زيارة أولاند تدعم «المهمة المالية»... وتفاقم الأزمة السياسية المصرية زيارة الرئيس الفرنسي يوم أمس إلى جمهورية مالي التي تنخرط قواته في مهمة طرد الجماعات الإرهابية من إقليمها الشمالي، وتحديات المصالحة السياسية الداخلية ما بعد إنجاز المهمة العسكرية في تلك الدولة، واستمرار حالة الاحتقان والتجاذب السياسي في مصر، ثلاثة موضوعات استقطبت اهتمام الصحافة الفرنسية. أولاند في مالي ضمن تغطياتها الموسعة للزيارة التي أداها الرئيس فرانسوا أولاند إلى جمهورية مالي يوم أمس السبت اعتبرت صحيفة لوموند أن هذه اللحظة تبدو مناسبة تماماً لحضور الرئيس الفرنسي إلى تلك الدولة الواقعة في غرب إفريقيا، والتي تخوض فيها وحدات من الجيش الفرنسي مواجهات مسلحة منذ ثلاثة أسابيع تكللت بطرد الجماعات الإرهابية التي كانت تسيطر على الجزء الشمالي من أراضي البلاد. وقد استقبل الرئيس المالي بالإنابة ديوكوندا ترواري نظيره الفرنسي في بلدة "سافاري" بوسط مالي، التي اندلعت المواجهات أصلاً بعد محاولات الجماعات المسلحة المتطرفة السيطرة عليها بعد استيلائها السريع على بلدة "كونا" القريبة منها. وقد رافق أولاند في هذا السفر ثلاثة أعضاء من حكومته هم وزراء الخارجية والدفاع والتنمية. وإلى جانب البلدة المذكورة زار أولاند أيضاً العاصمة المالية باماكو ومدينة تومبكتو التاريخية، وذلك من أجل توجيه الدعوة إلى الدول الأفريقية لكي تتحمل مسؤولياتها وتتولى مهمة دعم القوات المالية، بدلاً من فرنسا. ونقلت الصحيفة عن الرئيس الفرنسي قوله "إنني ذاهب إلى مالي من أجل دعم إقامة حوار سياسي لكي تتمكن تلك البلاد، بعد طرد الإرهابيين، من استعادة أجواء الاستقرار والتفاهم". وعندما سئل يوم الجمعة الماضي عن تصوره للموعد الذي سيمكن فيه تخفيض عدد الجنود الفرنسيين المنخرطين في العملية العسكرية الجارية في مالي، أجاب أولاند "سأقول لكم ذلك غداً". وضمن جدول زيارة أولاند ونظيره المالي إلى مدينة تومبكتو التاريخية خاصة تأتي مهمة تفقد الجنود الفرنسيين والماليين الموجودين هناك، وكذلك زيارة مسجد المدينة الكبير، وتفقد مركز أحمد بابا للمخطوطات الذي تردد أن المتطرفين الإسلاميين أحرقوا فيه قبل هروبهم بعض المخطوطات الإسلامية الثمينة. وتعتقد الحكومة الفرنسية أن تدخلها العسكري في شمال مالي قد نجح وحقق أهدافه حتى الآن، ولكن مرحلة جديدة تنفتح اليوم أيضاً، وهي ضرورة ملاحقة والبحث عن الإرهابيين الذين انسحبوا بصفة تكتيكية إلى مخابئهم في المناطق الصحراوية البعيدة. وفي هذا المقام صرح الرئيس المالي نفسه بأنه لا يستطيع تأكيد إن كانت المرحلة الأصعب من الصراع قد انتهت أم لا. وفي الوقت الراهن ينخرط 4600 جندي فرنسي في العملية العسكرية في شمال مالي، منهم 3500 موجودون فعلاً على الأراضي المالية نفسها ضمن استحقاقات العملية التي انطلقت في 11 يناير المنصرم. وقد تم حتى الآن تحرير المدن الكبيرة الرئيسية الثلاث في الإقليم الشمالي من البلاد، بل إن وزير الدفاع الأميركي "ليون بانيتا" صرح يوم الجمعة الماضي بأن القوات الفرنسية تقدمت في إنجاز مهمتها بوتيرة أسرع بكثير مما توقعت الولايات المتحدة. ويتوقع أن تصل القوات الأفريقية الداعمة لمهمة الاستقرار في مالي إلى أكثر من 7000 جندي. وقد تعهد المانحون الدوليون في أديس أبابا بتقديم 450 مليون دولار لتمويل مهمة الدعم الدولي لاستقرار مالي. ومن جانبها نشرت صحيفة ليبراسيون تغطية لزيارة أولاند إلى مالي، مستعرضة مظاهر من أجواء الاحتفاء الكبير بالرئيس الفرنسي، الذي تشعر أغلبية الماليين الساحقة بمشاعر الامتنان والعرفان تجاهه لإنقاذه بلادهم من تحدي الإرهاب من جهة، ووقوفه مع جيشهم في اللحظة الحرجة لإعادة توحيد لحمة البلاد وحوزتها التراتبية من جهة أخرى. وقالت الصحيفة في الأخير إن أجواء استقبال المنتصرين في باماكو هي الوقت المناسب الذي يتعين أن يستغله أولاند لدفع الدول الأفريقية لتولي جهد أكبر في المهمة المتبقية، ومن ثم أن يعمل على جدولة بداية تخفيض الالتزام العسكري