الكنيست» يعرقل المفاوضات .. والتعنت الإسرائيلي يفاقم مشكلة المياه هل يسعى الكنيست الإسرائيلي إلى عرقلة المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني وأية اتفاقيات سلام مستقبلية من خلال تشريع الاستفتاء على تقسيم القدس والانسحاب؟ وما هي تداعيات التعنت الإسرائيلي فيما يتعلق بقضايا المياه وحصة الفلسطينيين في الضفة الغربية؟ وهل تؤثر علاقة نتنياهو السيئة بالرؤساء الأميركيين على وضع إسرائيل؟ تساؤلات نضع إجاباتها تحت الضوء ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية. الاستفتاء على القدس اعتبرت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها أمس أن مشروع القانون الجديد الخاص بضرورة الاستفتاء على تقسيم القدس أو الانسحاب من مرتفعات الجولان، من شأنه تقويض سيادة الكنيست، لافتة إلى وجود قوانين أساسية أخرى تستلزم الموافقة الشعبية على ذلك. وأوضحت أن العملية الدبلوماسية تمضي في طريقين متوازيين، أحدهما المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بوساطة أميركية، بهدف صياغة اتفاق إطار يضع أساساً لاتفاق سلام مستقبلي، والثاني، وهو الأكثر نشاطاً هو بذل الكنيست كافة الجهود الممكنة من أجل إحباط أي تقدم في المسار الأول. وأضافت «أن الهدف من مشروع القانون الجديد هو فرض قيود على الكنيست تجعل من الصعب بشكل كبير تغيير القوانين المتعلقة بتقسيم القدس والانسحاب، بإضافة فقرة تستلزم وجود أغلبية تصل إلى 61 عضواً لتعديل القانون وأغلبية فائقة لا تقل عن 80 عضواً لإلغائه». وتابعت الصحيفة «يبدو أن الكنيست لا يثق في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يعلن في كل مناسبة ممكنة أن تقسيم القدس ليس خياراً». وأشارت إلى أنه علاوة ذلك، يضمن سد الشروط المنيع الذي وضعه نتنياهو أمام العملية الدبلوماسية، مثل الاعتراف الفلسطيني بأن إسرائيل دولة للشعب اليهودي، وطلب بقاء غور الأردن تحت سيطرة إسرائيلية، أن العملية الدبلوماسية ستتعثر حتماً أمام أحد هذه العقبات. وتساءلت الصحيفة، إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يقترح المشرعون قانوناً آخر يهدف إلى تفريغ المفاوضات الدبلوماسية من محتوياتها في الوقت الراهن؟ وذكرت الصحيفة أن أعضاء الكنيست لا يبدو أنهم خائفون فحسب من تحول في مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، وإنما يرغبون أيضاً في تجريد أعضاء الكنيست المستقبليين، حتى وإن كانوا مختارين ديمقراطياً، من صلاحية تحديد محتوى عملية السلام ومستقبل الدولة، إذا سيتعين عليهم الالتزام بنتائج الاستفتاء. وأكدت أن هذا القانون من شأنه تقويض سيادة الكنيست ونسف دعائم الديمقراطية ويجعل من أية اتفاقية سلام مستقبلية مستحيلة من البداية. وأهابت الصحيفة في ختام افتتاحيتها بنواب الكنيست الذين يعرفون أنفسهم بأنهم ساعين للسلام باللجوء إلى الحكمة وأن يضعوا حداً مباشراً لهذا العبث. مخاوف المياه ذكرت صحيفة «جيروزالم بوست» في افتتاحيتها أول من أمس أن مساعدة الفلسطينيين على حل مشاكلهم المتعلقة بالمياه ليست الشيء الصحيح فحسب، ولكن من شأنها أيضاً أن تحقق مكاسب سياسية كبيرة. وسلطت الصحيفة الضوء على تصريحات رئيس البرلمان الأوروبي "مارتن شولز" أثناء كلمته أمام الكنيست الأسبوع الجاري بأن المياه المخصصة للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية تقدر بربع المياه المخصصة للإسرائيليين. وأوضحت أنه حسب تقديرات «أصدقاء الأرض»، وهي منظمة فلسطينية أردنية إسرائيلية تتعامل مع قضايا البيئة والمياه الإقليمية منذ عقدين، فإن معدل استهلاك المياه اليومي