أليس من الغريب أن تقوم الدنيا ولا تقعد، لأن رجلاً مواطناً اعتدى على رجل آسيوي بالضرب لأنه كاد أن يودي بحياته وحياة أولاده، ولا يقول أحد شيئاً حين يضرب رجل آسيوي رجلًا مسناً أعزل مقعداً . أليس في الأمر ما يثير الاستغراب، وكأن المعتاد أن يعتدي الغريب على صاحب الدار، وعلى هذا الأخير أن يلتزم السكوت لأنه في مخيلة البعض هو المشار إليه بأصابع الاتهام حتى لو كان هو الضحية؟ ليس في العالم مكان احتضن الوافدين كما فعلت الإمارات، وهي ملجأ لكل باحثٍ عن استقرار وعمل له قيمة، وهي تساعد غيرها وتقدم فرص عمل ذهبية لا يمكن أن تكون إلا هنا في هذا المكان من العالم. ولأنها صاحبة الخير، فتحت آلاف البيوت بغرض العمل الذي منحته للأجنبي، فقد تحولت لدى البعض إلى محطة استهداف، ويبدو أننا ساهمنا إلى حد ما، في الوصول إلى هذه النقطة. وإلا ما هو تبرير أن تشتعل وسائل التواصل الاجتماعي لأن رجلاً ضرب آخر وقد يحدث هذا بين كل الجنسيات وكلاهما شباب، وكان بإمكان المضروب أن يدافع عن نفسه، وأن يصمت الجميع، وكأن الرجل لم تُنتهك كرامته، ولم يُساء لجسده العاجز، ولم تُستغل شيخوخته، وتظل تتفرج من بعيد، وكأن الأمر لا يعنينا. وقد يكون هذا العجوز أباً أو عماً أو حتى جاراً نرحم عجزه وضعفه. نظرة الاستغلال التي يكنها الآخر لا بد لها من نهاية. وبالقياس على حوادث لندن وغيرها، يمكن طرح التساؤل التالي: ماذا لو تعرض أجنبي لحادثة مماثلة؟ ففي هذه الحالة كنا سنرى الأمر مختلفاً. فإذا حدثت جرائم في حق ضحايا على أرض الدولة ومن جنسية أوروبية أو آسيوية، سنرى حجم الهجمة على الإمارات ومواطنيها، وربما سنقرأ صيغها بكل وضوح، وسنجد إسفافاً متراكماً ضد البلد وأهلها، وهذه حالة غريبة يصعب شرحها. والشواهد على ذلك كثيرة ، فالمواطن هو ضحية حتى يتبين العكس لدى بعض الأجانب وغيرهم. فلماذا يعتبر البعض أن التسامح والطريقة التي يتم التعامل بها مع السياح الأجانب، وأيضاً التعامل مع الجرائم التي ترتكب في حقنا على أنها تهاون؟ ولماذا أصبح الاستغلال سمة في سلوكيات البعض، وكأن هؤلاء يستكثرون علينا هذا التميز والهدوء واحترام الجميع دون استثناء؟! هل من إجراء لابد أن يُتخذ ضد من لديهم أحقاد؟ نحن شعب بسيط وبطبعه متسامح، وللأسف هناك من يفهم هذا التسامح على أنه تنازل، أو تساهل. فحري بنا أن نكون أكثر جرأة في الحق، وأن نطالب بالقانون وتطبيقه بحذافيره مهما كان الجاني أو الضحية، وأن تكون هناك خطوط حمراء لا يتعداها الأجنبي خاصة عندما يتعلق الأمر بشأننا الداخلي وتفاصلينا الاجتماعية التي ينبغي ألا تعني أحداً سوانا. فحتى الصحف المحلية الناطقة بغير العربية لديها جرأة غريبة ضد المواطن، ويمكن الجزم أنها تمتهن في بعض الأحيان لغة بعيدة عن الموضوعية، وكأنها تصدر في مكان آخر ليس على أرض الدولة. اليوم وليس غداً علينا التعامل مع هذه الأمور بطريقة أكثر صرامة.