لا بوادر للتسوية
اقترحت روسيا مشاركة دبلوماسيين روس وأميركيين في مفاوضات جنيف2 لتحقيق تقدم بعد تعليق جلسة مشتركة بين وفدي الحكومة والمعارضة السوريين، في مفاوضات السلام الجارية في جنيف، بعد أن رفض مندوب النظام الانخراط وقبول مناقشة تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وهو الأمر الذي كان وفد المعارضة طلبه من المبعوث العربي والدولي المشترك الأخضر الإبراهيمي. وتجدر الإشارة إلى توافق نادر بين الجانبين، بإعلان الحكومة استعدادها لمناقشة اقتراح بطرد المقاتلين الأجانب من البلاد.
ويبدو أن طرفي المفاوضات في جنيف جاءا وكل منهما لديه أجندته الخاصة، يحاول فرضها على الطرف الآخر، فالنظام لا يريد التنازل عن السلطة ويريد استمرار الأسد فيها مهما كان السبب، بينما تطمح المعارضة إلى تشكيل حكومة انتقالية في سوريا من دون وجود الأسد.
استمرار الحرب الأهلية في سوريا يعني عدم قدرة الطرفين على إيقافها والتفاوض على حل المشكلة سلمياً، فتأكيد المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي على عودة القضية إلى مجلس الأمن يعني صعوبة التوصل إلى حل بدون اتفاق الدول العظمى عليه. روسيا لا تريد التفاوض مع مجلس الأمن ولا تريد إصدار بيان من المجلس يدين سوريا ومعاملتها للأبرياء من المدنيين، بل تحاول تأخير التوصل إلى حلول سلمية، لأنها تتصور أن باستطاعة النظام حسم المعركة لصالحه، وقد زودته بالأسلحة، كما تدعمه إيران وأنصارها بالرجال والعتاد.
الأمر المؤكد بالنسبة لنا هو أن الحسم العسكري لصالح النظام لن يحدث، بسبب اتساع رقعة العنف الذي تمارسه السلطة، ما أدى في المقابل لاتساع حجم المقاومة الشعبية التي كانت سلمية في بدايتها ثم تحولت إلى مقاومة مسلحة للرد على همجية الإرهاب والعنف الذي يمارسه النظام. استمرار الحرب الأهلية فتح الأبواب لدخول جماعات جهادية شتى مع المعارضة، وإلى تدخّل إيران وأنصارها من شيعة العراق ممثلة بلواء أبوالفضل العباس و«حزب الله» اللبناني لدعم النظام.
دعم روسيا نظام الأسد يعود إلى تخوفها من سقوط النظام، ما يعني إضعاف إيران وفقدان روسيا مصالحها في آسيا بعد خروجها من أفريقيا وأميركا اللاتينية. القيادة الروسية لا تزال تؤمن بأن حل المشكلة في سوريا يكمن في بقاء الأسد والضغط على أقطاب المعارضة لقبول العمل معه لمنع التطرف الديني، وبذلك تتحقق مصالح روسيا في المنطقة من دون أن تأخذ في الاعتبار مطالب الشعب السوري التي ثار من أجلها، وهي تحقيق الديمقراطية والحرية واحترام حقوق الإنسان. روسيا لا تكترث كثيراً لمعاناة الشعب السوري اليومية مع هذا النظام الدموي.
الخوف كل الخوف أن تستمر الحرب الأهلية السورية لعدة سنوات دون أن يحقق أي طرف انتصاراً عسكرياً، وقد تمتد آثار الحرب للمنطقة ككل، وتستمر معاناة الشعب العربي السوري المأساوية دون أن يتحرك الضمير العالمي لوضع حد لهذه الكارثة.