الصحافة البريطانية
إرهاب يضرب السياحة المصرية... وحكومة جديدة في إيطاليا
تجاوزات النظام في كوريا الشمالية، وتضرر السياحة المصرية بسبب العنف، واستفحال الأزمة السورية بعد فشل مفاوضات جنيف-2، ثم حكومة جديدة في إيطاليا... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة البريطانية.
أمة المجاعة
بهذا العنوان استهلت صحيفة «ذي إندبندنت» افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي متطرقة إلى التقرير الأممي الأخير عن الوضع الحقوقي المروع في كوريا الشمالية، فحسب الصحيفة لم يعد هناك أدنى شك في قتامة الصورة التي دأبت على رسمها المنظمات الدولية حول وضعية الشعب الكوري تحت حكم نظام كيم الذي يحكم الكوريين منذ أجيال، وقد ذاقوا على يديه الأمرّين بسبب الممارسات المجرمة، تقول الصحيفة، فمن التسبب في المجاعة إلى التعذيب الصارخ والسخرة، إلى أنواع غير مسبوقة من القتل العشوائي خارج نطاق «القانون». وما التقرير الأخير الصادر عن الأمم المتحدة سوى إثبات لما يعرفه الجميع، فبعد سنة كاملة من التحقيق والاستماع لأكثر من 80 شخصاً من كوريا الشمالية تمكنوا بطريقة أو بأخرى من الهرب خارج البلد، صاغت اللجنة تقريراً صادماً يوثق أبشع الممارسات التي يخضع لها الكوريون. لكن رغم المعرفة المسبقة بما يجري من تجاوزات حقوقية في كوريا الشمالية، يعد التقرير الأممي أول إدانة رسمية صادرة عن المنظمة الدولية، إذ ينتهي بتوصية مهمة تقضي بإحالة ملف حقوق الإنسان في كوريا الشمالية إلى محكمة الجنايات الدولية. وحتى هذه اللحظة، تقول الصحيفة، قامت اللجنة المختصة بمهامها على أحسن وجه، ليبقى استكمال المهمة مرهوناً بأمور أخرى وعقبات عويصة، فالولاية القضائية للمحكمة الجنائية لا تتجاوز 2002 وهو تاريخ إنشائها، فيما القضايا السابقة على ذلك يتعين إنشاء محكمة خاصة بها على غرار ما جرى في قضية سيراليون مثلا. هذا الأمر ينطوي على عراقيل كثيرة، حسب الصحيفة، أولها ضرورة موافقة مجلس الأمن الذي من أعضائه الدائمين الصين، والحال أن بكين من الداعمين لنظام كين يونج أون، ومن غير المحتمل أن ترخص بإنشاء محكمة دولية خاصة بكوريا الشمالية، ليظل الأمر معلقاً حتى إشعار آخر فيما النظام يوغل في بشاعته.
مصر وشريان الحياة
في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي، تناولت صحيفة «الجارديان» قطاع السياحة في مصر على ضوء الهجوم الأخير الذي استهدف حافلة سياحية بجنوب سيناء أوقعت قتيلين كوريين وسائقهما المصري، معتبرة أن السياحة هي شريان الحياة بالنسبة لمصر، لاسيما في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تعيشها البلاد والناتجة في جزء منها عن الاضطرابات السياسية وعدم استقرار وضع الحكم نهائياً في مصر. لكن الاضطرابات السياسية ليست سوى جزء من الإشكالية الاقتصادية، فحسب الصحيفة هناك عوامل بنيوية مرتبطة على نحو خاص بمصر، فعدد السكان في تزايد وهو إذ يبلغ اليوم 84 مليون نسمة، فإنه سيتضاعف -حسب التقديرات، بحلول 2050، تلك الكثافة السكانية العالية تعيش في معظمها على جانبي النيل وفي الساحل الشمالي المطل على البحر المتوسط، يضاف إلى ذلك مشكلة ندرة الأراضي وشح المياه التي اعتبرتها الصحيفة أحد العوامل المهمة التي قادت إلى ثورة 2011 ما دفع البعض إلى تسميتها بـ «ثورة العطشى». وتضيف الصحيفة أن الصعوبات الاقتصادية استمرت حتى بعد الثورة ومجيء الرئيس المعزول محمد مرسي، متجسدة في نقص الطاقة والوقود. ولأن هذه الإشكالات تتطلب وقتاً لحلها، ظل المورد الأساسي المتاح هو القطاع السياحي، ورغم التراجع الملموس في هذا القطاع منذ ثورة 2011، إلا أن الحكومة المصرية الحالية، تقول الصحيفة، بذلت جهداً لتنشيط القطاع، لاسيما في المناطق البعيدة عن مظاهرات القاهرة، وربما لذلك جاء التفجير الأخير في جنوب سيناء لينسف تلك الجهود، كما أن تحذير جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تبنت تفجير حافلة السياح، يزيد من تعقيد الوضع ويحرم مصر من مورد دخل أساسي. وأمام هذا الوضع لا ترى الصحيفة من حل سوى في مبادرة السلطات القادمة، التي لابد أن المشير عبد الفتاح السيسي سيلعب دوراً محورياً فيها، إلى طرح تسوية تحقق المصالحة الوطنية.
