يأتي الثاني من ديسمبر من كل عام لنحتفل ولنستذكر يوم تأسيس وطننا الغالي دولة الإمارات العربية المتحدة قبل اثنين وأربعين عاماً من العمل المخلص لبناء دولة عصرية نموذجاً يحتذى به بين دول العالم، دولة بنيت بعزيمة القادة المؤسسين لتحقيق تطلعات شعبهم. نحتفل بالعيد الوطني ونحتفل بفوز دولة الإمارات باستضافة إمارة دبي لمعرض إكسبو 2020 لتصبح الإمارات أول دولة عربية تستضيف هذا المعرض الدولي في الشرق الأوسط، وهو حدث يستحق الاحتفال وقد توافق مع المناسبة السنوية للاحتفال بالوطن في عيده. إن تاريخ دولة الإمارات هو قصة نجاح لدولة اتحادية استمرت لأربعة عقود ويزيد ومستمرة في تقديم نموذج الدولة الاتحادية الفريدة التي نشأت واستمرت، فيقول لنا التاريخ إن تشكيل الدولة الاتحادية مر بمخاض عسير حتى ولدت الدولة الاتحادية في الثاني من ديسمبر، وفي السادس من ديسمبر أصبحت دولة الإمارات عضواً في جامعة الدول العربية، ثم قبلت في هيئة الأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر، وبذلك كسبت الدولة الناشئة الاعترافين العربي والدولي، ودخلت الدولة الجديدة المجتمع الدولي، رغم الصعاب الداخلية والخارجية والبيئة العدوانية الدولية التي ولدت فيها هذه الدولة الاتحادية ولا ننسى أن الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وجزيرة أبوموسى، كان قبل إعلان الدولة الاتحادية، في 30 نوفمبر 1971. لقد بدا اتحاد الإمارات مع احتلال أرضه من قوة إقليمية عظمى وبصمت دولي مريب، ولما كان الاحتلال قبل إعلان الدولة الجديدة بيومين وكانت بريطانيا الدولة الراعية للشؤون الخارجية للإمارات، فبريطانيا تتحمل رسمياً مسؤولية وتبعات الاحتلال الإيراني، ولكن سرعان ما تخطت الدولة الناشئة تبعات الاحتلال الإيراني للجزر الثلاث وانضمت إمارة رأس الخيمة للدولة الاتحادية في العاشر من فبراير ليكتمل عقد الإمارات السبع. لقد قدر لتجربتنا الاتحادية أن تستمر ونحن نسير اليوم في العشرية الخامسة من عمر دولتنا الاتحادية في حين أن التجارب الاتحادية الأخرى إما قامت ولم يقدر لها الاستمرار، أو ما زالت تتنازعها عوامل التجزئة الداخلية، أو أنها لم تتجاوز حتى مرحلة الإعداد وفشلت. لقد استمرت الدولة الاتحادية بينما تجزأت دول عربية أخرى، فقد اختار المؤسسون الشكل الاتحادي لدولة الإمارات، دولة مركبة فريدة وسط محيط من الدول البسيطة فهي تجميع لعدد من البنى السياسية ذات الشخصية المميزة لتكون دولة في إطار فيدرالي يترك قدراً من الاستقلالية للبنى السياسية السبع، مع وجود دولة اتحادية ناشئة يرسم اختصاصاتها الدستور الاتحادي ويحدد أدوار الإمارات والجهات المحلية في المنظومة الاتحادية، فكانت عمليه الدمج والاندماج تدريجية كما تقتضي الظروف. وعبر السنوات ظل الباحثون في العلوم السياسية يراهنون على بقاء واستمرار الدولة الاتحادية ويضعون النظريات والفرضيات التي ترجح التفكك أو الاستمرار ولكن دولة الإمارات أثبتت رغم صعوبات النشأة أن خيار الوحدة هو خيار شعبي فأينع الاتحاد شعباً وحكومة تبنت روح الاتحاد ليصبح الاندماج الاجتماعي والسياسي والاقتصادي حقيقة. لقد نجحت الدولة الاتحادية بالاستمرار ونجحت الإمارات في الاندماج في الدولة الاتحادية لتصبح التجربة الاتحادية العربية الوحيدة الناجحة. ولم يكن الاتحاد نموذجاً سياسياً مستورداً أو نموذجاً فرض من أعلى، فتلك النماذج المستوردة والسلطوية من شأن الزمن أن يضعفها فتنهار، لقد ولدت الدولة الاتحادية كصيغة سياسية مقبولة في مجتمع قبلي تحكمه التحالفات القبلية واستطاع الآباء المؤسسون العمل من أجل قوة الاتحاد وللمزيد من الاندماج بين الإمارات. واليوم تواجه الدولة الاتحادية تحديات مختلفة عن تحديات النشأة، لقد ترسخت التجربة الاتحادية وازدهرت دولة عربية فريدة في نجاحها متفردة في إنجازاتها، فالتطورات في المنطقة والمتغيرات الإقليمية والدولية تحتم توحيد الرؤى والجهود وتعزيز البيت الداخلي والحفاظ على الأمن والاستقرار. وكل عام وإماراتنا بخير وأمان.