دور مهم للقوافل الثقافية
تنطوي مبادرة «القوافل الثقافية» التي تنظمها وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع سنوياً على أهمية كبيرة، ليس فقط لأنها تعمل على تلبية احتياجات المجتمع المحلي في مناطق الدولة البعيدة من الثقافة والمعرفة، وإنما أيضاً لأنها تسهم في تنمية الوعي الثقافي لدى أفراد المجتمع، وترسيخ قيم الثقافة المجتمعية الإيجابية، كالانتماء والولاء وتعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة من النشء والشباب، وخاصة أن هذه القوافل تركز على الأنشطة المجتمعية والثقافية والتراثية المرتبطة بالمجتمع المحلي، وتعرّف الأبناء بتراث الآباء والأجداد، الذي يعتبر أحد مصادر القوة للثقافة الإماراتية.
لقد شهدت فعاليات القافلة الثقافية الأولى بمنطقة قدفع بالفجيرة، مؤخراً، تجاوباً كبيراً من جانب جمهور وأهالي قدفع والمناطق المجاورة لها، الذي تفاعل مع الأنشطة المتنوعة التي تضمنتها، ما بين إلقاء الشعر والمسابقات الأدبية والتراثية، والمحاضرات الثقافية، والعروض الشعبية التي شارك فيها أكثر من ست فرق للفنون الشعبية، إضافة إلى العديد من المعروضات اليدوية والتراثية، حيث وجدت الأسر ما يلبي احتياجاتها كافة، الأمر الذي يعكس ما تمثله هذه القوافل من أهمية للمناطق البعيدة في مختلف إمارات الدولة، كونها تتعرف عن قرب إلى احتياجاتهم، وتسهم في تلبية هذه الاحتياجات، وذلك من خلال الهيئات المحلية والاتحادية التي تشارك في هذه القوافل، والتي وصل عددها في القافلة الثقافية في قدفع إلى نحو 130 هيئة.
ولا شك في أن مشاركة هذا العدد الكبير من الهيئات المحلية والاتحادية في القوافل الثقافية من شأنه أن يرسخ مفهوم المسؤولية الاجتماعية، ويعمّق من فكرة الشراكة بين الهيئات الحكومية والخاصة، وبما يستجيب لاحتياجات المجتمع المحلي على المستويات كافة، وهذا الأمر ينطوي على قدر كبير من الأهمية لأنه يعمّق من التماسك المجتمعي. ومبادرة القوافل الثقافية بهذا المعنى هي ترجمة واضحة للدعوة التي وجّهها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى الشعب بمناسبة العيد الوطني الثامن والثلاثين في شهر ديسمبر 2009، إلى تعزيز التلاحم المجتمعي الذي «يرسّخ قيم التماسك الأسري والتكافل الاجتماعي والشراكة? ?المجتمعيّة?»?، ??وتؤكد? ?في? ?الوقت? ?ذاته? ?أهمية? ?ترسيخ? ?القيم? ?الثقافية? ?والوطنية? ?والمجتمعية? ?في? ?المناطق? ?كافة? ?على? ?مستوى? ?الدولة، ??باعتبارها? ?الأساس? ?في? ?الحفاظ? ?على? ?تماسك? ?المجتمع? ?وتأكيد? ?هويته? ?الوطنية? ?والثقافية، ??وهذا? ?ما? ?عبّرت? ?عنه? ?بوضوح? ?كلمة? ?صاحب? ?السمو? ?رئيس? ?الدولة? ?بمناسبة? ?ذكرى? ?اليوم? ?الوطني? ?الـ? ?42??في? ?الثاني? ?من? ?ديسمبر? ?2013، ??التي? ?قال? ?فيها? ?سموه? : «?لن? ?يكون? ?المستقبل? ?الذي? ?نصبو? ?إليه? ?ونتطلع? ?نحوه? ?من? ?دون? ?بيئة? ?اجتماعية? ?ثقافية? ?غنية? ?مؤثرة? ?تزيدنا? ?ثقة? ?بذاتنا? ?وفخراً? ?برموزنا? ?وتمثلاً? ?لتراثنا، ??إن? ?تنمية? ?لا? ?تحمي? ?الأسرة? ?ولا? ?تستلهم? ?المخزون? ?الثقافي? ?للمجتمع? ?وأخلاقه? ?هي? ?تنمية? ?ناقصة? ?مهما? ?بلغت? ?عائداتها، ??فتجريد? ?الإنسان? ?من? ?لغته? ?وعاداته? ?وتقاليده? ?وقيمه? ?حرمان? ?له? ?من? ?انتمائه? ?وعناصر? ?هويته? ?وإلغاء? ?لقدرته? ?على? ?التحدي? ?والإبداع? ?والتميز? ?والانفتاح? ?الواعي? ?على? ?ثقافات? ?العالم?»?.
لقد حرص مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية على المشاركة في فعاليات القافلة الثقافية الأولى بمنطقة قدفع بالفجيرة، من منطلق حرصه على إثراء مختلف الفعاليات الثقافية التي تشهدها مختلف إمارات الدولة، وإيماناً منه بأن الثقافة أصبحت تلعب دوراً حيوياً في إثراء المجتمعات فكرياً ووجدانياً، كما باتت من ركائز التنمية الشاملة، ومقياساً لنوعية النمو ونجاحه، لدورها المهم في تنمية وعي وسلوك وخبرة الإنسان الذي يعتبر محرك التنمية الشاملة والمستدامة.
-------
عن خدمة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية