في الشهر المقبل بعدما يكون أوباما قد أمضى شهرين في ولايته الثانية سيصل إلى إسرائيل ضمن جولة إلى الشرق الأوسط بأهداف لن تكون سهلة التحقيق، فما الذي يبحث عنه أوباما خلال زيارته؟ لاشك أن أي زيارة رئاسية تبدأ قبل الوصول إلى المكان المحدد مع ترتيبات تسبق ذلك بكثير، ومع تكهنات صحفية حول أجندة الزيارة وما سيطرح للنقاش، ولكن في جميع الأحوال يبقى الموضوع الأساسي لهذه الزيارة هو خفض التوقعات وعدم انتظار الكثير، فأي إيحاء بأن أوباما سيطلق مبادرة سلام جديدة بين الفلسطينيين وإسرائيل غير مطروح، ولذا يراهن منظمو الزيارة على أن الفشل في الخروج بإنجاز من الزيارة لن يخيب أمل أحد ما دامت البداية كانت أصلاً متواضعة، ولكن إذا نجحت في تحقيق شيء ما فستكون مفاجأة مرحباً بها. والحقيقة أن هذه السياسة التي لا تسعى إلى رفع التوقعات ليست فقط مجرد تكتيك تسلكه إدارة أوباما لتخفيف الضغط عليها في قضية السلام بالشرق الأوسط، بل هي قراءة واقعية للحظة الصعبة التي تمر بها عملية السلام في الوقت الحالي، ومع ذلك هناك أمور يمكن للرئيس القيام بها خلال زيارته للتأثير إيجاباً على المنطقة، فحضور أوباما والخطابات التي سيلقيها والتي من المتوقع أن تكون قوية كعادتها سيبعث برسائل مهمة إلى الإسرائيليين والعرب على حد سواء. وهنا يتعين على الرئيس توضيح نقطتين أساسيتين، أولا أنه من أجل السلام بين إسرائيل وجيرانها عليه أن يبدد أي شك في التزام الولايات المتحدة ببقاء إسرائيل، فلو أن أي أحد لديه شك في ذلك فلن تتحقق المصالحة أبداً. أما النقطة الثانية التي يتعين على أوباما التركيز عليها في زيارته، فهي تذكيره لبعض البلدان العربية التي شهدت تحولات خلال العامين الماضيين، بأن أميركا تؤيد المجتمعات الديمقراطية العلمانية التي تضمن حقوقاً متساوية لجميع مواطنيها. ومع أن هذه النقطة بديهية بالنسبة لأميركا إلا أن هناك في العالم العربي من يشكك فيها. ولو أن الفلسطينيين وباقي العرب ظلوا يعتقدون بأن حظوظ إسرائيل في العيش والبقاء ليست مضمونة، فإن العديد منهم سيتمسك بالفكرة القائلة إنهم يوماً ما سيحصلون على جميع الأراضي التي تقف عليها إسرائيل اليوم، والنتيجة أن الذين ينادون بالتسوية الآن سيجدون أصواتهم مهمشة لحساب من يدعون إلى المواجهة المسلحة. وفي المقابل إذا شعر الإسرائيليون بالأمان فإنهم سيكونون أكثر استعداداً للمجازفة، وتقديم التنازلات التي تتطلبها اتفاقية السلام. وأكثر من ذلك أن شعوراً أكثر بالأمان، يقوي قدرة دعاة السلام على الوقوف في وجه الرافضين للتسوية، هذا بالإضافة إلى أن التزام أميركا الواضح والمقنع بأمن إسرائيل يعزز معسكر المعتدلين على الجانبين، ويضعف "حماس" و"حزب الله"، كما يقوض الجناح اليميني المتطرف داخل إسرائيل. ويمكن لهذه الرسالة التطمينية الواضحة لإسرائيل والمدافعة عن تسوية مع جيرانها أن تبعث بإشارة إلى إيران بشأن إصرار واشنطن والغرب على منعها من امتلاك السلاح النووي. ويستطيع أوباما أيضاً إقناع إسرائيل بالتزامه بأمنها من خلال الاعتراف بمخاوفها على أن ترافق ذلك مطالبتها بخطوات واضحة نحو السلام. ولأن الزيارة التي سيقوم بها أوباما ستعرج على رام الله، حيث مقر السلطة الفلسطينية، وعلى عمان للقاء العاهل الأردني، فإنها ينبغي أن تكون فرصة لدعم القوى العلمانية في وقت يشهد فيه الإسلام السياسي وجوداً في المنطقة. فريدا جيتيس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ـ كاتبة ومحللة سياسية أميركية ـ ـ ـ ـ ـــ ــ ـ ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشونال»