أظهرت زيارة أوباما الأخيرة للشرق الأوسط ماهية الأشياء الجيدة التي يمكن أن تتحقق من خلال انخراط رئاسي مباشر ومدروس، فقد خاطب الرئيس شباباً إسرائيليين، وطمأن الحلفاء في المنطقة، وتوسط في تأمين اعتذار إسرائيلي لتركيا عن غارة دموية قامت بها قواتها الخاصة على أسطول مساعدات كان في طريقه لغزة. وهذا النوع من الدبلوماسية هو ما ينبغي للرئيس توظيفه في التعامل مع كوريا الشمالية. فحالياً تتصاعد نذر مواجهة، وتزداد خطورة باطراد بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. فالتصريحات الصاخبة الصادرة عن بيونج يانج، تجعل من الصعوبة بمكان عمل أي شيء أكثر من التقليل من شأن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون. بيد أن التخلي عن الدبلوماسية سوف يكون أمراً في غاية الخطورة. لاسيما أن الكوريين الشماليين مقتنعون تماماً بأن الأسلحة النووية هي وحدها ما يقيهم من هجوم أميركي. والتحليق الأخير لطائرات أميركية قادرة على حمل رؤوس نووية فوق شبه الجزيرة الكورية، لم يفد سوى في ترسيخ هذا الاعتقاد. نحن بحاجة إذن للحديث مباشرة مع كوريا الشمالية، مهما كان هذا الخيار غير مستساغ بالنسبة لنا. فالكوريون الشماليون لن يتخلوا عن سلاحهم النووي عند المنعطف الحالي، ومطالبة الولايات المتحدة لهم بذلك، كشرط مسبق للمحادثات، سوف تؤدي حتماً لزيادة التوتر، بما في ذلك زيادة احتمال انفجار الوضع عسكرياً. لقد اتخذت إدارة بوش الابن الموقف القائم على أن الانخراط مع بيونج يانج سوف يكون بمثابة مكافأة لها على سلوكها السيء، وهي ذات المقاربة التي تتخذها إدارة أوباما حالياً. لكن رغم أن مسؤولي كوريا الشمالية يبدون كما لو كانوا ميالين للقتال والعدوان، فإن هناك بالتأكيد أسباباً عديدة تدفعنا للانخراط، من أجل التوصل لاتفاقية سلام، وهي فكرة قد يكون تبني «جونج» لها احتمالاً وارداً بقوة. فالدبلوماسية خيار حقق ويحقق نجاحاً في مختلف أنحاء العالم. ليس بمقدورنا الاكتفاء فقط بإصدار الأوامر لجونج للتخلي عن طموحاته النووية، وإنما هناك حاجة للحوار. وعلى أوباما التواصل مع الأشخاص الذين تفاوضوا بنجاح مع كوريا الشمالية من قبل لمساعدته على رسم مقاربته لهذه الدولة. في الشهر المقبل، ستزور الرئيسة الكورية الجنوبية واشنطن، وسيسرها أن تجد في واشنطن تفكيراً يتماشى مع سياسة «بناء الثقة» التي تنتهجها حيال كوريا الشمالية. فالبديل عن السياسة هو الصراع، والذي سيكون انتهاجه في شبه الجزيرة الكورية خطأ فادحاً. التفاوض من أجل السلام الدائم هو النهج الوحيد المعقول. ــــــــــــــــــ دونالد جريج مستشار بوش الأب لشؤون الأمن القومي 1982-1988 ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»