نظافة الغاز الطبيعي: تحفظات وشكوك
تمتع الغاز الطبيعي على مدار سنوات بسمعة طيبة باعتباره أنظف أنواع الوقود الأحفوري لأن نسبة ثاني أكسيد الكربون المنبعثة منه عند احتراقه أقل من الفحم والنفط. ومع ظهور التكنولوجيا التي سمحت للشركات بأن تستخرج الغاز من داخل التكوينات الصخرية في الولايات المتحدة، توافر الغاز المحلي وأصبح رخيصاً، ونتيجة لهذا حل محل الفحم بشكل متزايد في توليد الطاقة ويحل محل البنزين والديزل في السيارات. لكن من وجهة النظر المناخية، ما مدى نظافة الغاز؟
أشارت بعض الدراسات في الآونة الأخيرة إلى أن إنتاج الغاز الطبيعي، بما في ذلك ما ينتج بطريقة التكسير الصخري، ينبعث عنه الكربون عبر غاز الميثان إلى الغلاف الجوي لدرجة قد لا يكون معها الأمر يستحق عناء التحول عن الفحم. وفي هذا الجدل تدخل الحلبة نتائج توصل إليها باحثون تفيد بأن ما ينبعث من غاز الميثان من كل المصادر في الولايات المتحدة قد يكون أكثر بنسبة تتراوح بين 25 و75 في المئة عما يرد في التقارير الاتحادية السنوية عن الانبعاثات الغازية في البلاد. وهذا الاكتشاف في حد ذاته مثير للقلق لأن الميثان من الغازات المؤثرة في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن هل هو عامل في الجدل بشأن الغاز الطبيعي؟ الإجابة تسمح لأنصار الصناعة بأن يتنفسوا بسهولة.
وتوصل الباحثون الذين يحللون التقارير الاتحادية لانبعاثات الغاز إلى أنه حتى لو كانت صناعة الغاز، على سبيل المثال، مسؤولة عن كل انبعاثات الميثان الإضافية، فإن الغاز الطبيعي ما زال يتمتع بميزة الانبعاثات الأقل من الكربون مقارنة بالفحم في الاستخدامات الصناعية. وظهر التحليل في صورة مقال في «منتدى السياسة» في العدد الحالي من مجلة «ساينس». ويأتي التحليل في الوقت الذي اقترحت فيه بعض الدراسات بشأن استراتيجيات كبح الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري أنه بتقليص انبعاثات الصناعة من الميثان وأيضاً استخدام الكربون الأسود وعناصر قصيرة العمر نسبياً من تلك المسببة لارتفاع درجة الحرارة، قد يستطيع العالم أن يبطئ الإيقاع الذي ارتفع به متوسط درجات الحرارة على مدار القرن الماضي.
وفي عام 2012، أصدرت الوكالة الأميركية للحماية البيئية قواعد جديدة لتقليص الانبعاثات من عمليات استكشاف وإنتاج النفط والغاز بما فيها انبعاثات الميثان من إنتاج الغاز. واللوائح سيجري العمل بها بشكل كامل العام المقبل، وعندما يحدث هذا فإنها ستخفض انبعاثات الغاز، وفق بعض التقديرات، بما يتراوح بين مليون و1.7 مليون طن في العام. والتحليل الجديد هو الأول من نوعه فيما يبدو، إذ يلقي نظرة شاملة مستقلة على انبعاثات الميثان الأميركية. وتميل تقديرات انبعاثات الميثان في مثل هذه الدراسات لأن تبين أن سجلات الوكالة الأميركية للحماية البيئية تقلل من قيمة مثل هذه الانبعاثات.
واستناداً إلى هذه الدراسات قال فريق يضم علماء من سبع جامعات ومعملين قوميين والإدارة القومية للمحيطات والغلاف الجوي وأيضاً ثلاث منظمات غير حكومية، إن البلاد ينبعث فيها الميثان أكثر مما تسجل الوكالة الأميركية للحماية البيئية بما يتراوح بين سبعة ملايين طن و21 مليون طن، ويرجح أن يكون الرقم 14 مليون طن. واستشهد الفريق بمجموعة من الأسباب للتفاوت في الأرقام. ومنها على سبيل المثال، أن الوكالة تقوم بالقياس في مواقع توافق على التعاون مما قد يؤدي إلى تحريف النتائج. ولأسباب خاصة بالميزانية فهناك قيود على عدد المواقع التي تستطيع الوكالة الحصول على عينات منها بشكل منتظم.
وحاول الفريق أيضاً أن يقدّر نسبة انبعاثات صناعة إنتاج الغاز الطبيعي من بين إجمالي تقديرات الوكالة للانبعاثات. وقال آدم براند، أحد المشاركين البارزين في كتابة التحليل، وهو باحث في جامعة ستانفورد مختص بهندسة مصادر الطاقة، إن «المساهمة الفعلية للغاز الطبيعي لكل هذه الزيادة الإجمالية غير معلومة في هذه المرحلة، فليس هناك ما يكفي من الأدلة العلمية ما يقدم لنا إجابة صارمة». لذا فإن الفريق يفترض الأسوأ، وهو أن الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الغاز الطبيعي تمثل الفارق الزائد عن تقديرات الوكالة والذي يبلغ 14 مليون طن في العام تقريباً، وهو شيء يعترفون بأنه غير مرجح إلى حد بعيد مع الأخذ في الاعتبار مصادر الانبعاثات المحتملة. وقال براند في إفادة صحفية إنه حتى لو كانت صناعة الغاز مسؤولة عن كل انبعاثات الميثان التي تزيد على ما سجلته الوكالة، فبالنظر إلى الغاز الطبيعي باعتباره «جسراً» مؤقتاً للوقود وتأثيره على انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري على مدار المئة عام المقبلة فإن «استبدال الغاز الطبيعي محل الفحم مازال يبدو مفيداً للغاية». وحتى في حالة أعلى التقديرات لانبعاثات الميثان وافتراض أن كل هذا يأتي من صناعة الغاز الطبيعي، «وهو ما نعتقد أنه غير مرجح»، فمازال الغاز يتفوق على الفحم.
والصورة أكثر غموضاً فيما يتعلق بالنقل، فالمدن تحول أساطيلها من الحافلات إلى استخدام الغاز الطبيعي وكذلك تفعل بعض الشركات وحكومات الولايات مع سياراتها. وتوصل الفريق إلى أنه على مدار مئة عام نفسها، من غير الواضح ما إذا كانت هناك فائدة للمناخ من استخدام الغاز الطبيعي بدلا من البنزين في السيارات والشاحنات الخفيفة. وفي حال المركبات الثقيلة مثل الحافلات فمن غير المرجح أن يكون الغاز الطبيعي أكثر فائدة من الديزل رغم أن الباحثين يعترفون بأن التحول عن الديزل إلى الغاز الطبيعي يحدث بغرض تنظيف الهواء.
-----
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
-----
بيت سوبتس