الدعم المتواصل للمشروعات الصغيرة
تبذل دولة الإمارات جهوداً كبيرة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها، من منطق وعيها بأن هذه المشروعات هي مكوّن جوهريّ من مكوّنات الاقتصاد الوطني، وقد عملت الإمارات على مدار السنوات الماضية على تذليل العقبات أمام هذه المشروعات من أجل تمكينها من أداء دورها المحوري في الاقتصاد الوطني، فأنشأت عدداً من الصناديق المتخصّصة في تمويلها، كـ"صندوق خليفة لتطوير المشاريع" و"مؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة" وغيرها، فاستطاعت هذه الصناديق أن توفر التمويل اللازم لدعم المشروعات القائمة من ناحية، وتشجيع الراغبين من المستثمرين الصغار على تأسيس مشروعات جديدة من ناحية أخرى، ولعلها بذلك قد أزالت عقبة التمويل التي كانت تمثل في السابق أهم عقبة تحول دون تقدّم هذه المشروعات، وقد ألحقت بهذه الصناديق إدارات متخصصة لتقديم الدعم الفني والإداري وخدمات التدريب لتلك المشروعات، وكان لذلك إسهام كبير في تنمية القدرات الفنية والإدارية للقائمين على هذه المشروعات، وساعد فئة كبيرة من الروّاد الجدد على المضي قدماً في مشروعاتهم من دون مواجهة أي مشكلات في هذا الشأن.
وبالتوازي مع ذلك فقد دأبت دولة الإمارات، سواء على المستوى الاتحادي أو على المستوى المحلي في كل إمارة، على تنظيم المعارض المتخصصة كمنصّة لترويج منتجات هذه المشروعات الصغيرة، لتمكينها من الوصول إلى المستهلكين من أقصر الطرق، وكذلك فقد حرصت الدولة على إقامة أجنحة متخصصة في عرض منتجات هذه المشروعات على هامش المعارض والفعاليات التجارية والتسويقية الكبرى، سواء التي يتمّ تنظيمها على أرض الوطن، أو تلك التي يتم تنظيمها في دول أخرى، وبخلاف ذلك فإن البرامج التدريبية التي تنظّمها المؤسسات المتخصصة في الدولة تحتوي بدورها على مكوّن تسويقي، من أجل إكساب أصحاب هذه المشروعات والعاملين فيها المهارات اللازمة لتسويق منتجاتهم وترويجها.
ومع أهمية الجهود التي بذلت خلال الفترة الماضية والنجاحات الملموسة التي حققتها، فإن المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الدولة ما زالت تواجه بعض العقبات والمشكلات، وقد عبّر عن ذلك عدد من أصحاب هذه المشروعات في مسح نشرته جريدة "الإمارات اليوم" مؤخراً، عندما قالوا إنهم يعانون عدم القدرة على تسويق منتجات مشروعاتهم في السوق المحلية، وهو ما ردّوه، من وجهة نظرهم، إلى المنافسة الشديدة من قِبل المنتجات المستوردة، وعدم كفاية الدعم التسويقي والترويجي المقدّم إلى المشروعات، وبالطبع يعود جزء مهم من ذلك إلى ضعف الثقافة التسويقية لدى أصحاب المشروعات أنفسهم، خصوصاً في ما يتعلّق بطرق التعرف على أذواق المستهلكين، وأهمية الموازنة بين اعتبارات الربحية واعتبارات رضا العملاء، وغيرها من التحدّيات التي تقف في وجههم في هذا الشأن، ولعل تجدّد هذه المطالبات من قِبل أصحاب هذه الأعمال الصغيرة والمتوسطة يؤكد أن دعمها وتذليل العقبات التي تعوق خطواتها، هو من المهام ذات الطبيعة المستمرة والمتواصلة من أجل تمكينها وتعزيز موقعها على خريطة الاقتصاد الوطني وجعلها رافداً مهماً من روافد التنمية الشاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة في ظل التجارب العالمية المهمة في هذا الشأن، والتي تؤكد الدور الحيوي والإيجابي الذي يمكن أن تلعبه مثل هذه المشروعات على المستوى الاقتصادي والتنموي.
ـــــــــــــــــ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية.