الصحافة الإسرائلية
الحكومة الإسرائيلية تُشرعن الاختلاس... وتشاؤم إزاء التفاوض مع إيران
هل يعني التزام إيران حتى الآن باتفاق الأشهر الستة إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي يحول دون امتلاكها أسلحة نووية؟ وكيف تمول المستوطنات غير الشرعية بموجب القوانين الإسرائيلية في الضفة الغربية؟ ولماذا يفضل المهاجرون الأفارقة البقاء في السجون الإسرائيلية على العودة إلى ديارهم؟ تساؤلات نضعها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية.
الملف النووي
توقعت صحيفة «جوريزاليم بوست» في افتتاحيتها يوم الأربعاء الماضي تمديد الاتفاق النووي المبدئي الذي توصلت إليه القوى الغربية مع إيران في جنيف مرة واحدة على الأقل قبل أن يتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن طهران لا تعتزم التخلي عن طموحاتها بامتلاك أسلحة نووية.
لكن الصحيفة اعتبرت الأنباء عن التزام إيران حتى الآن بالاتفاق مشجعاً، غير أنها شككت في إمكانية التوصل إلى اتفاق نهائي والتزام طهران بالتوقف عن السعي إلى امتلاك أسلحة نووية.
وأشارت إلى أن مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدوا أن طهران أوقفت بالفعل تخصيب اليورانيوم فوق تركيز خمسة في المئة، وعطلت سلسلة من أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم عند تركيز 20 في المئة.
وفي المقابل، ستبدأ طهران استلام زهاء 4.2 مليار دولار من أصولها المجمدة في البنوك الغربية على أقساط شهرية، إلى جانب تعليق بعض العقوبات المالية، حسبما أفادت الصحيفة.
وأكدت أنه في حين تبدو هذه الإجراءات الإيرانية تطوراً إيجابياً، لكنها أشارت إلى أن الطريق لا يزال طويلاً قبل أن تجمد إيران مشروع أسلحتها النووية، إذ إن معظم الخطوات التي اتخذها الإيرانيون يمكن الرجوع عنها بسهولة، ولاسيما أن القضايا الصعبة تم تأجيلها إلى الاتفاق النهائي.
ونوهت الصحيفة إلى أنه في حين تطالب إدارة أوباما إيران بتقليص عدد أجهزة الطرد المركزي إلى خمسة آلاف بدلاً من 19 ألفاً في الوقت الراهن، وإغلاق مفاعل التخصيب المنشأ تحت الأرض في «فوردو» وتفكيك مفاعل المياه الثقيلة في آراك إلى جانب نظام تفتيش أكثر حزماً، رفضت طهران معظم هذه المطالب.
وأشارت إلى وعد الرئيس الإيراني لشعبه بأنه لن يتم تدمير أي من المنشآت النووية الموجودة في إيران في الوقت الراهن، وأن مفاعل «آراك» سيبقى لإجراء التجارب الطبية فقط، وأن بلاده لها الحق في التخصيب «بدرجة صناعية»، الذي يعني إمكانية امتلاكها 50 ألف جهاز طرد مركزي.
واعتبرت الصحيفة أن قوة الضغط الأميركية تتقلص على طاولة المفاوضات في ضوء استبعادها الخيار العسكري، على الأقل طالما ظلت الاتفاقية المبدئية سارية.
وأفادت بأن الاقتصاد الإيراني يتعافى في الوقت الراهن، لافتة إلى أن تقرير التوقعات الاقتصادية العالمية الذي أصدره البنك الدولي حديثاً يتوقع أن ينمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في إيران بنسبة واحد في المئة خلال العام الجاري، وبنسب أعلى خلال العامين المقبلين.
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالإشارة إلى أن التوقعات بشأن تحقيق اختراق دبلوماسي حقيقي تبدو قاتمة، ملقية الضوء على تقديرات أوباما بأن فرص التوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران تبدو أقل من 50 في المئة.
المستوطنات والضرائب
طالبت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها أول من أمس وزارة المالية الإسرائيلية بإنهاء تحويل أموال دافعي الضرائب واستخدامها في تمويل المستوطنات «غير الشرعية» بموجب القوانين الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وانتقدت الحكومة الإسرائيلية بسبب استغلال أموال دافعي الضرائب في تمويل إنشاء وصيانة وتطوير وتأمين المستوطنات غير القانونية، واصفة هذه الممارسة بـ«الاختلاس»، في ضوء ما يفعله معدو الموازنة من أجل توفير شبكة تمويل لهذه المستوطنات.
وأضافت «إن على الوزارة رد الأموال التي تم تحويلها بصورة غير قانونية، وأن تكشف عن تكلفة هذه المستوطنات والمعاقل غير القانونية».
وأوضحت أن عشرات الملايين من الدولارات تم تحويلها خلال الفترة من 2008 إلى 2012 من أجل تمويل المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية وخارجها.
وأشارت الصحيفة إلى أن المدعي العام السابق وقع أوامر أثناء ولايته تحظر على الحكومة تمويل الإنشاءات غير القانونية في الضفة الغربية، مضيفة «يبدو أن ذلك لم يجدِ نفعاً سوى في تشجيع الروح الاحتيالية للمجرمين من أجل تفادي الحظر».
وتابعت «تم تأسيس جمعية تعاونية لإدارة هذه المعاقل الاستيطانية، ليتم تحويل الأموال إليها واستغلالها كوسيط، لكي لا يتم رصد تحويل أموال مباشرة إلى تلك المعاقل».
وأفادت بأن تحويل الأموال بهذه الطريقة الذي ينتهك القانون أحدث بالطبع عجزاً في الموازنة الجهوية، غير أن الحكومة سدت هذا العجز باستخدام أموال خصصتها وزارة الداخلية لسلطات محلية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بهذه الطريقة المشوهة وغير القانونية تستكمل دائرة التمويل ويتم إخفاؤها عن عيون جهات التحقيق.
وأكدت وجود نماذج كثيرة لجهات تقوم بمثل هذه الممارسات منذ أمد بعيد، عندما كان يتم تخصيص تبرعات مخفضة الضرائب من منظمات يهودية أميركية لتوطين اليهود داخل الحزام الأخضر لكن يتم تخصيصها بعد ذلك لمستوطنات في الضفة الغربية في انتهاك للقوانين الإسرائيلية.
واعتبرت الصحيفة أن الحكومة تسعى للمراوغة عندما يتم انتهاك القانون، غير أنها تؤسس للاختلاس وتمنحه شرعية عندما تدرك أن الجريمة تحدث بعيداً عن الرأي العام.
وأشارت إلى حقيقة أن التمويل الحكومي أدى إلى ازدهار هذه المعاقل غير القانونية بعلم رئيس الوزراء وحكومته ويؤكد مزاعم المستوطنين بأن الحكومة لم ترسلهم فقط للعيش في هذه المناطق، ولكنها مولتهم أيضاً.
اللاجئون الأفارقة
انتقدت الكاتبة مولي جريفر في مقال نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» القانون الجديد الذي يسمح للحكومة الإسرائيلية باحتجاز طالبي اللجوء السياسي إلى أجل غير مسمى في معسكرات معزولة من دون محاكمة أو إجراءات تحديد وضع اللجوء، مطالبة بوقف العمل به.
وأشارت إلى أن نتنياهو ووزير داخليته جدعون ساعر أعلنا بوضوح أن الحكومة تعتزم استغلال كافة الوسائل الممكنة لتشجيع طالبي اللجوء على مغادرة إسرائيل، بما في ذلك جعل حياتهم صعبة كي يصبح الرحيل أكثر جاذبية من البقاء.
وأوضحت أن المسؤولين في الحكومة أخفقوا في إدراك المخاطر التي فر بسببها هؤلاء اللاجئون، والمخاطر التي ستواجههم حال عودتهم إلى بلادهم.
وأكدت «جريفر» أنها سافرت إلى جنوب السودان للقاء عدد من المهاجرين الذين تم ترحيلهم من إسرائيل في عام 2012، والتقت ما يزيد على 150 عائداً.
وأشارت إلى أن من قابلتهم إما فقدوا أطفالهم بسبب المرض بعد العودة أو أن أعمال العنف أفقدتهم أقاربهم وأصدقاءهم، مؤكدة أن كثيرين منهم أخبروها بأن الاقتتال الأهلي الذي اندلع في جنوب السودان في نهاية العام الماضي أودى بحياة كثير من أفراد أسرهم.
وذكرت أن كثيراً منهم ودوا لو ظلوا في السجون الإسرائيلية بدلاً من العودة إلى جنوب السودان.
واختتمت الكاتبة مقالها بالدعوة إلى ضرورة وقف اعتقال طالبي اللجوء السياسي إلى أجل غير مسمى، واصفة إياه بغير المنطقي.
إعداد: وائل بدران