لاشك أن المصطلحات المُستخدمة في التعبير الإعلامي لكل مؤسسة إعلامية، صحيفة كانت أو قناة تلفزيونية، هي الواجهة الرئيسية لقراءة سياساتها وتوجهاتها ورؤيتها لكل قضية من القضايا. وعلى سبيل المثال يمكننا قراءة مواقف المؤسسات الإعلامية من القضية الفلسطينية عبر استخدامها لمصطلحات «العدو الإسرائيلي»، «الكيان الإسرائيلي»، «إسرائيل»، وفي استخدام كل مصطلح دلالات يترتب عليه مستوى واتجاه الطرح، وهو ما يفسّر إصرار إسرائيل على الاعتراف بها كدولة يهودية، لأن للاعتراف بالمصطلح تبعاته واستحقاقاته المختلفة التي قد لا تخطر على بال، وتؤكّد الكثير من الحقائق الرمادية. ولو حاولنا قراءة تناول وسائل الإعلام لقضية جزرنا المحتلة (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى)، لاكتشفنا بسهولة عبث بعض الأيادي الخفية التي تحاول تذويبها! فبنهج منظم ومدروس، مضى بعض المؤسسات الإعلامية، خاصة تلك التي تقع بطريقة أو بأخرى تحت تأثير مستهدِفي دولة الإمارات العربية المتحدة من فلول التنظيمات المتأسلمة الهالكة، أو فلول الدعوة لتشييع الخليج، إلى محاولاتها الخبيثة المتكررة لسلب دولة الإمارات حقوقها في القضية. فقد ظلّت تلك المؤسسات تستخدم مصطلح «الجزر المتنازع عليها»! ما يعني أن ملكية الجزر غير محسومة! والتنازُع على الشيء له معانيه الواضحة الجلية التي لا تقبل التأويل في كلمات اللغة العربية. وقد ذهبت بعض وسائل الإعلام مذهباً أبعد، وحاولت أن تكون ملكية أكثر من الملك باستخدام مصطلح «الجزر الفارسية المُتنازع عليها»! والأنكى من ذلك أن بعض وسائل الإعلام الأجنبية، ولأغراض ما، درجت على استخدام عبارة «الخليج الفارسي» بدلا من «الخليج العربي»، وكلها محاولات مستميتة لقتل قضية الجزر، رغم أن كل وسائل الإعلام تدرك تماماً، بل وتعترف بأن إيران احتلت الجزر الإماراتية قبل قيام الدولة الاتحادية بيومين، خاصة أن مخططيها الاستراتيجيين الذين أبقوها حتى ذلك الوقت أكبر قوة في المنطقة، كانوا يقرؤون التاريخ جيداً، ويعلمون أن اتحاد «إمارات الساحل» في ذلك الوقت، سيفقدها ميزة الأقوى والأفضل في المنطقة، ولن يجعلها شرطياً للخليج كما كانت في السابق. وفي سطور تاريخ «إمارات الساحل» منذ مئات السنين لم تعرف هذه الأرض أي خضوع للدولة الفارسية، بل كانت نداً قوياً، لها وزنها واحترامها في منطقة الخليج، وقارعت سفنها العسكرية أقوى الأساطيل في العالم، والتاريخ شاهد على ذلك. ذات الاستهداف الاصطلاحي أو المصطلحي، لو جاز التعبير، درج التحالف الثُّنائي «الشيعي -الإخواني» على استخدامه في كل القضايا، بل وحتى في محاولات لي عنق الدين وتطويعه لمصلحة القضايا والمكاسب السياسية الرخيصة. فعندما واجهته الإمارات في فترة «الجحيم العربي» المقبور غير مأسوفاً عليه في كل مكان، أرغت تلك المؤسسات وأزبدت، في محاولات يائسة لإصباغ صفة «المعتقلين» لمنسوبيهم الذين «احتجزتهم الإمارات»، وتجنبت تلك المؤسسات استخدام مصطلح «المقبوض عليهم» أو «المحتجزين» أو «الموقوفين»، وهي المصطلحات القانونية المُتعارف عليها وفق التُّهم التي وجهتها لهم السلطات القانونية، وهي تهم جنائية بحتة تتعلّق بمخالفة القانون الذي يحكم الدولة، والذي تراضى عليه الجميع، وأودعت الإمارات نُسخاً منه في مختلف المؤسسات الدولية المعنية بهذا الشأن. ورغم ذلك مضت الآلة الإعلامية للمستهدِفين في داخل المنطقة وخارجها، في تسميم الأخبار عبر تسميتهم بالمعتقلين، وفي المصطلح تشويه كبير لصورة الإمارات في الخارج، فالإمارات لا تعتقل لأنها دولة قانون، والاعتقالات دائماً ترتبط بدول تنتهك قوانينها وتأكل ذاتها في سوابق لا يمكن أن نجد لها نموذجاً في دولة زايد، التي بلغت ما بلغت من تطور وتقدم تسبب في كل هذا الاستهداف، وحتى في قضية ذلك الشاب الأميركي السريلانكي الأصل (شافيز)، والذي خرق القانون الإماراتي وانتهكه بذلك الفيديو الذي يسيء لها، وقامت الإمارات بتطبيق القانون، أقامت وسائل الإعلام المستهدِفة الدنيا مرة أخرى ولم تقعدها، وكأنها تريد للإمارات أن تتغاضى عن من يسيء لمجتمعها وأمنها ولا تنبس ببنت شفة، وتناسى ذلك الإعلام المأجور أن المُدان (شافيز)، لم يكن هو وحده الذي تم احتجازه بسبب الفيديو، فالعمل الفيلمي عمل جماعي لا يستقيم لشخص واحد مهما كان خارقاً أن يقوم به بمفرده، ورغم أن الدولة احتجزت قانونياً كل من شارك في إنتاج ونشر ذلك العمل المسيء، إلا أن صحافة المستهدِفين أعادت تكرار ذات الخطأ الذي قام به بعضها قبلا، ولم تكن نتائجه مرضية لأغراض التدخل، فعندما احتجزت السلطات الإماراتية أفراد الخلية الإخوانية المصرية إبّان فترة حكم «الإخوان» المعزولين سياسياً واجتماعياً ودستورياً في مصر، أوفدت الدولة بإيعاز من مكتب المرشد الإخواني الحاكم من وراء الستار في ذلك الوقت، وفداً رفيع المستوى، للشفاعة فقط في المحتجزين من المصريين المنتمين إليه، وليس كل المصريين المُحتجزين، وما أشبه الليلة بالبارحة مع فارق أن محتجزي البارحة، كانوا مصريين خرقوا القانون بتهم معينة تم توجيهها لهم، بينما محتجز اليوم أميركي ومعه عدد من أبناء الجنسيات الأخرى بما فيها الإمارات، غير أن شافيز وحده هو من وصفته تلك الوسائل الإعلامية الضالة بالمعتقل، وهو وحده من وجبت فيه الشفاعة، ومن تسابقت لغرض الإفراج عنه شفاعة أو ضغوط العديد من الشخصيات الدبلوماسية والمنظمات وعدد من الصحف والصحفيين وغيرهم، وكأنما الآخرون لا يساوون شافيز في شيء. ومن الغريب أن المستهدِفين المتأسلمين، كانوا أميركاناً أكثر من الأميركيين في الشفاعة لشافيز، فالكيل بأكثر من مكيال أصبح صفة أساسية تتصف بها تلك المؤسسات المستهدِفة التي تحاول تنفيذ سياسات وأطماع أبناء الأمة مجتمعة، وتحاول في ذات الوقت عرقلة النهضة الإماراتية، حتى لا تكون نموذجاً لمقارنة شعوبها بين واقعها المسدود الأفق من ناحية إيجاد حلول ناجعة، وبين الإمارات التي تمكنت من صناعة هذا النموذج المتفرّد في وقت وجيز، خاصة أن الإمارات فضحت كل ألاعيب دعاة الإسلام السياسي باكراً، ووقفت لها بمرصاد القانون والدستور، وفوتت عليهم مختلف الفرص التي أرادوا منها ثغرة ينفذون من خلالها لادعاء وجود خطأ في تعاطي حكومة الإمارات مع القانون، فأضحت في الكفة الأخرى لميزان المقارنة، وبعدما هزمت الإمارات مخططاتهم الاستهدافية في كل الاتجاهات، لم يتبقّ أمامهم سوى اللعب بالمصطلحات، كآخر محاولات يائسة لمواجهة عزيمة «عيال زايد»، لكن هيهات، فالثور لا يستطيع مناطحة الجبل.