حرية التعبير... أم حرية التدمير؟!
الرأي عندما يخرج من إطار النقد البناء، يتحول إلى أداة لنشر بذور الفتن بين الأفراد والشعوب والحكومات، وحرية التعبير تصبح حرية الإيذاء وهو ما لا يتناسب مع مصلحة أي مجتمع.
هذا ما أقدم عليه القرضاوي انطلاقاً من قطر الشقيقة في تهجمه على الإمارات واتهامها بأنها ضد «كل حكم إسلامي»، في تحامل يدخل في باب حرية التدمير وليس التعبير.
فالحرية التي يتكئ عليها دعاة الفتنة من أصحاب تيار الإسلام السياسي أو الإسلام المسيس، منقوصة ومرفوضة لأنها تحتوي على شحنات من الأغراض والأهواء التي لا علاقة لها بالرأي أو الرأي الآخر.
إننا نواجه ظاهرة سلبية ومليئة بالمغالطات التي ترتكب بأسماء فضفاضة كالحرية والديمقراطية وغيرها من المصطلحات التي هي حمالة أوجه، وتكال من خلالها تهم للدول والحكومات.
لقد خلط دعاة الإسلام المسيس بين حرية التعبير والدعوة إلى تغيير الأنظمة بالقوة والعنف وكل وسائل الإرهاب المتاحة بين أيديهم، وذلك باستغلال البعض لأجواء «الربيع العربي» الملوثة في تنفيذ مآربه الخفية وأجندته السرية وهو ما شجع القرضاوي على التطاول على الإمارات، مع أنها ليست بحاجة إلى شهادة المتأسلمين لإثبات جدارتها الإسلامية في كافة الأصقاع.
فالإمارات دولة حضارية، اتخذت من روح الإسلام المتسامح نهجاً لعلاقاتها مع كافة دول العالم ولم تستثن أحداً من هذا الإطار الشامل، وهو ما يضيف إلى مصداقيتها ويؤصل نهجها في جميع المجالات.
وما تسبب فيه القرضاوي بخطبته مستهجن، واستدعاء الإمارات للسفير القطري على هذه الخلفية واستنكارها لما قيل عنها جزء رصين من حقها في الدفاع عن سيادتها وعدم السماح لكائن من كان بالتطاول عليها وخاصة من خلال المنابر الرسمية للأشقاء.
ومطلب القيادة الرشيدة في الإمارات من قطر الشقيقة لم يتجاوز الأعراف الدبلوماسية، فإيقاف هذا الرجل عن الاستمرار في رمي سهام الاتهامات جزافاً هو أقل ما يمكن أن يحدث. وهذا الأمر بحد ذاته لا علاقة له بالعلاقات الأخوية التي تجمع الإمارات وقطر منذ القدم، ونعتقد بأن الحد من هذه الفتنة قبل استفحالها هو لصالح الجميع في دول مجلس التعاون.
فما يمر على العالم العربي من ريح سموم «الربيع العربي» يجعلنا أكثر حرصاً على إبقاء منظومة التعاون الخليجي أكثر قوة وأمناً واستقراراً. والوقوف في وجه كل من يريد الطعن في هذه المنظومة هو واجب الجميع ومنطلق الإمارات يصب في هذا الاتجاه، لأن ما يصيب قطر أو أي دولة خليجية أخرى لا يمكن اعتباره شأناً داخلياً لأن الأحداث التي تجري من حولنا تشير بأن هناك مخططاً أصولياً وإرهابياً لا يرجو الخير لهذه المنطقة العصية على التغيير الذي يطالب به رؤوس الشر فيما ينشرون من سموم أفكارهم.
إن انخداع البعض بأن ما يطرح على المنابر ومواقع التواصل الاجتماعي من آراء بأنها جزء من حرية التعبير، قد يعطي مبرراً لكل صاحب فكر متطرف لنشر ما يريد من ترهات على أنها حقائق مطلقة ومن يخالفها وكأنما يخالف الإسلام وهذا أخطر جزئية يريد أمثال هؤلاء التوصل إليها واتهام مخالفيهم بها.
وما يزيد غيظ هؤلاء هو استمرار الإمارات في نموذجها التنموي الحضاري دون أن تعير اهتماماً يذكر للحاقدين والحاسدين وقطاع طرق الحياة والاستمرار فيها.
الإمارات دولة صديقة للعالم أجمع ولقطر الشقيقة من باب أولى، فعلى قطر مسؤولية التصرف بحكمة في هذا الملف حتى لا يتحول إلى حجر عثرة يرمى في المياه الخليجية الصافية، كي لا يكون سبباً في تعكيرها وهذا أقل المطلوب في هذا الوقت الذي يسعى فيه دعاة الفتنة لزرع بذور الشقاق بين الأشقاء.