انهيار مفاوضات جنيف
سلطت «ديلي تلجراف» في افتتاحيتها ليوم الأحد الماضي الضوء على النهاية المؤلمة التي آلت إليها مفاوضات جنيف-2 بين الوفد الرسمي السوي ووفد المعارضة، برعاية أممية. فرغم أن أحداً لم يتوقع أن يتحقق اختراق مهم في مسار المفاوضات ينهي الأزمة السورية بالنظر إلى تعقيداتها الداخلية وتشابكاتها الإقليمية، إلا أنه لا أحد أيضاً، تقول الصحيفة، توقع الفشل السريع للجولة الثانية من المفاوضات والتي لم تستغرق أكثر من 27 دقيقة خرج على إثرها الوفدان خاويي الوفاض، فيما سارع الوسيط الأممي الأخضر الإبراهيمي إلى إعلان نهاية المفاوضات والمرارة بادية عليه دون تحديد موعد لاستئنافها، لتستمر مأساة الشعب السوري الإنسانية تحت القصف المتواصل والعنف المتفشي، وأيضاً الحصار والنقص الكبير في الغذاء والمواد الأساسية. والأمر لا يقتصر على فشل المفاوضات، بل تمتد الأزمة، كما تقول الصحيفة، إلى تعثر الاتفاق المبرم بين النظام والمجتمع الدولي لتسليم أسلحته الكيماوية، فبعد توافق أميركي روسي كان يفترض أن يسلم النظام السوري 700 طن من المواد الكيماوية في موعد أقصاه 31 ديسمبر 2013، لكن ما حدث أنه إلى غاية الشهر الماضي لم يسلم النظام سوى 4 في المئة من تلك الكمية. ومع أن حصة أخرى من الأسلحة سُلمت إلى المفتشين الدوليين في الآونة الأخيرة، إلا أنه في أحسن الأحوال يقدر الخبراء الكمية التي خرجت من سوريا حتى اللحظة بنحو 50 طناً، فيما يتوافر النظام على ترسانة هائلة من السلاح الكيماوي تصل إلى 1300 طن، ما يعني حسب الصحيفة أن النظام ما زال يناور، اعتقاداً منه أن فرص البقاء في السلطة ما زالت قائمة، وهو أمر ما كان له أن يتم دون دعم روسي وإيراني للنظام. والنتيجة الوخيمة التي تحذر منها الصحيفة هي انتقال المسلمين الغربيين إلى سوريا لمقاتلة النظام وتحول عدد من المواطنين الغربيين إلى جهاديين، خاصة بعدما ما رصدته أجهزة الاستخبارات البريطانية ونظيرتها الغربية من تزايد لأعداد المسلمين البريطانيين المتوجهين للقتال في سوريا، ما يطرح تحديات أمنية جسيمة على الغرب.
حكومة جديدة في روما
حتى بعد تكليف ماتيو رينزي لتشكيل الحكومة الجديدة في روما، ترى «الفاينانشال تايمز» في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي أن إيطاليا لم تخرج بعد من أزمتها الاقتصادية، فرغم استئناف النمو الاقتصادي خلال الأشهر الثلاثة حتى ديسمبر الماضي، ما زال الناتج المحلي الإجمالي أقل بحوالي 8 في المئة مقارنة بما كان عليه قبل الأزمة المالية للعام 2008، هذا بالإضافة إلى الدين الحكومي الكبير الذي فاق 133 في المئة من الدخل القومي، الأمر الذي أفرز حالة من التجاذب السياسي تُرجم في الإطاحة بحكومة إنريكو ليتا الذي تمرد عليه حزبه الديمقراطي. بيد أن مجيء حكومة جديدة حتى لو كانت بقيادة السياسي الشاب، رينزي، لا يعني انتهاء المشاكل، لاسيما وأن الصعوبات التي واجهت الحكومة السابقة والمتمثلة أساساً في الحكومة الائتلافية التي لم تتوافق على الإصلاحات الكبرى، ما زالت قائمة، ما يعني أنه على رئيس الحكومة الجديدة التصدي لمشاكل إيطاليا المزمنة، سواء السياسية منها مثل إقرار قانون انتخابي يساعد على تشكيل حكومات منسجمة وقوية تمرر برنامجها دون ارتهانها للأحزاب الصغيرة، أو الإصلاحات الاقتصادية المهمة مثل إدخال تعديلات على سوق العمل، وتقليص النفقات العمومية بالتزامن مع خفض الضرائب. وتكتسي هذه الإصلاحات في نظر الصحيفة أهمية كبرى بالنسبة لرينزي الباحث عن وسيلة لإثبات نفسه، لاسيما وأنه جاء إلى رئاسة الحكومة عبر مناورة سياسية وليس من خلال صناديق الاقتراع.
إعداد: زهير الكساب