للفرد في إسرائيل في عام 2011 بلغ 250 لتراً مقارنة بمتوسط 70 لتراً للفلسطينيين. وأفادت بأنه في الوقت الذي يستمتع فيه الإسرائيليون داخل الحزام الأخضر وفي المستوطنات في الضفة الغربية بإمدادات مياه غير محدودة، يبدو الوضع بالنسبة للفلسطينيين الذين يعيشون في الضفة الغربية مختلف تماماً، حيث تكون إمدادات المياه متقطعة حتى في مدن مثل رام الله وبيت لحم ونابلس. ونوهت الصحيفة بأن الفلسطينيين يلجؤون إلى وضع خزانات على سطوح المنازل لتخزين المياه عند توافرها. وعزت أيضاً إخفاق نظام المياه الفلسطيني بصورة مباشرة إلى موروث اتفاقيات «أوسلو» الذي ينطوي على مشكلات، خصوصاً تخطيط الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق «أ» و«ب» و«ج». وفي لفتت الصحيفة أنه من أجل منع المزارعين الفلسطينيين من «سرقة المياه» تحتاج السلطات الفلسطينية الوصول إلى المنطقة «ج»، حيث إن معظم المزارع تقع هناك، لكن هذه المنطقة تخضع تماماً لسيطرة عسكرية ومدنية إسرائيلية. وتابعت «إن إنشاء محطات تحلية مياه الصرف، التي من شأنها تمكين الفلسطينيين من الاعتماد بدرجة أقل على المياه العذبة في الزراعة، يعتمد أيضاً على الإذن الإسرائيلي، لا سيما أن هذه المحطات لا يمكن بناؤها سواء بصورة جزئية أو كلية إلا في المنطقة "ج"، التي تشكل أكثر من 60 في المئة من الضفة الغربية، والتي تشمل معظم المناطق غير المأهولة». وأرجعت الصحيفة تعثر المشاريع التي تمولها ألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والبنك الدولي إلى النزاعات والروتين، مؤكدة أن إسرائيل طالبت بأن تخدم محطات معالجة الصرف التي يتم إنشاؤها بتبرعات دولية المستوطنات الإسرائيلية والفلسطينيين، وهو ما يقابل بالرفض حتى من قبل المانحين الدوليين. وألمحت إلى أن إسرائيل تفرض معايير مرتفعة جداً لإنشاء هذه المحطات لا تلبيها حتى بعض المحطات الإسرائيلية، خصوصاً أنها تزيد المصاريف الإدارية والإنشائية بشكل كبير. وفي ختام افتتاحيتها، طالبت الصحيفة الكنيست، بدلاً من مهاجمة شولز لأنه فقط نقل ما يشعر به الفلسطينيون من أن سياسات المياه تنطوي على تمييز، بأن يتخذوا خطوات جادة لعلاج الموقف. نتنياهو وأوباما انتقدت صحيفة «يديعوت أحرنوت» في مقالة افتتاحية يوم الأربعاء الماضي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووصفته بأنه «يتعارك مع نظيره الأميركي على حساب إسرائيل». وأفاد كاتب المقال "عامون أبراموفيتش" بأن نتنياهو يستأسد عندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة، ويكون «جباناً كبيراً» عندما يتعلق الأمر بشخصه، موضحاً أنه دائماً في حالة خوف مستمر على المستوى الشخصي والحكومي وحتى الحزبي. وأشار "أبراموفيتش" إلى أن علاقات نتنياهو مع الرؤساء الأميركيين كانت فاشلة ولم تكن أبداً جيدة، سواء مع بل كلينتون في فترة توليه الحكومة الأولى أو مع باراك أوباما خلال الفترتين الثانية والثالثة، مؤكداً وجود حالة من انعدام الثقة وغياب التناغم. وانتقد أبراموفيتش إلقاء الحكومة الإسرائيلية الحالية بالإهانات واللعنات على الإدارة الأميركية. وقال «لا ينبغي أن يكون المرء وزيراً للخارجية الأميركية لمعرفة أن أمن ورخاء إسرائيل الحاليين مؤقت وأن حملة متسارعة لسحب الشرعية في طريقها، وأن أنشطة المقاطعة والحظر ستزداد، حال فشل المفاوضات». وأضاف «تبدو العقوبات الأوروبية ضد إسرائيل قاب قوسين أو أدنى وممكنة أكثر من العقوبات الجديدة ضد إيران»، لافتاً إلى أن عباس وروحاني نجحا فيما لم ينجح فيه غيرهم وهو ذرع الفتنة والخلاف بين إسرائيل والولايات المتحدة. إعداد: وائل بدران