الصحافة الإسرائلية
المدينة المقسمة... وخطة إسرائيل لضم غور الأردن
القدس مدينة مقسمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ونتنياهو مدعو لحسم موقفه من الدولة الفلسطينية، وإعلان إسرائيلي بضم غور الأردن، ثم زيارة كيري لإسرائيل... تلك أهم القضايا التي تناولتها الصحافة الإسرائيلية خلال الأسبوع الجاري.
القدس المقسمة
خصصت صحيفة «هآرتس» افتتاحيتها ليوم الخميس الماضي للتذكير بحقيقة يبدو أن الساسة الإسرائيليين يصرون على تجاهلها، وهي أن القدس مقسمة فعلاً بين الأحياء الفلسطينية والأخرى اليهودية، يخترقها الخط الأخضر الذي يجعل جزءاً منها داخل الأراضي الفلسطينية، ومكوناً أصيلاً ضمن الدولة الفلسطينية. هذا الواقع، تقول الصحيفة، لم تنفع معه سنوات طويلة من عمليات ضم الأراضي والترامي على أحياء داخل القدس وبناء المستوطنات، حيث ظل الجزء الفلسطيني من القدس واقعاً يصعب رفعه، وفي كل مرة تأتي بعض الأحداث التي تذكر المسؤولين الإسرائيليين بحقيقة القدس المقسمة بين العرب واليهود، وبين الفلسطينيين والإسرائيليين مهما سعت السلطات إلى طمس الجانب العربي وتكثيف الاستيطان. ومن بين الدلائل التي تسوقها الصحيفة الاجتماع الأخير للجنة التخطيط والتشييد التابعة لبلدية القدس، حيث سُحبت الأجندة التي يتوقع تدارسها من قبل أعضاء اللجنة لتطرح أخرى معدلة، وفي التعديل حُذف مشروعان، أحدها كان يهدف لبناء مبنى في حي الشيخ جراح الفلسطيني، فيما كان الثاني يرمي لإقامة مطرح أرضي للنفايات بالمدخل الشرقي للمدينة، حيث توجد مساكن عشوائية للبدو الفلسطينيين. والسبب، تقول الصحيفة، إن مسؤولي البلدية، وبضغط من الحكومة، أوقفوا المشروعين خوفاً من التداعيات الدبلوماسية، ما يعني اعترافاً ضمنياً بوجود أحياء فلسطينية، وبأن القدس ليست يهودية كلها. وتضيف الصحيفة أن الخط الأخضر طفا إلى السطح في 2010 عندما قرَّع نائب الرئيس الأميركي جون بايدن الحكومة الإسرائيلية خلال زيارة له تزامنت مع إعلان نتنياهو بناء مستوطنات في القدس الشرقية، فما كان من الحكومة إلا أن سحبت المشروع... كل ذلك، تقول الصحيفة، يشير إلى أمر واحد هو أن القدس، وخلافاً للرواية الإسرائيلية، مدينة مقسمة، ومن الأفضل والأجدى أن تعكف السلطات في المدينة على خدمة جميع سكانها، وليس استخدام البلدية كوسيلة لقضم المزيد من المناطق العربية وتكريس الاحتلال. لحظة الحسم ويرى الكاتب والصحفي «آري شافيت» في مقاله المنشور يوم الأربعاء الماضي في «هآرتس» أن رئيس الوزراء نتنياهو يواجه معضلة حقيقية، وأنه أمام خيارين صعبين ما يجعله في حيرة من أمره، فبعد الجهود الأميركية لتحقيق اختراق في عملية السلام والدبلوماسية المكوكية التي قادها جون كيري، بدأت تتبلور في الأفق ملامح مقترح سيطرحه وزير الخارجية الأميركي، وهو يحمله معه في زياته المرتقبة لإسرائيل، حيث ستقدم أميركا مشروعها للفلسطينيين والإسرائيليين. وحسب ما رشح من الخطة الأميركية، تطرح واشنطن الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، على أن تقر إسرائيل بحدود عام 1967 مع تبادل طفيف للأراضي، وكذلك التفاهم على الترتيبات الأمنية التي تصر عليها الدولة العبرية، ويضيف الكاتب أنه بموجب المقترح الجديد لن تبقى القدس -كما تدعي إسرائيل- مدينة موحدة، بل سيتم تقسيمها بين الجانبين، أو تُخضع لإدارة مشتركة. ولأن نتنياهو لم يتقدم بأي خطوة ملموسة، ولم يطرح مشروعاً متكاملا لتجسيد ما جاء في خطابه في 2009 بجامعة بار إيلان عندما اعترف بحل الدولتين كمخرج من الجمود، رغم إدراكه بأن أغلبية يهودية لن تتحقق إلا وراء حدود 1967 وأن إسرائيل لن تكتمل شرعيتها إلا بالانسحاب إلى ما قبل تلك الحدود، فإنه يجد نفسه اليوم أمام الحل الأميركي ولا يمكنه التراجع؛ فإما الموافقة أو الرفض. وهنا ينصح الكاتب القيادة الإسرائيلية بعدم تضييع الفرصة، فالموافقة تعني الخروج من العزلة الدولية والعودة إلى حظيرة الشرعية، كما تقوي موقف إسرائيل أمام إيران وتقربها أكثر من أميركا والغرب، فيما يقود الرفض إلى تعميق العزلة وتضع إسرائيل في مسار جنوب أفريقيا إبان نظام الفصل العنصري. ويذكّر الكاتب نتنياهو بأن المكسب الأكبر لإسرائيل سيكون الاعتراف بيهودية الدولة العبرية ليمثل ذلك انتصاراً للصهيونية، حتى لو جاء مغلفاً بتنازلات أخرى.
