تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الرائدة في مجال الأنشطة والممارسات الاقتصادية المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية في العالم، ومنذ نشأتها في مطلع سبعينيات القرن العشرين، اتجهت الدولة إلى الاستثمار في هذه الأنشطة، فافتتحت المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، وأنشأت العديد من الصناعات الأخرى كصناعة الأغذية الحلال والملابس الشرعية وغيرها، ومازالت الدولة الآن من أكثر دول العالم ممارسة لهذه الأنشطة. وفي هذا الإطار، أكد المشاركون في مؤتمر «الصكوك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، الذي نظمه «مجلس دبي الاقتصادي»، مؤخراً، بالشراكة مع «المركز الدولي للجودة والإنتاجية»، أهمية الدور الذي تلعبه إمارة دبي خصوصاً، ودولة الإمارات العربية المتحدة عموماً، في دعم قطاع التمويل الإسلامي العالمي وتطويره، والذي يعد النشاط الأهم في أنشطة الاقتصاد الإسلامي عموماً، كونه يوفر المصدر الرئيسي لتمويل باقي أنشطة ذلك القطاع الحيوي. وقد أكد المشاركون في المؤتمر المذكور، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تقود الانتعاش في سوق الصكوك الإسلامية في الوقت الحالي، باستحواذها على النسبة الأعلى من قيمة إصدارات هذه الصكوك على مستوى المنطقة، والتي تجاوز حجمها في عام 2013 حاجز الـ 100 مليار دولار، مقارنة مع 53 مليار دولار عام 2012. وهذه الأرقام توضح مركزية الدور الإماراتي في هذا الشأن أيضاً على المستوى العالمي، مع الإشارة إلى أن هذه الصكوك تعد اليوم إحدى أهم الأدوات المالية الآخذة في الانتشار على مستوى العالم، وتقدر القيمة الإجمالية لإصداراتها السنوية حول العالم حالياً بنحو ربع تريليون دولار، بعد أن تحولت خلال السنوات العشر الماضية إلى وسيلة مفضلة لتمويل المشروعات الحكومية والمشروعات الخاصة. هذا الدور المحوري لدولة الإمارات العربية المتحدة في قيادة انتعاش أنشطة التمويل الإسلامي عموماً، والأنشطة المتعلقة بالصكوك الإسلامية خصوصاً، من المتوقع أن تزداد أهميته خلال السنوات المقبلة، في ظل الطموحات التي تمتلكها الدولة، والذي تجسد في إطلاقها «الخطة الاستراتيجية لتطوير الاقتصاد الإسلامي» في مطلع الربع الأخير من عام 2013، والتي تستهدف جعل دبي، ومن ثم دولة الإمارات العربية المتحدة، «عاصمة عالمية للاقتصاد الإسلامي». وإلى جانب هذا الطموح، هناك معطيات عدة مهمة سيكون لها دورها في دعم الدور الإماراتي في هذا الشأن، وهي: أولاً، أنه من المتوقع أن يزداد التوجه العالمي نحو تطبيق أنشطة الاقتصاد الإسلامي والصكوك خلال الأعوام القادمة، نتيجة لتنامي الطلب العالمي عليها، خصوصاً بعد أن أثبتت الأزمة المالية العالمية، وما تبعها من تداعيات، أن أنشطة الاقتصاد الإسلامي، وبخاصة أنشطة الصيرفة والتمويل الإسلامية، هي الأكثر انضباطاً والأقل تعرضاً للمخاطر المترتبة على الأزمات. ثانياً، أن الصكوك باتت منتجاً يتماشى مع مختلف القطاعات. وقد شهدت الفترة الماضية حركة إصدارات واسعة للصكوك في قطاعات مختلفة، من بينها التطوير العقاري وصناعة الطيران والمؤسسات المالية الإسلامية، وحتى شركات الاتصالات. ثالثاً، لدورها الحيوي في تعزيز القطاع المالي وحركة الاستثمار والإنتاج من جهة، ودورها في توليد الدخول وإيجاد الثروات من جهة أخرى، وهو ما ينعكس إيجابياً على معدلات النمو الاقتصادي للدول بشكل عام. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.