دلالات اعتذار يعلون ... وثمن المراوغة في اتفاق السلام هل يعتبر موقف الولايات المتحدة من تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي ضد وزير الخارجية الأميركي جون كيري طبيعياً أم أنه محاولة للضغط على إسرائيل في إطار المفاوضات الجارية مع الفلسطينيين؟ وهل ستضر مراوغة الحكومة الإسرائيلية لتفادي التوصل إلى اتفاق إطار عمل بوساطة أميركية بعلاقتها مع واشنطن؟ وهل من الملائم لنتنياهو أن يتفادى دفع ضرائب في إسرائيل؟ وما هي تداعيات دعم أوباما للاتفاق النووي مع إيران؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية. مواجهة دبلوماسية استنكرت صحيفة «جورزاليم بوست» في افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي اضطرار وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون إلى الاعتذار عن تصريحاته المهينة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن رحلاته المكوكية المتواصلة إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ونسب إلى يعلون قوله «إن وزير الخارجية كيري - الذي جاء إلينا بكل تصميم ويتصرف من منطلق فكرة متسلطة عليه غير مفهومة ويشعر بأنه المخلص المنتظر - لا يمكنه أن يعلمني شيئاً واحداً عن الصراع مع الفلسطينيين». ورفضت الصحيفة ما اعتبرته «سياسة ليّ الذراع» من قبل الإدارة الأميركية وإصرارها على إذلال إسرائيل. وأكدت أن كيل الانتقادات إلى «يعلون» فجّر مواجهة دبلوماسية بين واشنطن والحكومة الإسرائيلية عندما طالب مسؤول أميركي رفيع المستوى بأن يصحح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هذا الأمر بأن يصرح علانية باختلافه مع تصريحات «يعلون» ضد كيري والمفاوضات مع الفلسطينيين والتزام وزير الخارجية الأميركي بأمن إسرائيل. وانتقدت الصحيفة تهاون إدارة أوباما الشديد في موقفها تجاه إيران، على رغم تعرضها يومياً للتشويه من قبل الإيرانيين وتوصف بأنها «الشيطان الأكبر»، كما أن المسؤولين في السلطة الفلسطينية لا يتورعون عن الهجمات اللفظية على الولايات المتحدة، ولم تكن ردود فعل واشنطن مماثلة لتلك التي اتخذتها إزاء تصريحات يعلون. وأوضحت أن كبار المسؤولين الأميركيين لم يكونوا أبداً لطفاء تجاه نظرائهم الإسرائيليين، موضحة أنه عندما كان أوباما يتحدث في نوفمبر 2011 مع رئيس فرنسا آنذاك نيكولا ساركوزي على هامش قمة العشرين، في حديث جانبي، لم يدافع الرئيس الأميركي عن نتنياهو عندما وصفه ساركوزي بأنه كاذب لا يمكن الوثوق به. وأضافت «وبدلاً من ذلك أعرب أوباماً عن موافقته الصريحة مع نظيره الفرنسي قائلاً: أنت ضقت به ذرعاً، لكني مضطر للتعامل معه بشكل متكرر أكثر منك». وتابعت «لم يتم التلويح بأي اعتذار من قبل واشنطن أو باريس عن هذا الأمر، زعماً أن أوباما وساركوزي كانا في محادثة خاصة لم يكن من المقصود خروجها للعلن، ومن ثم لا تؤخذ تصريحاتهما الخاصة في الحسبان». ونوهت الصحيفة بأن هذا ما حدث مع «يعلون» أيضاً، حيث دخل في محادثة خاصة تماماً، لم يكن من المفترض أن تخرج للعلن. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة: «من حق الإسرائيليين التعبير عن آرائهم، وليس من حق نظرائهم في الخارج فرض الصمت عليه، ولا ينبغي أن يتظاهروا بأنهم تعرضوا للإهانة، لأنهم عندما يفعلون ذلك، تكون مجرد ضغوط يمارسونها». إسرائيل ضد المفاوضات حذرت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أنه حتى إذا نجح في المراوغة والتهرب من اتفاق سلام مع الفلسطينيين الذي يتوسط فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في الوقت الراهن، فإن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً. وأشارت إلى أن الإعلان عن مناقصات لإنشاء 1400 وحدة «استيطانية» في الضفة الغربية، وتصريح نتنياهو بأنه لن يتفاوض على مستقبل القدس ولن يسمح بأي وثيقة تذكر أن العاصمة الفلسطينية ستكون في أي مكان في القدس، أثار الشكوك بشأن التزام الحكومة الإسرائيلية تجاه عملية السلام. وأضافت الصحيفة «أن اتفاق إطار العمل لا يعني اتفاقية سلام، ويبدو أن جميع الأطراف تخلوا عن مثل هذه الاتفاقية، ولو أن المفاوضات الراهنة أفضت إلى شيء فسيكون وثيقة مبادئ يمكن أن تكون أساساً للسلام في المستقبل». وتابعت «إن مثل هذه الوثائق صاحبت تاريخ المفاوضات، من خارطة الطريق التي تم صياغتها في محاولة لترجمة رؤية الرئيس الأميركي السابق جورج بوش إلى جهود الوساطة التي قام بها المبعوث الخاص جورج ميتشل واتفاقية تجميد البناء في المستوطنات». وأوضحت أنه على رغم ذلك، تعتبر إسرائيل اتفاق إطار العمل أياً كان ما سيتضمنه تهديداً كبيراً يجب تحييده قبل صياغته. لكنها اعتبرت أن الحكومة الإسرائيلية الحالية سلكت مساراً غير سابقاتها، فلم ترحب بجهود الوساطة الأميركية بالإعلان عن بناء مستوطنات فقط، وإنما أطلقت سراح سجناء في المقابل. وفي الوقت ذاته، اعتبرت الصحيفة أن الثقوب التي تفعلها إسرائيل في أي اتفاق محتمل، عبر التصريحات الخاصة بضم غور الأردن ورفض السيادة الفلسطينية في القدس وإن كانت رمزية واشتراط الاعتراف بيهودية إسرائيل، تجعل الوثيقة مثل ثوب ممزق. ونوّهت بأن تصريحات وسلوكيات نتنياهو تعزز الانطباع بأنه لا يعبأ بالتوصل إلى اتفاق سلام وأنه يراوغ بأسلوب «دبلوماسي» كي يتفادى إلقاء اللوم على إسرائيل في إحباطه. واختتمت الصحيفة افتتاحيتها قائلة: «إن نتنياهو يرفض فهم أنه حتى إذا نجح في ذلك، فإن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً لقاء مراوغتها ستعجز عن إخفائه». جنة نتنياهو الضريبية اعتبر الكاتب «جاد ليور| في مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن تفادي شخص في منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي مثل بنيامين نتنياهو تفادي دفع الضرائب إلى الدولة عن طريق فتح حساب في دولة تعتبر ملاذاً ضريبياً آمناً يمثل مشكلة، حتى وإن كان غير مخالف للقوانين الإسرائيلية. وأوضح «ليور» أنه ما من شك في أن ما نسب إلى نتنياهو ليس عملاً إجرامياً، إذ أنه أعلن بنفسه عن السماح لللمواطنين الإسرائيليين بتحويل مبالغ مالية إلى الخارج وفتح حسابات في بنوك أجنبية. لكنه تساءل هل من الملائم لشخص في منصب رئيس الوزراء أن يلجأ إلى ذلك كي يتفادى دفع الضرائب في دولته؟ ولفت إلى أن وزير المالية في حكومة نتنياهو، «يئير لابيد» أعرب قبل أشهر قليلة فقط عن استيائه من رجال الأعمال الذين يحققون أرباحاً كبيرة في إسرائيل ثم يرحلون إلى عواصم أوروبية لدفع ضرائب أقل. وأضاف «سيكون من الملائم بالنسبة لهم أن يدفعوا ضريبة على أرباحهم التي يحققونها في إسرائيل». وأفاد «ليور» بأن انتقادات حادة وجهت في ألمانيا وهولندا والولايات المتحدة ضد السياسيين الذين يستخدمون ملاذات آمنة ضريبياً، ومن بينهم المرشح الرئاسي الجمهوري السابق ميت رومني. وتابع «إن أوباما استخدم هذا الأمر لإحراج منافسه السابق أثناء الحملة الانتخابية، وعلى رغم أن فتح حساب في ملاذ ضريبي آمن لا يعتبر مخالفة في الولايات المتحدة ـ كما هي الحال في إسرائيل ـ لكنه يعتبر من سمات المواطَنة السيئة». وأشار إلى أن نتنياهو ليس مواطناً إسرائيلياً عادياً، فهو سياسي يتمتع بفهم اقتصادي عميق، ومن ثم استخدم درايته الكبيرة بكافة أسرار الاقتصاد بحثاً عن مصالحه الشخصية. النووي الإيراني توقع الكاتب «مارك لانجفان» في مقال نشره موقع «ذي إسرائيل ناشيونال نيوز» الاثنين الماضي، أن يؤدي الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة «5 1» برعاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى تمكين إيران من الحصول على قنبلة نووية بشكل أسرع. وأوضح أن مشكلة مهادنة أوباما في المحادثات النووية التي جرت في جنيف لا تكمن فقط في اعتقاده أنه بذلك أنقذ السلام العالمي، ولكن أيضاً في عدم إدراكه أنه منح طهران مظلة دبلوماسية لأنشطتها النووية من شأنه تسريع الجدول الزمني الإيراني لإحراز تقدم نووي. واعتبر أن خطأ أوباما الكارثي يكمن في أنه أساء الحكم بشأن سرعة حشد وتحركات إيران النووية عقب جنيف، متوقعاً أن يلقى 100 مليون شخص مصرعهم في الحرب العالمية الثالثة المقبلة نتيجة لذلك. إعداد: وائل بدران