيشه الإمارة في الوقت الحالي. كما أن هذا النمو الواضح في قيمة سلع الاستيراد في اقتصاد إمارة أبوظبي يحمل في جزء منه دلالة إيجابية مهمة، حيث إن جزءاً مهماً من هذا النمو يعود إلى زيادة الطلب على السلع الرأسمالية ومدخلات الإنتاج ومواد البناء التي تحتاجها المشروعات التنموية الكبرى، لاسيما تلك المشروعات التي تنفذها الإمارة في قطاعات البنى التحتية والسياحة والطاقة المتجددة بهدف تحفيز الاقتصاد المحلي على النمو، وإكسابه المزيد من الديناميكية، بما يمكنه من محاصرة التداعيات المتوالية لـ"الأزمة المالية العالمية" ولأزمة المديونية الحكومية في منطقة اليورو، وهي التداعيات التي باتت تمثل عبئاً ثقيلاً على أكتاف الاقتصاد العالمي، وأصبحت تقف حجر عثرة على طريقه نحو التعافي. وإلى جانب ذلك فإن تنامي الواردات على هذا النحو يمثل في جزء منه أيضاً تلبيةً لنمو الطلب على السلع الاستهلاكية في الأسواق المحلية كنتاج لتحسن مستويات معيشة السكان في الإمارة، وهو ما يمكن ربطه من زاوية أخرى بالمكانة التي باتت تحتلها الإمارة كوجهة مفضلة للعيش سواء على المستوى الإقليمي أو المستوى العالمي، وهو ما أكدته العديد من التقارير الدولية المتخصصة خلال الفترات الأخيرة. ـــــــــــــــــــــــ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية