هل مشروع أردوغان لحل الملف الكردي، هو بحث عن حليف قوي، وإعطاء للظهر لجماعة جولن التي كانت منذ البداية تحمل موقفاً قومياً متصلباً ضد الأكراد، حيث تعرضت مدارسها أيضاً للاعتداءات والتفجيرات من قبل مقاتلي حزب العمال الكردستاني؟ من المتوقع أن تدعم المناطق الكردية حزب العدالة والتنمية في الانتخابات بعد محادثات السلام، ومشاريع البنية التحتية التي تعمل عليها الحكومة في مناطق الأكراد. أمّا جولن فيحافظ على علاقة جيّدة بالأقليّات ولكنّ كثيراً يميلون إلى تصنيف نزعاته السياسية بأنها نابعة من مواقف قوميّة، ومن هذا الأساس هو ينبذ الأحزاب العرقيّة والجهويّة. ولذلك قامت الجماعة عبر نفوذها ورجالاتها في جهاز المخابرات بتسريب المحادثات واللقاءات التي كان يعقدها رئيس جهاز المخابرات حقاني مع قيادات حزب العمال الكردستاني، في أوسلو عام 2011، ولأن العمال الكردستاني مصنف إرهابياً فقد دعي رئيس جهاز المخابرات حقاني ونائبه للمثول أمام المدعي العام، ولكن أردوغان ألقى بكل ثقله لإيقاف الاستدعاء، ودافع بشراسة عن حقاني، وقام بعد ذلك بإجراء حركة نقل لبعض مسؤولي الجهاز، وأثمرت الاجتماعات عن الوصول إلى اتفاقية السلام مع حزب العمال الكردستاني. ومن المهم الإشارة إلى أن جماعة جولن تناصب العمال الكردستاني العداء، كما أن بعض المراكز والمدارس التابعة لها تعرضت لهجمات واعتداءات من مقاتلي الكردستاني. ومن الملفت أن أنّ رئيس المخابرات الحالي حقاني جاء بتوصية ورعاية من جماعة جولن في الأساس، إلا أنّه انقلب على الجماعة وأصبح من أقرب رجالات أردوغان، ولكن هذا لم يغير كثيراً في نفوذ جماعة جولن في جهاز المخابرات. إن أي فشل يسبق الانتخابات القادمة في نتائج اتفاقية السلام مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وأي انتكاسات جوهرية في مسار هذا الملف الذي لا يزال هشاً، وعرضة للعثرات، سيصب بالتأكيد في سلة المعارضين للعدالة والتنمية، وسيقضي على آمال أردوغان وحزبه في توظيف هذه الورقة في ترشحه لفترة ثالثة. وفي سياق آخر ذي صلة يرى مايكل روبين الباحث في معهد أميركا أنترابرايز في مقاله في مجلة «كومنتري» أن تركيا الأردوغانية أصبحت تشكل قلقاً كبيراً للأمن القومي الأميركي والأمن الإقليمي، كونها مركز انتقال رئيسياً للمتطرفين والمتعاطفين مع تنظيم «القاعدة» إلى سوريا، فبدلاً من منع الليبيين والموريتانيين والشيشان واليوجوريين القادمين من الصين الذين يستقلون الرحلات الجوية التركية إلى بلدة جازيانتيب التركية تطلب منهم الشرطة التركية دفع مبلغ أربعين دولاراً مقابل توصيل الجهاديين منهم إلى الحدود التركية السورية، كما يشير مايكل إلى دعم السفير التركي لدى تشاد لعمليات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وهو تأكيد لما قاله باحث آخر من مركز الاستراتيجية والتقييم الاستخباري في واشنطن في مقال بمجلة «ناشيونال ريفيو»، أن التحقيقات أكدت تحول تركيا- حليف الناتو- إلى راعية للجهاديين في سوريا ومتواطئة مع النظام في طهران. وقد دفع هذا التحليل بمورتون أبراموفيتش وإريك إيدلمان وهما سفيران سابقان للولايات المتحدة لدى تركيا، إلى نشر مقالة في «واشنطن بوست» تحث واشنطن على إعادة قراءة تركيا ودفعها لتغيير المسار، وردع أردوغان عن سياساته غير الديمقراطية. هذه الآراء والتحليلات إذا تحققت سوف تجعل حلم تركيا بالانضمام للاتحاد الأوربي سراباً في وجود أردوغان، ويخفّض من حظوظه في قيادة المراهنين عليه، بل ويحوّل تركيا إلى منطقة قابلة لأن تصبح معزولة كما يقول الكاتب التركي إحسان داغي في جريدة تركيا اليوم «(24/1/2014)» هل «إيران هي التي تعيش في عزلة أم تركيا؟».