تلقيت دعوة كريمة من حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة للمشاركة في فعاليات «القمة الحكومية» في دورتها الثانية في إمارة دبي، والتي قد تكون أكبر تجمع لأي قمة أو مؤتمر على حد علمي -بمشاركة 4700 مدعو وضيف ومشارك من 50 دولة ومنظمة عالمية وأكاديميين وإعلاميين ووزراء ومسؤولين وممثلين للقطاعين الحكومي والخاص. وقد أطلق عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، صفة «قمة الهمم». كلما أزور الإمارات تزداد دهشتي وإعجابي بحجم وتميز الإنجازات والطموح والتنظيم في العاصمة الاتحادية أبوظبي وكذلك دبي في ظل تميز وقفزات مدروسة وواضحة نحو مستقبل أفضل لشعب الإمارات العربية المتحدة الشقيق، وحتى لملايين المقيمين في الإمارات الذين ينعمون بإنجازات هذه الدولة التي حلمها وطموحها السماء! في السابق شكك البعض في قدرة دبي على تحقيق أي من تلك الإنجازات! ولكن من شكك بالأمس يُدهش اليوم كيف تمكنت دبي من تطوير مطار هو ضمن الأكبر في العالم، يتسع لستين مليون مسافر، وأكبر شركة طيران خارج الولايات المتحدة، وأطول برج في العالم (برج خليفة)، وأكبر مجمع تسوق في الشرق الأوسط «دبي مول»... وفندق 7 نجوم... وتشييد موانئ دبي أكبر مرفق آلي بشكل شبه كامل، ما يجعلها أكبر منشأة مرافئ في العالم. وبناء أول شبكة مترو في الشرق الأوسط خارج القاهرة. وأكبر جزيرة اصطناعية (جزيرة النخيل) على ساحل الخليج، وبناء عشرات ناطحات السحاب التي تتزاحم في شارع الشيخ زايد. كما أن دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة تملك وتدير شركة موانئ دبي العالمية DP World التي تُعد من أكبر مشغلي المحطات البحرية في العالم مع أكثر من 65 محطة في أرجاء القارات الست. وتحتوي على فريق مختص من ذوي الخبرة، وتعد من أكبر مشغلي الموانئ في العالم. ولذلك لم يكن مستغرباً احتضان أبوظبي ودبي لمراكز فكرية وجامعات عالمية وسباق الفورمولا واحد وفرع لمتحف اللوفر، وتُوجت جهود دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة دبي باستضافة إكسبو 2020 أكبر معرض عالمي تتنافس عليه كبرى الدول والمدن في العالم.. وهذا إنجاز يعترف بتتويج القوة المرنة لدولة الإمارات العربية المتحدة ودبي. وكل تلك الإنجازات والتميز والانتقال للحكومة الذكية وجلسات العصف الذهني التي يعقدها الشيخ محمد بن راشد لتطوير العمل وخدمات الحكومة، وصولاً إلى توجيهات من سموه ومبادرة غير مسبوقة بمسابقة وطنية عالمية لابتكار طائرات دون طيار (drones) لتقديم الخدمات الحكومية للمراجعين والأدوية للمرضى وأوراق ثبوتية وبطاقات شخصية، ويتم التعرف على طالبي تلك البطاقات والوثائق والأدوية عن طريق بصمة العين والأصابع. وتكون مفتوحة للشركات والجامعات والأفراد المبدعين والمتخصصين في هذا النوع من التكنولوجيا.. وهذا يأتي ضمن مفهوم دولة الإمارات العربية المتحدة الرائدة في مجال ما بات يعرف بـ«الحكومة الذكية»، والحكومة التي تنظر للمستقبل، وتقدم خدماتها ضمن تطبيقات الهواتف الذكية في تسخير للتكنولوجيا الحديثة في خدمة المواطنين والمراجعين وتخفيف الازدحام وتقليص فترة الانتظار... وفي ضوء كل هذه الإنجازات إذا بأولئك المشككين بالأمس يقفون اليوم مشدوهين مندهشين لما يرونه من حلم وخيال تحول إلى واقع وحقيقة! واضح أن دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة إمارة أبوظبي وكذلك إمارة دبي، وتحت إدارة متميزة وبرؤية وجرأة وخطط يتم تطبيقيها قد تحولت إلى قوة ناعمة مؤثرة ونموذج لكيفية خدمة المواطن وجعل خدمته وسعادته هدف القائمين على الدولة وإدارتها.. وكان مثيراً، وهو ما يلخص فلسفة الشيخ محمد بن راشد، ما أخبرنا به في لقائه مع الإعلاميين والكتاب الذين شاركوا في القمة الحكومية في دورتها الثانية الأسبوع الماضي في دبي حين وصف القمة بـ«قمة الهمم.. قمة أصحاب الهمم... هدفنا في دولة الإمارات صناعة الأمل وصناعة الحياة، وصناعة المستقبل، وإسعاد الناس..». وبيّن لنا سموه الفرق بين إرضاء الناس وإسعادهم، وشرح لوزيرة خليجية في القمة الفرق بقوله: «الرضا لهنيهة، أما السعادة فتدوم أكثر وشبه دائمة، كما النصر فإنه نصر مؤقت. أما التفوق فهو أبدي!». واضح أن دولة الإمارات لديها خطط طموحة ومبدعة وقيادة مسؤولة مهتمة ليس فقط براحة مواطنيها وساكنيها ولكن بإسعادهم أيضاً كما يؤكد ذلك الشيخ محمد بن راشد. وأكثر ما لفت اهتمامي كانت كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وفي المحاضرات التي استمعت إليها عن الخدمات الحكومية الذكية لخدمة المواطنين والمراجعين للإدارات والدوائر الحكومية، والخطط والاستراتيجية المستقبلية، هو روح الثقة والتفاؤل والافتخار المستحق بالإنجازات، التي شكك البعض في إمكانية أو القدرة على تحقيقها.. فإذا هي واقع معاش اليوم، خاصة كيف يمكن أن تدير الخدمات كبنك وفريق كرة قدم عالمي وشركة طيران! بكفاءة وإنتاجية متناهية وبرضا الجمهور، بل بسعادته! كما سعدت بلقائي الخاص والمطول مع سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة الذي خصص لي مشكوراً جلسة عصف ذهني معمقة وواقعية عن قضايا مهمة تهمنا جميعاً في منطقة الخليج العربي. ولا أجد أفضل مما قلته في التغريدة -إن دولة الإمارات محظوظة بوجود شخصيات في مراكز صنع القرار بهذا الانفتاح والعقلية والرؤية والقرار الجريء والتواضع. تخطو دولة الإمارات العربية المتحدة كما أكدت في تغريدة خطوات واثقة نحو المستقبل بعيداً عن التسييس والمشاحنات والتأزيم وانسداد الأفق في بيئة إقليمية ضاغطة وغير مستقرة، ولكن لا تمنعها من الإبداع والتميز داخلياً... حيث تُبرز دولة الإمارات قوتها الناعمة وتبتعد عن السياسة والتأزيم، وتحقق النمو والتطور واقتصاد المعرفة والخدمات والاستثمار في البشر والحجر معاً. عدت إلى الكويت وأنا أكثر ثقة بأن الإمارات تسير على الطريق الصحيح لتنتقل لاقتصاد المعرفة والحكومة الذكية. وأن كل ما تشهده الإمارات اليوم ما هو سوى محطات مهمة في سعيها الواثق ضمن برنامجها الطموح «رؤية الإمارات 2021»، لتصل في الذكرى الخمسين للاستقلال إلى مصاف الدول التي تنافس بحضورها وإمكان،ياتها وخدماتها العصرية والذكية دول العالم في الشرق والغرب وتصنف من أفضل دول العالم تطوراً وتقدماً وسعادة!