خط نتنياهو الأحمر... والعلاقات التركية الإسرائيلية عقبات تواجه الجهود الأميركية لإحياء المفاوضات، ودور غزة في تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية، وعلاقة تاتشر بإسرائيل، ثم اختتام مفاوضات إيران النووية دون حل... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. إضعاف الوساطة الأميركية انتقدت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها ليوم أمس الجمعة الأسلوب الذي تتعامل به حكومة نتنياهو مع المساعي التي يبذلها حالياً وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، لإعادة إطلاق المفاوضات المتوقفة، فرغم الدبلوماسية المكوكية التي يعتمد عليها كيري وتنقلاته المكثفة بين تل أبيب ورام الله، ترى الصحيفة أن جهود بعث عملية السلام مرة أخرى، والتي تحظى بدعم أميركي قوي، معرّضة للانتكاس بسبب المواقف الإسرائيلية، إذ في الوقت الذي يصر فيه الفلسطينيون على مناقشة القضايا ذات الأولوية، والمتمثلة أساساً في الحدود والترتيبات الأمنية، لمعرفة منطلقات التفاوض وتحديد أرضية الحوار، يريد نتنياهو وحكومته الرجوع إلى المربع الأول من خلال طرح جميع القضايا على طاولة الحوار، وهو ما تعتبره الصحيفة نوعاً من العرقلة التي تروم تعطيل المفاوضات وربما إفشالها، فليس عيباً أن تطالب السلطة الفلسطينية، تقول الصحيفة، بتحديد خريطة دولة إسرائيل ومن خلالها معرفة حدود الدولة الفلسطينية المقبلة، وهو الطلب الذي تقدمت به السلطة إلى كيري عندما زار رام الله، حيث طرح عباس على كيري العودة إلى نتنياهو ومعرفة الخريطة التي يقترح، لكن هذا الأخير، وتجنباً لاستحقاق التعامل مع المستوطنين الذين سيتعرفون لأول مرة، من خلال ترسيم واضح ومحدد لخريطة إسرائيل، على مصيرهم... رفض ذلك الاقتراح، وطالب من جانبه بمناقشة كل الانشغالات خلال المفاوضات، ناسفاً بالتالي ضرورة وجود مرجعية تحدد منطلقات الحوار. وحسب رؤية الحكومة الإسرائيلية، لا يمكن التوصل إلى اتفاق إلا من خلال مراجعة جميع القضايا والاتفاق حولها، فيما يصر الفلسطينيون على تحديد المرجعية أولا والمتمثلة في حدود عام 1967، والمشكلة، تضيف الصحيفة، أنه برفض نتنياهو الانخراط الجاد مع الفلسطينيين فإنه لا يكتفي بإلحاق الضرر بمصلحة إسرائيل، بل يحرجها أمام الإدارة الأميركية ويضعف مبادرة الأخيرة. حصار غزة في مقاله المنشور على صفحات «هآرتس» يوم الثلاثاء الماضي، يتطرق الكاتب «ساري باشي» إلى العلاقات التركية الإسرائيلية في ضوء اعتذار رئيس الوزراء الإسرائيلي لنظيره التركي عن حادثة سفينة «مافي مرمرة» التي قتل فيها تسعة مواطنين أتراك، ذلك الاعتذار -يقول الكاتب- جاء مقروناً بتعهد إسرائيلي واضح بتخفيف الحصار على قطاع غزة، وإزالة الإجراءات والقيود التي تحد من تنقل سكان غزة وتمنع وصول البضائع إليهم. ورغم المجهودات التي بذلت في هذا السياق، حيث قامت إسرائيل بتخفيف القيود على القطاع وسماحها بدخول سكان غزة لإسرائيل من أجل العمل وفتح المعبر الحدودي لوصول مواد البناء وباقي البضائع الأساسية، وكذلك الجهود المبذولة على الجانب المصري الذي سمح بدخول سكان غزة لمصر والسفر منها... تبقى القيود مستمرة. ولا أدل على ذلك، يقول الكاتب، من الطريقة التي تواجه بها السلطات الإسرائيلية عملية إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية، فالدولة العبرية ما زالت تفضل إنزال ما يشبه العقاب الجماعي بسكان غزة من خلال غلق المعابر الحدودية والتضييق على حرية التنقل، وهو ما فعلته خلال زيارة أوباما إلى المنطقة، والتي تزامنت مع إطلاق بعض الجماعات الفلسطينية داخل القطاع صواريخ على إسرائيل. هذا السلوك ينتقده الكاتب، بل وتنتقده -كما يشير إلى ذلك- منظمات أجنبية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تعاملت مع الأمر على أنه عقاب جماعي. يضاف إلى ذلك، يتابع الكاتب، النتائج العكسية لمعاقبة الفلسطينيين، بحيث