أصدرت منظمة «فريدم هاوس»، المعنية بمراقبة حرية الصحافة ورصد تطوراتها حول العالم، تقريرها الذي يطلق عليه مؤشر الصحافة خلال الأسبوع الجاري، وعلى غرار ما كان عليه الوضع في السنوات القليلة الماضية، لم تكن الأخبار مبشرة، فمن بين 197 دولة ومنطقة شملها التقرير خلال 2013، صُنفت 63 دولة (32 في المئة) في خانة الأداء الجيد بالنسبة لحرية الصحافة، واحتلت 68 دولة (35 في المئة) مرتبة متوسطة باعتبارها حرة جزئياً في مؤشر الصحافة، فيما صُنفت 66 دولة (33 في المئة) على أنها ليست حرة. هذا الواقع يجسد تحولاً واضحاً في الاتجاهات العامة نحو غياب الحرية في مؤشر الصحافة بالمقارنة مع نسخة التقرير لعام 2012 التي قسمت الدول بين 63 دولة حرة و70 جزئياً حرة، و64 بلداً لا يتمتع بحرية الصحافة، وبالمقارنة بين تقريري 2013 و2012 نلاحظ تغيراً في وضع عشر دول، حيث احتلت أربع دول تصنيفاً جيداً، فيما انزلقت ست أخرى إلى الخانة السلبية، مع توجه واضح من خانة الحرية الجزئية إلى انعدامها التام. ولعل ما يلفت النظر أكثر في هذا التحول نحو الأسوأ في مؤشر الصحافة الذي رصدته «فريدم هاوس»، انضمام تركيا إلى تصنيف الدول غير الحرة باعتبارها من الدول التي تسجل أعلى معدلات سجن الصحفيين في العالم، بالإضافة إلى أوكرانيا. وفيما تُصنف الولايات المتحدة على أنها دولة حرة في مؤشر الصحافة، إلا أنها مع ذلك شهدت تدنياً في تنقيطها خلال السنة الجارية بالنظر «المضايقات القانونية التي يتعرض لها الصحفيون فيما يتعلق بحماية مصادرهم، بالإضافة إلى ما كُشف عنه من برامج مراقبة تقوم بها وكالة الأمن القومي وعمليات جمع البيانات، والتنصت على وسائل الإعلام»، لكن المنظمة وعلى لسان نائب الرئيس للبحوث، «آرش بادينجتون»، صُدمت أكثر للحالة المتردية التي وصلتها حرية الصحافة في منطقة أوراسيا، وهي المنطقة التي تغطي دول الاتحاد السوفييتي السابق، موضحاً ذلك بقوله «97 في المئة من الناس الذين يعيشون في منطقة أوراسيا لا يتمتعون بحرية الصحافة، وهو ما يجعل المنطقة في وضع أسوأ حتى من الشرق الأوسط، وكان للسنوات الطويلة التي عانت فيها الصحافة من التضييق أثر كبير على وضعها الحالي بمقاييس مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وفي عموم المنطقة الشاسعة لا توجد سوى جورجيا ومولدوفا التي صنفت في خانة الدول الحرة جزئياً»، وحتى هذا التصنيف المتواضع للمنطقة جاء قبل الحوادث الأخيرة التي تعرض فيها الصحفيون للضرب في القرم والمناطق الشرقية لأوكرانيا. أما الوضع الصحفي في مصر التي يشير بادينجتون إلى إنه ساء اليوم أكثر مما كان عليه في عهد مبارك فهو صادم أيضاً، قائلاً «بعد الربيع العربي شهدت الساحة الإعلامية في مصر تفجراً في عدد الجرائد والمحطات التلفزيونية والإذاعية، فضلاً عن المواقع الإلكترونية». لكن عندما يتعلق الأمر بمنطقة أخرى وببلد حليف لأميركا مثل إثيوبيا، فقد جاء التقرير حول مؤشر الصحافة في وقته المناسب، حيث تتزامن زيارة وزير الخارجية، جون كيري، إلى البلد مع تقارير تتحدث عن سجن تسعة مدونين وصحفيين لانتقادهم الحكومة، ورغم تأكيد كيري أنه أثار الموضوع في لقائه مع رئيس الحكومة الإثيوبية، إلا أن بادينجتون يقول إن الولايات المتحدة يمكنها القيام بأكثر من ذلك للضغط على حلفائها. بيد أن التقرير الذي أصدرته المنظمة لم يخلُ من نقط مضيئة وغير متوقعة مثل ساحل العاج التي انتقلت من ترتيب الدول غير الحرة، إلى الحرة جزئياً بعدما سجلت «انخفاضاً في استخدام القوانين المقيدة لحرية الصحافة، وتراجع الرقابة الرسمية»، كما أن مالي شهدت أكبر تقدم في مسار حرية الصحافة بعد «عودة الحياة الدستورية وانتخاب حكومة جديدة»، وكذلك إثر طرد الجماعات الإسلامية المتشددة من شمال البلاد، ما سمح للصحفيين «بالقدرة على التحرك وتغطية الأخبار دون خوف من العواقب»، وإن كان هذا التقدم المحرز، يضيف التقرير، هزته عملية قتل صحفيين فرنسيين في شهر نوفمبر الماضي. جوشوا كيتنج كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»