هناك، خاصة أن 3500 جندي فرنسي يوجدون الآن على الأراضي المالية. تحفيز المصالحة في افتتاحية لصحيفة لوفيغارو اعتبر الكاتب بيير روسلين أن العملية العسكرية في مالي قد نجحت إلى حد بعيد في تحقيق أهدافها، فإضافة إلى تحرير مدينة "جاو" الشمالية المهمة، تمكنت القوات الفرنسية من تحرير مدينة تومبكتو التاريخية، وبقية مناطق الإقليم الأخرى كذلك، هذا مع أن الهدف الأولي الذي رسم للتدخل الفرنسي كان وقف تمدد الجماعات المسلحة الإرهابية ومحاولاتها الذهاب جنوباً للاستيلاء على عاصمة البلاد باماكو. وكانت المرحلة الثانية من العملية تقضي بالسيطرة على مجرى نهر النيجر وطرد العدو من المدن والبلدات الواقعة على طول مجرى النهر. وقد تم تقدم العملية وسريانها دون أية مفاجآت سيئة. وقد فضلت الجماعات المسلحة الإرهابية التلاشي والاختفاء والاحتماء في المناطق الصحراوية البعيدة بدلاً من المقاومة، أو مواجهات قوات تتفوق عليها في كل شيء. والآن يتعين على القوات الفرنسية الحرص على عدم الظهور بمظهر القوات المحتلة، وأن تضمن السيطرة الكاملة على المدن المحررة، مع الحرص في الوقت نفسه على عدم السماح للجنود الماليين بتنفيذ تصفيات ضد الطوارق المتهمين بالتواطؤ مع الجماعات المسلحة المتطرفة. وستستمر المواجهة طبعاً في الصحراء، حيث المسافات الشاسعة، وهي مهمة أخرى غير سهلة ضد جماعات خطيرة وسريعة الحركة تستطيع شن عمليات مباغتة، وتدبير هجمات إرهابية. وفي الموازاة مع اختراق خطوط الإرهابيين، وتفريق صفوفهم سمح تقدم القوات أيضاً بفتح الأفق أمام مبادرات سياسية. وهذا ما ينبغي استغلاله من أجل تحفيز المصالحة وتوفير بدائل وفرص للطوارق تغنيهم عن التحالف مع "القاعدة". والحال أن التقدم السريع الذي حققه التدخل الفرنسي أبهر المجتمع الدولي الذي كان متردداً تجاه تحديات هذا الصراع. ولكن في الوقت الذي تنهض فيه تحديات أخرى جديدة يلزم الحصول أيضاً على دعم صلب من قبل الجميع. والآن بعد أخذ ورد فهمت الولايات المتحدة حجم الرهان، يقول الكاتب. وينبغي أن يكون تطور المقاربة الأميركية الداعمة نموذجاً أيضاً ومثالاً يحتذى بالنسبة لبقية حلفاء فرنسا الآخرين. جديد الحالة المصرية صحيفة لوموند كتبت افتتاحية بعنوان «مصر في عين العاصفة والعنف» قالت فيها إن حالة الفوضى وعدم الاستقرار التي يرزح فيها الآن أكبر بلد عربي تثير القلق، وقد تصادفت مع مرور الذكرى الثانية لـ"ثورة ميدان التحرير" بالقاهرة، حيث يعيش المصريون الآن على وقع التجاذب السياسي والحزبي، والتظاهرات والتظاهرات المضادة. ومع استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي، يطول زمن التجاذب، وها هي عشرة أيام تمر الآن والمواجهات متواصلة في الشارع، مثيرة جواً عاماً من الشعور بالقلق والعنف، في سياق وضع اقتصادي، كارثي هو الآخر. ومع أن الرئيس المصري أطلق تصريحات تطمينية خلال زيارته إلى برلين يوم الأربعاء الماضي، إلا أن الصحيفة تعتبر أن تصريحات قائد الجيش المصري الذي قال إن الأزمة السياسية الراهنة يمكن أن تقود إلى "انهيار للدولة" إن لم يتم إيجاد حلول لها، تبدو أيضاً لافتة. وخلال الأيام الماضية، تقول لوموند، تضاعف عنف الشارع: حيث سجل ما لا يقل عن 50 قتيلاً في المدن الكبرى للبلاد. وكانت بداية الاحتقان مع صدور حكم قضائي بإعدام 21 شخصاً تم إيقافهم في مدينة بورسعيد على خلفية أعمال عنف وشغب بسبب مباراة كرة قدم قتل فيها 74 شخصاً. وبسرعة بعد صدور الحكم الأخير عرفت معظم مدن قناة السويس تظاهرات وأعمال عنف تدخل الجيش لوقفها. أما مؤشرات "السياحة والاستثمار الأجنبي ففي حالة سقوط حر"، ومصاعب الدولة المالية في تفاقم متواصل، فيما الأزمة السياسية لا تكف عن التصاعد. وفي هذا السياق انتقدت لوموند بعض مواقف النظام والمعارضة على حد سواء، مؤكدة أن كلا الطرفين اتخذ أحياناً مواقف غير مناسبة. وفي الأخير ختمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة إن "على ضفتي نهر النيل شعباً عريقاً يريد: نخبة مسؤولة". إعداد: حسن ولد المختار