أظهر تقرير أعدته «اللجنة المالية والاقتصادية» بالمجلس الوطني الاتحادي، ونشرته صحيفة الإمارات اليوم في عددها الصادر يوم 19 يناير 2014، أن هناك انخفاضاً بشكل عام في نسبة التوطين في القطاع المصرفي والمالي؛ لأسباب منها أن كثيراً من المواطنين يضطرون إلى ترك العمل؛ لأسباب تعود إلى قلة الإجازات وضعف الامتيازات وعدم وجود أمان وظيفي. ويتوافق هذا الأمر مع نتائج دراسة أخرى أجراها «معهد الإمارات للدراسات المصرفية»، أشارت إلى أن نحو 750 مواطناً تركوا وظائفهم في القطاع المصرفي في العام 2013، وغادروا القطاع نهائياً، للعمل في وظائف أخرى، فيما قدم نحو ?1500 من المصرفيين المواطنين استقالاتهم في ?2012، بينما انتقل نصف هذا العدد للعمل في وظائف أخرى بالقطاع، وفضل النصف الآخر ترك القطاع بشكل نهائي؛ لأسباب عدة أبرزها ضغوط العمل ووجود مزايا جاذبة في فرص العمل بالقطاع الحكومي. ويأتي الانخفاض في التوطين في القطاع المصرفي والمالي بالرغم من أن الدولة كانت تراهن على هذا القطاع، وتعتبره أحد النماذج الناجحة في عملية التوطين، ولكن برغم أنه تم إلزام هذا القطاع بداية من عام 1997 بزيادة توظيف المواطنين بنسبة 4% سنوياً، وهو الأمر الذي كان يوجب أن تكون نسبة التوطين فيه الآن أكثر من 50%، فإن الواقع يشير إلى أن هذه النسبة لم تتحقق بعد، فبحسب دراسة أجرتها وزارة العمل بالتعاون مع هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية «تنمية»، ونشرت نتائجها في نوفمبر 2012، بلغت هذه النسبة 35.6% فقط، وإذا ما انتقلنا إلى التوطين في القطاع الخاص، فإن النسبة تتراجع كثيراً وبصورة ملحوظة، فبحسب إحصاءات صادرة عن المركز الوطني للإحصاء، فإن عدد المواطنين الذين يعملون في القطاع الخاص بلغ في أول يناير 2012 نحو 0.5? من إجمالي عدد العاملين الذي يصل إلى 3.89 مليون عامل. ويشير تراجع التوطين بهذه الصورة إلى أن هناك مشكلات حقيقية وهيكلية، ينبغي العمل على معالجتها، ففيما يتعلق بالقطاع الحكومي فإن لجنة التوطين في المجلس الوطني الاتحادي كانت قد أشارت إلى أن هناك بعض المؤسسات الاتحادية تلجأ إلى حجب المعلومات والبيانات الخاصة بالوظائف الشاغرة؛ لتحقيق قياس غير دقيق عن مدى التزامها بالتوطين، وهو ما يعد غياباً للشفافية، وبالنسبة إلى مؤسسات القطاع الخاص تكمن المشكلة الحقيقية في تحايل العديد من هذه المؤسسات على النسب المقررة للتوطين، من قبل مجلس الوزراء، من خلال بعض الممارسات كتغيير نشاطها الاقتصادي، وتقديم حوافز ومزايا ضعيفة ما يجعلها غير جاذبة للمواطنين. صحيح أن الدولة اتخذت في الآونة الأخيرة العديد من الخطوات المهمة لتفعيل سياسة التوطين، وجعلت 2013 عاماً للتوطين، بهدف تمكين المواطن من الدخول إلى سوق العمل وتطوير إمكانياته ومهاراته الوظيفية والقيادية، وأطلقت مبادرات نوعية لتحقيق ذلك، كمبادرة «أبشر» التي تستهدف توفير 20 ألفاً و405 وظائف للمواطنين حتى عام 2017، ولكن من المهم أيضاً التعامل مع المشكلات الحقيقية التي تواجه التوطين في القطاعين الحكومي والخاص، والقضايا المرتبطة بسوق العمل وخلل التركيبة السكانية أيضاً، وخصوصاً أن هذه القضايا ترتبط بخطط التنمية وأهدافها في الحاضر والمستقبل. ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.