مصير غور الأردن
بهذا العنوان استهلت صحيفة «جيروزاليم بوست» افتتاحيتها ليوم الخمس الماضي، متطرقةً إلى منطقة غور الأردن التي تثير جدلاً واسعاً على الساحة الإسرائيلية، وذلك على خلفية مشروع القانون الذي صادقت عليه اللجنة الوزارية برئاسة نتنياهو والقاضي بضم غور الأردن إلى إسرائيل، وهي الخطوة التي تعتبر الصحيفة أن مضارها أكثر من منافعها لتزامنها مع الخطة الأميركية الرامية إلى دفع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني إلى اتفاق سلام نهائي. وسبب الجدل كما توضح الصحيفة أن إسرائيل طالما تعاملت مع غور الأردن على أنه جزء من الترتيبات الأمنية للدولة العبرية، ولابد من إبقاء السيطرة عليه لحماية الدولة من جهة حدودها الغربية، والمشكلة أن الأمر لا يقتصر على القيادة، تؤكد الصحفية، بل يمتد أيضاً إلى الرأي العام، مستدلة باستطلاع للرأي أجراه مركز «القدس للدراسات العامة» جاء فيه أن 63 من الإسرائيليين لا يؤيدون الانسحاب من غور الأردن، فيما رفض 74 في المئة منهم نشر قوات دولية في المنطقة. وكانت الخطة التي اقترحها الجنرال الأميركي المتقاعد، جون آلان، الذي كلفه وزير الخارجية الأميركي بالتوصل إلى حل بشأن غور الأردن الذي يحتل تقريباً 6 في المئة من مساحة الضفة الغربية، قد اقترح نشر قوات دولية، لكن المعارضة الإسرائيلية دفعته للنظر في احتمال نشر جنود إسرائيليين، وهو ما لا يستسيغه الجانب الفلسطيني. لكن، وفي جميع الأحوال، تقول الصحيفة، إن توقيت الإعلان عن ضم المنطقة إلى إسرائيل ليس موفقاً، لأنه يعني قيام إسرائيل بتعويض الفلسطينيين بنسبة مماثلة داخل الخط الأخضر، كما أنه سيغضب الأميركيين ويظهر إسرائيل بأنها الطرف المعرقل للسلام، هذا ناهيك عن معارضة قوى سياسية إسرائيلية مثل حزبي «الحركة» و«هناك مستقبل».
زيارة كيري
في تقريرها بصحيفة «يديعوت أحرنوت» يوم الخميس الماضي، تناولت الصحفية «أتليلا سومفالفي» مسألة الزيارات المتكررة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى إسرائيل، والتي ستكون إحداها يوم الخميس المقبل، هذه الجولة تقول الصحفية يرتقبها الساسة الإسرائيليون باهتمام بالغ، لما يحمله معه الوزير من وثيقة إطارية يسعى إلى إقناع الفلسطينيين والإسرائيليين بالتوقيع عليها، فخلافاً للمرات السابقة التي سعى فيها كيري إلى إحياء المفاوضات وضمان استمرارها رغم الصعوبات، فقد جاء هذه المرة متأبطاً وثيقة من عشر صفحات دون احتساب الملاحق، يطرح من خلالها دولة فلسطينية تراعي الترتيبات الأمنية الإسرائيلية. ولأن نتنياهو يدرك ما ينتظره، فقد سارع، تقول الصحفية، إلى عقد اجتماع داخل حزبه ليؤكد أن هدفه هو «تفادي التوقيع على اتفاق، لكن مع إبقاء العملية متواصلة»، بمعنى أن الحكومة الإسرائيلية تريد تجنب ما تحمله وثيقة كيري من استحقاقات مقابل مواصلة المفاوضات حتى بعد انقضاء مهلتها التي حددت بستة أشهر. لكن، ومهما كانت الصعوبات التي ستواجه كيري في مهمة إقناع الطرفين بتمديد المفاوضات والتعهد، لاسيما من الجانب الإسرائيلي، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، تشير الصحفية إلى الجهد الاستثنائي الذي بذله كيري في عملية السلام، وذلك خلافاً لوزراء الخارجية الآخرين، مثل سلفه هيلاري كلينتون التي نأت بنفسها عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خوفاً على حظوظ ترشحها في الانتخابات الرئاسية، لتتساءل الصحفية في النهاية عما إذا كان كيري يبحث عن معاهدة للسلام.
إعداد: زهير الكساب