إذا كانت مراكز البحوث والدراسات تستمد قيمتها وأهميتها من دورها في نشر المعرفة، وإثراء الوعي وتسليط الضوء على القضايا التي تهم الدول والمجتمعات، والمساهمة في إيجاد حلول فاعلة وناجحة لها، فإن «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» يحتل مكانة رائدة في هذا الشأن بين مراكز التفكير والبحوث العالمية، حيث يضع دوماً في قائمة أولوياته الإسهام المعرفي في مجالات الفكر الإنساني المختلفة: السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والاجتماعية والثقافية، وهذا ما يتضح بشكل خاص من التنوع الكبير لفعالياته العلمية والثقافية، التي تسهم في إثراء الوعي المعرفي والاستراتيجي. ومن تابع سلسلة المحاضرات القيمة التي ينظمها «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» في موسمه الثقافي لعام 2014 يدرك بوضوح ذلك الدور الرائد، ليس فقط لقيمة الشخصيات العالمية التي استضافها لإلقاء هذه المحاضرات، وما تمثله من خبرات مختلفة في مجالات الحكم والتنمية والفكر والإدارة، وإنما أيضاً لطبيعة القضايا والأفكار التي تناولتها هذه المحاضرات، حيث تطرقت إلى موضوعات تهم المنطقة والعالم بأسره، أحدث هذه المحاضرات ألقاها السيد مارتي أهتيساري، الرئيس الأسبق لجمهورية فنلندا، الحائز على «جائزة نوبل للسلام» عام 2008، ومؤسس ورئيس مبادرة إدارة الأزمات، وطرح فيها بعض الأفكار البناءة التي يمكن أن تسهم في تسوية النزاعات، سواء تلك الأهلية التي تنشأ في الدولة الواحدة، أو التي تندلع بين دولتين أو أكثر، كالاهتمام بمعالجة المشكلات الاقتصادية وما يترتب عليها من عدم مساواة بين الفئات المختلفة في المجتمع، والاستثمار في تحسين المستوى المعيشي والاجتماعي والاقتصادي للشعوب، مستفيداً من خبرته في الحكم والمشاركة في إدارة العديد من الأزمات في أكثر من منطقة. كما استضاف المركز ضمن سلسلة محاضراته كلا من البروفيسور محمد يونس، رئيس «مركز يونس» في جمهورية بنجلاديش الشعبية، الذي تناول قضية على جانب كبير من الأهمية في علاقتها بمفهوم التنمية بمعناها الشامل، وهي البعد الاجتماعي للأعمال التجارية وأثر ذلك في تنمية المجتمعات واستقرارها بشكل عام، والمجتمعات التي تعاني زيادة في نسبة الفقر والمشكلات الاجتماعية الأخرى بشكل خاص. ومعالي جوليا جيلارد، رئيسة وزراء أستراليا السابقة، التي تناولت في محاضرتها آفاق العلاقات بين دولة الإمارات وأستراليا في المجالات كافة، والجنرال الأميركي المتقاعد ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة المخابرات المركزية، القائد السابق للقيادة المركزية للقوات المسلحة الأميركية، الذي تحدث في محاضرته عن مستقبل القوة الأميركية في السنوات المقبلة، وموقف الولايات المتحدة من قضايا المنطقة، وغيرها الكثير من المحاضرات التي تناولت قضايا حيوية ترتبط بمستقبل الأمن والتنمية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج بوجه عام. يدرك «مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية» أن التطورات المتلاحقة التي تشهدها المنطقة والعالم تفرض على مؤسسات البحث والتفكير مسؤولية كبيرة في مواكبتها ودراستها وتقديم رؤى علمية بشأنها تساعد على فهمها من ناحية، وتسهم في اتخاذ القرارات المناسبة في التعامل الإيجابي معها من ناحية أخرى، وبالفعل استطاع المركز من خلال فعالياته المتنوعة، أن يقدم رؤى ثرية قائمة على متابعة دقيقة وتحليلات موضوعية للأحداث والقضايا المحلية والإقليمية والعالمية، طوال العقدين الماضيين، حتى أضحى أحد أبرز المراكز البحثية على مستوى العالم في مجالات الفكر الاستراتيجي، وأصبحت إصداراته مصدراً أساسياً للمعرفة في مختلف حقولها، وحاضرة كمراجع علمية في جامعات العالم ومكتباته، واستطاع أن يصل بإصداراته وفعالياته وإنتاجه العلمي والمعرفي إلى نحو 5 ملايين شخص داخل الدولة وخارجها، ولم يكن هذا ليتحقق، إلا لأن هذه الإصدارات تتميز بالتنوع والمصداقية والأصالة والرصانة العلمية. ـ ـ ـ ـ ـ عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.