تؤدي فقط إلى ترسيخ قوة «حماس» وتجذرها في القطاع لما تمنحها السياسة الإسرائيلية من فرص لتقديم الخدمات للمواطنين، ناهيك عن أن منع وصول البضائع إلى غزة فقط يحرم السلطة الفلسطينية من جباية الرسوم والضرائب المفروضة على تلك البضائع وليذهب الريع كله إلى «حماس» التي تستفيد من تهريب البضائع عبر الأنفاق. تاتشر وإسرائيل خصصت «جيروزاليم بوست» افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الفائت للحديث عن العلاقة بين رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر والدولة العبرية، حيث رأت أن العلاقات كانت قوية ليس فقط مع إسرائيل بل مع الشعب اليهودي برمته الذي تعاطفت مع محنته خلال الحرب العالمية الثانية. فحتى قبل قيام دولة إسرائيل، تغوص الصحيفة في سيرة رئيسة الوزراء الراحلة وتعاملها مع اليهود من خلال الجهود التي بذلتها وهي شابة لإنقاذ حياة فتاة يهودية من النمسا وتسهيل هروبها إلى بريطانيا، وذلك من خلال جمع التبرعات لمساعدة الفتاة اليهودية على الإقامة في بريطانيا بعيداً عن ألمانيا النازية. هذه الحادثة، تقول الصحيفة، ظلت تاتشر تذكرها حتى بعد سنوات طويلة كإحدى أهم منجزاتها، بيد أن الأثر الأكبر الذي خلفته تاتشر على السياسات الإسرائيلية، كان في المجال الاقتصادي، حيث استلهمت الحكومة الائتلافية بين «الليكود» و«العمال» في عام 1985 برنامجها للاستقرار الاقتصادي من أفكار ومبادئ تاتشر المدافعة عن اقتصاد السوق والسيطرة على التضخم وتصحيح الاختلالات المالية للدولة. فقد ساهمت رئيسة الوزراء الراحلة في تكريس فكرة اقتصاد السوق والترويج لأهميتها خارج حدود بريطانيا، لتدخل بذلك مفاهيم جديدة إلى الاقتصاد الإسرائيلي ما كانت موجودة في السابق، مثل خصخصة الشركات وتحرير الاقتصاد وفتح الأسواق أمام المنافسة والتصدي للنقابات العمالية، بحيث صارت هذه الأفكار جزءاً من القواعد الاقتصادية الراسخة في كثير من دول العالم. لكن تاتشر لم تكن دائماً مؤيدة لسياسات إسرائيل، فقد عارضت بشدة الضربة الجوية للمفاعل النووي العراقي، كما وقفت بحزم ضد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في عام 1982، هذا بالإضافة إلى عدم رضاها عن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. المفاوضات النووية يشكك الكاتب والمحلل الإسرائيلي «أليكس فيشمان» في مقاله المنشور على صفحات «يديعوت أحرانوت» خلال الأسبوع الماضي في نتائج المفاوضات التي عقدت بكازخستان بين دول مجموعة 5+1 وإيران للوصول إلى تفاهم حول برنامجها النووي يبدد المخاوف الدولية من احتمال توجيهه لأغراض عسكرية. فرغم الليونة التي أبدتها إيران من خلال عرض تجميد تخصيب اليورانيوم إلى درجة 20 في المئة، إلا أنها رفضت أي مساس بمنشأة فاردو الحصينة التي يقال إنها مسؤولة عن إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب. هذا فضلا عن سقف المطالب العالية المتمثلة في وقف العقوبات التي يصعب رفعها مرة واحدة. والخلاصة التي يصل إليها الكاتب أن إيران غير مستعدة اليوم لتقديم تنازلات حقيقية، على الأقل ليس قبل مرور الانتخابات الرئاسية في يونيو المقبل بسلام وتجنب احتجاجات على شاكلة «الربيع العربي» قد يؤججها الغرب ويحرض عليها. ومع أن إيران لم تتجاوز بعض الخط الأحمر الذي حذر منه نتنياهو والمتمثل في تخصيب 245 كليوجراماً من اليورانيوم بدرجة 20 في المئة، أي الحد الذي يمكنها من صنع القنبلة النووية ووقوف إيران عند سقف 160 كيلوجراماً من اليورانيوم المخصب مع توجيه الباقي إلى قضبان تستخدم في المفاعل النووي السلمي... فإن الخوف يبقى قائماً من تسريع إيران وتيرة التخصيب واختصارها الوقت، لاسيما وأنها باتت تملك جيلا جديداً من أجهزة الطرد المركزي أكثر تطوراً يمكنها من كسب الوقت والوصول إلى كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب بما يساعدها على امتلاك السلاح النووي. إعداد: زهير الكساب