في خطوة استفزازية واضحة أعلنت طهران عن زيارة وشيكة لأعضاء من لجنة الأمن القومي بمجلس الشورى للجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، للقيام بجولة تفقدية، تشتمل كذلك على جولة تفقدية لمضيق هرمز "للإطلاع عن كثب على الواقع والأضرار التي تهدده" حسب تصريحات منصور حقيقت نائب رئيس لجنة الأمن القومي وشؤون السياسة الخارجية بمجلس الشورى. ومباشرة أعلن المجلس الوطني الاتحادي استنكاره للزيارة الاستفزازية المزمعة، واعتبر المجلس أن "مثل هذه الخطوات التصعيدية التي دأبت إيران على القيام بها لا يمكن أن تغير الحقائق التاريخية والقانونية التي تثبت تبعية الجزر الثلاث المحتلة لدولة الإمارات العربية المتحدة". ودعا المجلس إيران ومجلس الشورى الإيراني إلى "الكف عن القيام بمثل هذه الخطوات الاستفزازية التي لا مبرر لها، وتبني مواقف بناءة تعزز الثقة بين دول المنطقة وشعوبها وتساعد في التوصل إلى حل عادل لقضية الجزر الإماراتية الثلاث التي تحتلها إيران منذ عام 1971"، كما استنكرت اللجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي الزيارة والتدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون، مؤكدة حق دولة الإمارات، داعية إيران إلى حل هذه القضية بالطرق السلمية، أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية لتسوية النزاع. فلماذا تستمر إيران في سلوكها الاستفزازي والتصعيدي في الخليج؟ ولماذا تتجاهل محاولات الإمارات السابقة للتهدئة واللجوء لخيار التفاوض؟ لم تهدأ الاستفزازات الإيرانية في الخليج منذ زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى يوم 11 أبريل عام 2012، ولم يتوقف التصعيد الإيراني عند الزيارة والتصريحات الإيرانية المستفزة، فقد عملت طهران على تعزيز نفوذها في جزيرة أبو موسى من ناحيتين، عسكرية ومدنية، من الناحية العسكرية، أعلنت طهران في نوفمبر الماضي عن تأسيس قيادة عسكرية جديدة للحرس الثوري في منطقة بندر لنجه، التي تضم جزيرة أبو موسى، ونشر الحرس الثوري الإيراني أنظمة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، إضافة إلى صواريخ بعيدة المدى وزوارق بحرية سريعة تستخدم في مهاجمة السفن الحربية، إضافة إلى سفن حربية متطورة، حيث باتت للحرس الثوري 5 قيادات بحرية تملك صلاحيات واسعة مستقلة في أوقات الأزمات، كل ذلك لتفعيل ولتعزيز النفوذ العسكري الإيراني في منطقة الخليج. ومن الناحية المدنية أعلنت طهران عن تحويل جزيرة أبو موسى إلى منطقة سياحية نموذجية، عبر إنشاء مجمع سياحي ضخم، وبدأت في تنظيم رحلات سياحية لتكريس ملكيتها بالكامل على أرض الواقع. ولكن الخطوات الإيرانية لن تغير من الحقائق القانونية وهي تخالف في إجراءاتها ما جاء في نص اتفاقية التفاهم الموقعة بين إمارة الشارقة والحكومة الإيرانية عام 1971. وتعاني إيران من أزمات اقتصادية وسياسية وتتعرض لضغوط دولية مستمرة بسبب ملفها النووي، ولكن النظرة المتعمقة للسياسة الإيرانية في الخليج، تؤكد أن الإجراءات الإيرانية الأخيرة تتجاوز فكرة تصدير الأزمات الداخلية إلى سياسة فرض الأمر الواقع في الجزر الإماراتية، وتعكس في مجملها النظرة الإيرانية لأمن الخليج، فإيران لا ترى في إجراءاتها تهديداً لأمن الخليج بل أن إجراءاتها تعكس محورية الدور المفترض لإيران في أمن الخليج والتوازن الإقليمي، فطهران تحاول من جديد لعب دور "شرطي الخليج "، وتفرض قواعدها وشروطها وهنا مكمن الخطر.