قمة الإنسان أولاً
كل من يزور الإمارات سائحاً أو بقصد الإقامة والعمل، يستغرب مما تحقق على أرض هذا الوطن في سنوات قصيرة، فالإمارات التي نعيشها اليوم نتاج تجربة واقعية. منذ أن أسست، رفعت شعار الإنسان قبل المكان، ويأتي مكان الإنسان في أرقى مراتب سلم الأولويات للحكومات المحلية والاتحادية.
في دبي غداً تعقد القمة الحكومية في دورتها الأولى بقصد تأكيد وتعزيز مكانة الإنسان في خطط وبرامج الحكومة، والتأكد من أن هذه الخطط والممارسات واقعية وتتناسب مع توقعات المواطن والمقيم على هذه الأرض.
في زمن فقدت بعض الشعوب العربية ثقتها بقادتها من المعزولين أو ممن تم انتخابهم بعد أن مر «الربيع العربي» كما يسمى بركود الواقع المؤلم، فتحولت الأمنيات إلى أحلام لا يمكن تحديد موعد تحققها إن تحققت، وفي زمن هزت في الثورات العربية مشاعر الإنسان قبل الأوطان، وحارت فيه عقول أهل الفكر والألباب تفاجئنا قيادتنا بالدعوة إلى قمة ليست كالقمم العربية التي نعرفها، حيث يتم اللقاء، ويأتي كل مسؤول لتلاوة بيان أعد له كي يقرأه. قمم رفعت شعارات تخالف واقع الشعب العربي.
تأتي القمة الحكومية في دولة الإمارات العربية لتجلس الحكومة بكل تواضعها، وتعرض خططها وبرامجها، ويأتي الإنسان ليتفاكر مع القادة في الرقي والانتقال بهذا المكان مما هو عليه، كي يكون في مستقبل الأيام أفضل مما كان. يأتي هذا الحدث الأول من نوعه في العالم العربي ليستعرض أهم التطورات والاتجاهات العالمية في توفير الخدمات الحكومية، فقد تم دعوة الخبراء والمسؤولين من أرجاء المعمورة لا للحديث التنظيري الذي مله العالم، بل لعرض تجاربهم الواقعية في النجاح من سنغافورة وكوريا الجنوبية إلى البرازيل، في هذه القمة سيجتمع أكثر من 2000 مسؤول في الحكومة الاتحادية والمحلية للتحاور مع من يرغب من المشاركين حول همومهم وتوقعاتهم وطموحاتهم.
وكعادته فاجأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، العالم بدعوة الناس للكتابة له شخصياً حول تساؤلاتهم ومشاكلهم واقتراحاتهم، كي يتم استعراضها من قبله في هذه القمة ، تواصل لأبعد حدود بين القائد والمقود من أجل تحقيق رؤية الإمارات 2021.
ولعل الموضوع الأهم من وجهة نظر شخصية، سيتم استعراضه في هذه القمة هو موضوع التعليم والعمل، فكلنا يتذكر أن الشرارة في الدول التي مرت بتجربة «الربيع العربي»، كانت في أن فرص العمل لديهم أضحت ضيقة، فأصبح من الصعب على حديثي التخرج من مؤسسات التعليم العالي الحصول على مهنة تحقق طموحاتهم وأحلامهم. وهناك فجوة واضحة بين متطلبات سوق العمل الحديث ومخرجات التعليم، تأتي هذه الفرصة لمحاولة ردم تلك الفجوة عبر طرح العديد من التساؤلات، لعل منها ما يرتبط بمهارات التعليم المستقبلية المطلوبة. وهل توجد مبادرات محلية أو اتحادية لتطوير تلك المهارات، وما الذي تحقق منها على أرض الواقع... هذا من جانب، ومن زاوية أخرى لا بد من التطرق إلى أفكار تربط مؤسسات التعليم باحتياجات سوق العمل المتغيرة، وذكر آليات التنسيق بين الجانبين لما لهذه الأفكار من آثار على مخرجات التعليم ، وأخيراً كيف نزيد من تنافسية وجودة نظام التعليم لدينا، وكيف نوفر فرص عمل للأعداد المتزايدة من الخرجين.
وختاماً فإنني أدعو كل المهتمين بالشأن الإماراتي العام بجوانبه المختلفة كالتعليم والصحة والاقتصاد للتواصل مع موقع القمة الحكومية لطرح أسئلتهم ولكتابة تصوراتهم واقتراحاتهم. إنها فرصة كي نثبت لأنفسنا قبل العالم أننا في دولة تقدر الفكر وتستثمر في البشر.