سعدت كثيراً عند قراءتي للكثير من المقالات التي كتبها ضيوف الإمارات بعد حضورهم القمة الحكومية التي شاركت فيها 50 دولة وتحدث خلالها أكثر من 60 متحدثاً. «الريادة في الخدمات الحكومية» كان شعار القمة وهدفها، لكن ما أبهر الناس هو الفعل وليس القول، فمن زار الإمارات قبل عشر سنوات فقط لن يصدق النقلة التي جرت في هذا الجزء من الوطن العربي في زمن قياسي، حتى علق أحدهم بقوله تمنيت أن أمر على دولة أخرى قبل وصولي إلى الإمارات كي لا أحس بالفجوة الكبيرة بين دولتي والإمارات. لست هنا بصدد الحديث عن أسرار التميز الحكومي في الإمارات، فكلنا يعلم أن القيادة الناجحة هي من تترك أعمالها تتحدث عنها، وهذا ما نعرفه نحن عن قيادة الإمارات التي نادراً ما تصرح أو تتكلم، لكن الفعل هو أصدق من القول. لكن فرسان الكلام من أهل الإمارات إن تحدثوا اقنعوا، لأنهم واقفون على أرض صلبة من الواقع الملموس، لن أتحدث عن الخطط الاستراتيجية التي تعمل عليها لجان وطنية لتحقيق أجندة هدفها سعادة المواطن وتحقيق المعادلة الصعبة، وهي التميز في كل شيء، قد يصاب أحدنا بالغرور عند سماعه لحديث الناس عنا، ولأننا قوم ما عهدنا المديح في ذواتنا، نفخر دون أن نعبر عن أهم منجزاتنا، التي لو تحقق بعضها في دول أخرى لنصبوا من أجلها تماثيل التمجيد. من يتابع مجريات الأمور في دولة الإمارات، ويرصد ما تحقق من منجزات يستطيع أن يؤلف حولها أكبر الأطروحات التي تدرس في أرقى الجامعات. لكن السر الذي لا يفهمه غير أهل الإمارات فيما تحقق من منجزات يتلخص في قرب المسافات. تقارب المسافات بين الحاكم والمحكوم، بين القيادة والشعب، هذا هو السر وراء الكثير مما تحقق في دولة الإمارات، وبالرغم من بساطة هذه العبارة إلا أن إسقاطها على واقع الدول العربية يتلمس أحدنا أهميته، فعندما يتحرك قادة الإمارات في طرقنا دون حراسة تذكر، ويشارك صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في القمة الحكومية، ويجلس مستمعاً للحوار، متوسطاً عامة المشاركين من الناس، وعندما ينفذ سمو وزير الخارجية طلب مدير الجلسة الذي لم يسمح له بالتعليق، قد يظن البعض أن هذه السمات «فبركات» من أجل الإعلام- كما هو شأن أهل السياسة حول العالم، يجيدون التمثيل على شعوبهم من أجل ضمان أصواتهم وتأييدهم- لكن أهل الإمارات يعرفون أن هذه الصفات في قادة الإمارات فطرة سوية ورثوها عن آبائهم القادة المؤسسين للدولة، وطبقوها في حياتهم، وينقلونها بالتدريب العملي لمن حولهم من المسؤولين وصناع القرار، لاحواجز تحول بين الإنسان، والوصول للمسؤولين، وصُناع القرار في دولة الإمارات. وفي كلمته خلال القمة تحدث سمو الشيخ منصور بن زايد، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة عن أهمية وجود معايير لمتابعة وقياس نزول المسؤولين للميدان، بكل تأكيد هذه سمة من النادر رؤيتها في كثير من الدول العربية التي وضعت حواجز حالت بين الناس والقيادة، فأصبح الناس في وادٍ وقياداتهم بعيدة عنهم، هذه الفجوة هي أحد أهم أسرار تقهقر الدول العربية، لأن الربان بعيد عن الميدان. الإمارات اليوم تضرب مثلاً للتلاحم الوطني الذي حال دون تحقيق البعض لأجنداتهم الخارجية وفضح كل التقارير المزعومة، وأتمنى‏? ?ممن? ?زارنا? ?استنساخ? ?تجربتنا?.