مظاهر التعافي الحقيقي في القطاع العقاري
بدأت مظاهر التحسن واضحة للعيان على أداء قطاع العقارات الإماراتي خلال الربع الأخير من عام 2012، كبداية لمرحلة جديدة من الازدهار في مسيرة القطاع، وكانت مؤسسة «جونج لانج لاسال» تحدثت في ذلك الحين في تقرير لها بتفاؤل واضح عن الأداء المستقبلي للقطاع، ومازال هذا الأداء محافظاً على سمته الإيجابية حتى الآن، وقد شهدت إيجارات الوحدات والأصول العقارية وأسعارها تحسناً ملحوظاً خلال عام 2013، بنسب اقتربت من 25 في المئة بالنسبة لبعض المناطق، وبنسب تدور حول 20 في المئة في مناطق أخرى. ومن المرجح أن يحافظ هذا القطاع على أدائه خلال السنوات المقبلة، ليتعافى بشكل كامل من مظاهر الضعف التي بدت عليه خلال السنوات الأخيرة بفعل «الأزمة المالية العالمية»، والتي كانت في بدايتها أزمة عقارية، ضربت القطاع العقاري في الولايات المتحدة الأميركية وانتقلت بعد ذلك إلى القارة الأوروبية ومن ثم إلى باقي أقاليم العالم، بما فيها منطقة الخليج العربية.
لم يتعرض القطاع العقاري في دولة الإمارات العربية المتحدة لخسائر كبيرة في بدايات «الأزمة المالية العالمية»، وتجنب شبح الانهيارات الواسعة، التي سيطرت على العديد من الأسواق العقارية حول العالم، بل إنه استشعر التعافي قبل غيره من القطاعات العقارية في البلدان التي تعيش ظروفاً اقتصادية مماثلة، وهذا الأداء كان انعكاساً لعدد من المتغيرات، أهمها الأداء الاقتصادي الوطني المتصاعد من فترة إلى أخرى، وتحسن مؤشرات ثقة المستثمرين بالاقتصاد الوطني، ما شجعهم على توسعة أنشطتهم، في مختلف الأنشطة الاقتصادية، بالتوازي مع ذلك استمر الاقتصاد الوطني في توليد فرص العمل الجديدة، فدفع ذلك الطلب على الوحدات السكنية إلى الزيادة، واستفاد القطاع بدوره من عومل أخرى، على رأسها الاستثمار الكثيف في مشروعات البنية التحتية، التي ظلت هي الأعلى على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما فيها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وهو ما لعب دوراً مهماً في توفير دورة جديدة في جنبات الاقتصاد الوطني، ومن ثم زيادة الطلب على منتجات القطاع العقاري، كما أن المناخ الاستثماري في القطاع العقاري الإماراتي ظل جاذباً للمستثمرين من جميع أنحاء العالم، وظلت دولة الإمارات العربية المتحدة كذلك وجهة جاذبة للعيش والعمل، باعتبارها مجتمعاً منفتحاً على العالم، ينعم سكانه بمعدلات رضا وسعادة من بين الأعلى عالمياً، وبالتالي استقبل القطاع العقاري استثمارات وطلبات شراء على الوحدات السكنية والمقار الإدارية، وبالتوازي مع ذلك فإن جزءاً غير قليل من الأداء الإيجابي للقطاع العقاري خلال الفترة الماضية هو نتيجة مباشرة للنشاط المتنامي في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين دولة الإمارات العربية المتحدة من ناحية، وباقي دول العالم من ناحية أخرى.
وفي ظل هذه المعطيات، تظل هناك فرص كبيرة أمام القطاع العقاري الإماراتي للنمو خلال الفترات المقبلة، مع اتجاه الاقتصاد الوطني إلى النمو بمعدلات أكثر تسارعاً، في مرحلة جديدة من الازدهار والنمو تشبه تلك المرحلة التي سبقت اندلاع الأزمة، والتي شهدت طفرة عمرانية واسعة النطاق، هذا إلى جانب وجود هامش كبير للنمو والتوسع أمام القطاع برغم ما حققه من نمو خلال الفترات الماضية.
ــ ـ ـ ـ ــ ـ ـ ـ
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.