خطأ المالكي في أحداث «الأنبار»... والكونجرس يعرقل سياسة أوباما الخارجية الإدارة الأميركية ليست مسؤولة عن التوترات الراهنة في محافظة الأنبار العراقية، وسجال حول مفاوضات جديدة بين سيؤول وواشنطن بشأن تمويل القوات الأميركية المتمركزة في الأراضي الكورية الجنوبية، والتوترات الآسيوية مدعاة لانخراط أميركي أكبر في البلدان المطلة على المحيط الهادي... موضوعات جوهرية نسلط عليها الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية خطأ المالكي يوم أمس الأول الأحد، وتحت عنوان «رئيس الوزراء العراقي مخطئ في الصراع الإقليمي الدائر في بلاده»، نشرت «سيدني مورنينج هيرالد» الأسترالية، مقالاً لـ «بول ماجوف»، أشار في مستهله إلى العنف الدائر في محافظة الأنبار العراقية الذي استغله كل من السيناتور الجمهوري «جون ماكين» و«ليندسي جراهام» كالعادة في الثرثرة، وتوضيح أن سبب ما يجري في المحافظة العراقية يعود إلى خطأ ارتكبه الرئيس الأميركي باراك أوباما. ماكين أدلى بتصريح، تحدث خلاله عن آلاف الأميركيين الذين فقدوا أرواحهم أو جرحوا في العراق، طارحاً التساؤل التالي: ماذا نخبر الشباب وعائلاتهم؟ ويجيب: علينا أن نخبرهم بأن تضحياتهم بددتها إدارة أرادت خروج القوات من العراق. ويرى الكاتب أنه بالإمكان توجيه اللوم لأوباما على أمور كثيرة داخلية ودولية، لكنه غير مُلام على ما يدور الآن في الأنبار. الكاتب تطرق إلى خطة زيادة القوات الأميركية في العراق، التي تبناها الجنرال ديفيد بيترايوس عام 2007 واعتبرها المحللون من أمثال «فرد كابلان» نجاحاً تكتيكياً، وذلك لأن أياً من مشكلات العراق الجوهرية لم يتم حلها، وهذه تشمل: احتواء السُنة والشيعة، وتدشين مؤسسات وطنية قادرة على العمل، واقتسام الثروة النفطية، وتحقيق الاستقلال الذاتي للأكراد... ورغم أن زيادة عدد القوات جاءت إلى حد ما بنتيجة، فإن الصدمة الكبرى تمثلت في استجابة القبائل العراقية للحرب العبثية التي اندلعت في العراق بعد سقوط صدام حسين، حيث حصلت القبائل السُنية على أموال وأسلحة أميركية، وشاركت في القتال ضد «القاعدة»، والسؤال الآن: هل يستطيع الأميركيون الأجانب التوصل لاتفاق مع سُنة الأنبار، في الوقت الذي لا يستطيع رئيس الوزراء العراقي القيام بذلك؟ قبائل الأنبار تتصرف وفق مصالحها، وفي عام 2007 حاربوا «القاعدة»، وبعد الانسحاب الأميركي وعدهم المالكي بصفقة، لكنة لم يفعل، وبدأت فصائل من «القاعدة» تتخذ من الأنبار ملاذاً، ويصبح لها هناك موطئ قدم، والسبب أن المالكي تعامل مع أبناء محافظتهم على أنهم أعداء. الكاتب استنتج أن المالكي يضع «السُنة» والإرهابيين في سلة واحدة، أو يعتبرهما مرادفين لكلمة واحدة، فهو سيعاقب - حسب الكاتب- السُنة للأبد، مقابل ما اقترفه صدام حسين من أخطاء، ونمطه في التعامل يعكس طائفية، وهذا ما فتح الباب لتنظيم «القاعدة» الذي استغل ذلك واتخذه ذريعة للنشاط في محافظة الأنبار. تكلفة القوات في افتتاحيتها ليوم أمس، وتحت عنوان «تكلفة القوات الأميركية»، استنتجت «كوريا تايمز» الكورية الجنوبية، أن سيؤول وواشنطن استكملتا للتو محادثات حول تكلفة القوات الأميركية المتمركزة في كوريا الجنوبية، ويبدو أن الطرفين ارتاحا لما تمخضت عنه المحادثات، فالولايات المتحدة مسرورة لزيادة حجم المساهمة الكورية، والموقف نفسه بالنسبة لسيؤول، الساعية لمزيد من الشفافية في أوجه صرف مساهمتها المالية الخاصة بالقوات الأميركية. فهل حقق الاتفاق المتمخض عن المحادثات مكسباً لكلا الطرفين؟ معظم الكوريين، خاصة دافعي الضرائب، يعتبرونه أقل بكثير من توقعاتهم، كما أن معظم الكوريين الجنوبيين لا يستوعبون المنطق الذي استند إليه قرار زيادة مساهمة بلادهم في تمويل هذه القوات، بمبلغ قدره 50,5 مليار «وان» أو بزيادة نسبتها 5,8 في المئة عن قيمك مساهمة الكوريين الراهنة في تمويل القوات الأميركية المنتشرة في بلادهم. بعض الدبلوماسيين الكوريين الجنوبيين يرون أن الـ 920 مليار «وان» أو الـ 867 ملياراً تعتبر نتيجة لما يسمونه «دفاعاً جيداً»، واضعين في اعتبارهم أن الولايات المتحدة طلبت مبدئياً الحصول على تريليون «وان»، خاصة في ظل التوتر المتصاعد في شبه الجزيرة الكورية والمتزامن مع عجز الموازنة الأميركية وسياسة الحد من الإنفاق الحكومي في الولايات المتحدة. الصحيفة أشارت إلى أن كوريا الشمالية لوحت- على الأقل ظاهرياً- بغصن الزيتون، ومن الصعب أن تتحمل كوريا الجنوبية المشكلات المالية للحكومة الأميركية. كما أن القوات الأميركية- الكورية الجنوبية، لا تزال تنفق على نفسها من مساهمات مالية سابقة، تصل قيمتها ما بين 710 مليارات «وان» إلى 1,3 تريليون «وان»، وهذا المبلغ إذا أودع في البنوك ستتولد عنه فوائد مجزية. وقد يصاب دافعو الضرائب الكوريون بالدهشة عندما يدركون أن حكومتهم لم تكن تعرف أوجه صرف الأميركيين للأموال المقدمة إليهم، لأنه لا توجد قواعد تلزم الأميركيين بإبلاغ البلد المضيف لقواتهم بطريقة صرفهم للأموال التي يقدمها إليهم هذا البلد، وليس بمقدور الكوريين أيضاً منع الأميركيين من الصرف على أمور غير متفق عليها بين الطرفين، كإعادة نشر القوات الأميركية من شمال سيؤول إلي جنوبها. وضمن هذا الإطار ينطوي الاتفاق الأخير على تقدم كونه يلزم الجانب الأميركي بتحديد المبلغ الذي لم يتم صرفه، مرتين في العام. أهمية الانخراط الأميركي يوم الخميس الماضي، وتحت عنوان «الانخراط الأميركي مهم لجلب السلام والاستقرار للبؤر العالمية الملتهبة»، نشرت «يوميري تشيمبيون» اليابانية، افتتاحية، رأت خلالها أن استقرار النظام الدولي يواجه تحديات في مناطق عدة، مثل الشرق الأوسط، والجزء الآسيوي المطل على المحيط الهادي، وكي يتم الحفاظ على السلام، لا يزال من الضروري انخراط الولايات المتحدة كونها القوة العظمى الوحيدة، في هذه المناطق. وعلى رغم خطة إدارة أوباما الرامية للتركيز على آسيا ضمن محور استراتيجي للدبلوماسية والأمن الأميركيين، فإن شؤون الشرق الأوسط تستحوذ على اهتمام هذه الإدارة. وتطرح الصحيفة تساؤلاً مؤداه: هل بمقدور أوباما إعادة رسم سياسته الخارجية، خاصة في ظل رصيده السياسي الداخلي الهزيل؟ صعوبات جمة- تقول الصحيفة- إنها تنتظر أوباما، الذي يخطط لزيارة عدد من الدول الآسيوية في أبريل المقبل. ووجهت الصحيفة نقداً لسياسة واشنطن تجاه الأزمة السورية، حيث أودت الحرب الأهلية السورية بحياة 100 ألف شخص، وفي الصيف الماضي، أعلنت إدارة أوباما أنها ستشن هجوماً عسكرياً ضد سوريا، استناداً إلى استخدام بشار الأسد سلاحاً كيمياوياً ضد شعبه، وطلب من الكونجرس في خطوة استثنائية الموافقة على شن الضربة، وهو ما تراه الصحيفة مساً بمكانة الرئاسة الأميركية. ومع ذلك آتت الضغوط الأميركية أكلها، حيث أعلنت حكومة الأسد عزمها التخلي عن أسلحتها الكيمياوية، وتجنب الأسد الضربة وسُمح له بالبقاء في السلطة. وفي الملف النووي الإيراني، تقول الصحيفة، إن أوباما أقدم على خطوة جريئة كونه أجرى حوراً مباشراً مع الرئيس الإيراني الجديد، لكن الوجهة المستقبلية للمفاوضات الخاصة بالنووي الإيراني تظل غير واضحة، لا سيما أنها قوبلت بمعارضة قوية من الكونجرس الأميركي. وفي أفغانستان، نوّهت الصحيفة بالانسحاب الذي تم وضع جدول زمني لتنفيذه نهاية العام الجاري، فواشنطن التي سحبت قواتها من العراق، تريد وضع نهاية لحربها على الإرهاب التي استمرت لفترة تزيد على عقد من الزمان، أي بعد هجمات 11 سبتمبر 2011. وعلى ضوء ما سبق، فإن عبء الحرب ولّد لدى المجتمع الأميركي اتجاهاً رافضاً للتدخل الخارجي في شؤون الدول الأخرى، وحفّز بدلاً عنه التركيز على الشؤون الداخلية، وهذا أثر بدوره على سياسة أوباما الخارجية. واضطر الرئيس الأميركي لوضع الكونجرس في اعتباره، وإدارته لا تستطيع اتخاذ قرارات، لأن الحزب «الديمقراطي» الذي ينتمي إليه يحظى بالأغلبية داخل مجلس الشيوخ، بينما يُسيطر خصومه «الجمهوريون» على مجلس النواب، وفي غضون ذلك يواصل الحزب «الجمهوري» هجومه على إدارة أوباما، وفي العام الماضي عرقل الحزب في أكتوبر 2013 تنفيذ قانون «الرعاية الصحية الميسورة»، لدرجة إغلاق الحكومة أي «وقف صرف أية مخصصات في الميزانية الفيدرالية»، وتراجعت شعبية أوباما إلى ما دون الـ 40 في المئة، هي الأقل حتى الآن. وبما أن موعد انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر المقبل، سيسعر «الجمهوريون» مواقفهم المعارضة لأوباما، وهذا الأخير سيكون من الصعب عليه أكثر وأكثر التعامل مع الكونجرس، ما يعني أن هامش مناورة الرئيس الأميركي في القضايا الخارجية سيضيق أيضاً. وعلى الصعيد الآسيوي الذي شهد خلال الآونة الأخيرة توترات بسبب محاولة الصين فرض الأمر الواقع في سواحل المحيط الهادي، وفي ظل الوضع الراهن في كوريا الشمالية الذي يتسم بحالة من عدم التأكد، تأمل الصحيفة أن يعالج أوباما سياسته الخارجية عبر التأكيد على أهمية آسيا. وضمن هذا الإطار، أمامه تحديات واضحة، من بينها التعاون مع الحلفاء والأصدقاء في المنطقة لوقف التوسع الصيني الذي ينتهك الأعراف الدولية، مثلما حدث في تدشين بكين منطقة دفاع جوي في بحر شرق الصين. وتنوي واشنطن زيادة وجودها البحري في سواحل المحيط الهادي لتصبح نسبة قواتها البحرية الموجودة هناك بحلول عام 2020 تعادل 60 في المئة من إجمالي قوتها البحرية، بعد أن كانت 50 في المئة. وعلى الصعيد الآسيوي أشارت الصحيفة إلى اتفاقيات الشراكة عبر الهادي التي ستسهم في تدشين منطقة تجارة حرة بين الولايات المتحدة واليابان ودول آسيا المطلة على المحيط الهادي. إعداد: طه حسيب