تعكف وزارة التربية والتعليم حالياً على مراجعة مناهج الكتب الأجنبية للحكم على مدى تناسبها مع ثقافة المجتمع، واختيار ما يتماشى منها مع السياسة التربوية في الدولة والأهداف التي تتبناها، وتعمل اللجنة المعنية بهذه المهمة على دراسة سلاسل الكتب العالمية في بعض المواد الدراسية، وذلك لتحقيق التوافق بينها وبين معطيات البيئة المحلية للمجتمع وتراثه وتاريخه الممتد والثري، وإنجاز هدف تطوير مناهج دراسية وفق معايير دولية تجمع بين الحفاظ على الهوية المحلية، وترسخ فكرة التمازج الثقافي في الدولة، وتلبي في الوقت نفسه متطلبات العصر، من خلال الاهتمام بالمناهج العلمية والتقنية، في سبيل الارتقاء بمستوى التعليم وتعزيز مخرجاته بما يناسب متطلبات سوق العمل. ولعل ما يعطي هذه المراجعة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم لمناهج الكتب الأجنبية في الدولة أهميتها وحيويتها ما يحدث من تكرار لبعض المخالفات في بعض مناهج بعض المدارس وكتبها ولاسيما المدارس الخاصة، تتركز في غالبيتها في أخطاء تاريخية ودينية، كما أن بعض المقررات الدراسية تعاني النقص في المعلومات حول الثقافة والتراث المحليين، إضافة إلى التاريخ، بما ينطوي عليه ذلك من تأثير سلبي في المستويات الثقافية والاجتماعية والسياسية، إضافة إلى الدينية، لأن تعزيز معلومات الطلبة في المراحل الدراسية المختلفة حول تاريخ بلادهم وثقافتهم وتراثهم هو الذي يشكل هويتهم الوطنية، ويعزز انتماءهم لوطنهم، ويعمق إحساسهم بخصوصياتهم الحضارية. وتشير الإحصاءات إلى أن المدارس الخاصة، ومنها تلك التي تدرس المناهج غير التابعة لوزارة التربية والتعليم، تشهد إقبالاً كبيراً من الطلبة المواطنين على الالتحاق بها، وقد يؤدي انصراف هذه المدارس أو بعضها عن إعطاء الاهتمام الكافي في مناهجها بثقافة المجتمع وتاريخه وتراثه إلى الإسهام في التأثير السلبي في هوية المجتمع وشخصيته الوطنية. ولذا فإن وزارة التربية والتعليم، إضافة إلى ما تقوم به من مراجعة للمناهج وإعادة نظر فيها، تعمل على اتخاذ إجراءات قوية تهدف إلى الإشراف والرقابة على المدارس الخاصة، من أجل ضمان ملاءمة المقررات الدراسية التي تقوم بتدريسها مع ثقافة المجتمع وعاداته وتقاليده وقيمه الدينية والوطنية. تشجع دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة الانفتاح على الثقافات المختلفة في العالم، وتعلم اللغات الأجنبية، والاستفادة من المناهج الدراسية في الدول المختلفة، في إطار سعيها إلى تحقيق نهضة تعليمية وفق معايير دولية حديثة، كما تعمل على تطوير مناهج علمية تتوافق مع الاستراتيجية التي تتبناها الدولة بشأن توطين التكنولوجيا، وإيجاد كوادر وطنية تخدم احتياجات المجتمع المحلي في مجال التخصصات العلمية، كالطب والهندسة والتخصصات الناشئة، كصناعة الطيران والتكنولوجيا النووية، وغيرها من التخصصات النوعية الأخرى التي تشكّل الاقتصاد المبني على المعرفة، وهو هدف تنموي وطني أساسي، لكنها، أي الدولة، في الوقت نفسه تحرص على أن يتم ذلك كله ضمن إطار يحمي الهوية الثقافية والحضارية للوطن والمواطن، ويأخذ من مناهج العالم المختلفة، بما يتوافق مع هذه الهوية ولا يهددها، أو ينال منها من ناحية وبما يتسق مع الأهداف التعليمية للدولة من ناحية أخرى. عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية