الإمارات والتغير المناخي العالمي
استضافت العاصمة أبوظبي مؤخراً، الاجتماع الوزاري التحضيري، الذي تم تنظيمه بالتعاون مع منظمة «الأمم المتحدة»، استعداداً للقمة العالمية للتغير المناخي، التي ستعقد في شهر سبتمبر المقبل بمقر المنظمة في مدينة نيويورك الأميركية، بهدف مناقشة التطورات المتعلقة بقضايا التغير المناخي العالمي، والوقوف على مدى التزام الدول بتعهداتها، ضمن «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، التي تضم في عضويتها حتى الآن 191 دولة، تلتزم جميعها بوضع استراتيجيات وطنية لمواجهة ظاهرة الاحترار العالمي وأضرارها. كما أن هذه القمة أيضاً ستكون مناسبة جيدة لمناقشة مدى التزام الدول بتطبيق «بروتوكول كيوتو»، الذي يعد إطاراً تنفيذياً للاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة، الذي يحدد أهدافاً وجداول زمنية للحد من الانبعاثات الملوثة للبيئة، خصوصاً في البلدان الصناعية.
وكان اختيار مدينة أبوظبي لاستضافة الاجتماع التحضيري للقمة المناخية العالمية المقبلة اعترافاً دولياً بالمكانة المهمة التي تحتلها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال حماية البيئة العالمية، وخبرتها الكبيرة في محاصرة ظاهرة التغير المناخي وتقليص حجم الانبعاثات الكربونية ومواجهة أسباب التلوث البيئي بشكل عام، حتى أصبح لها دور مركزي في مجال البيئة والاستدامة العالمي، وتتضح مركزية هذا الدور من خلال حرص عدد كبير من الشخصيات العالمية الرفيعة المستوى، على المشاركة في الاجتماع، بمن فيهم: بان كي مون الأمين العام لمنظمة «الأمم المتحدة»، وآل جور نائب الرئيس الأميركي الأسبق، وتوني بلير رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وفيليبي كالديرون الرئيس المكسيكي السابق، إلى جانب أكثر من 75 وزيراً من مختلف أنحاء العالم، وعدد غير قليل من مديري البرامج والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، ومتخذي القرار وقادة القطاع الحكومي وقطاع الأعمال والمجتمع المدني حول العالم.
تمثل حماية البيئة واستدامتها أحد أهم العناوين التنموية التي تضعها الإمارات نصب عينيها في طريقها نحو بناء المستقبل، من منطلق وعيها بأن التوازن البيئي المستدام شرط أساسي من شروط استدامة التنمية بشكل عام، وهو المبدأ الذي أرساه المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي ما انفك يقول «إننا نولي بيئتنا جُلّ اهتمامنا لأنها جزء عُضوي من بلادنا وتاريخنا وتراثنا.. ومثل أجدادنا، فنحن الذين نعيش الآن فوق هذه الأرض المباركة، مسؤولون عن الاهتمام ببيئتنا والحياة البرية. علينا واجب الوفاء لأسلافنا وأحفادنا على حدٍّ سواء». ولقد شهدت الأيام القليلة الماضية تحقيق الإمارات لإنجاز بيئي عالمي مهم، يؤكد أن جهودها في هذا المجال قد أثمرت الكثير، ويؤكد كذلك جدارتها في الحصول على شرف استضافة الفعاليات البيئية العالمية الكبرى، ونيل الثقة والاعتراف العالمي بأهليتها لذلك، فقد تصدرت مؤخراً الترتيب العالمي في «مؤشر المناطق البحرية» لعام 2014، واحتلت كذلك المرتبة الخامسة والعشرين عالمياً في «مؤشر الأداء البيئي» الأكثر شمولاً، وذلك ضمن تقرير صادر عن جامعتي «ييل» و«كولومبيا» في الولايات المتحدة الأميركية، فيما يعد إنجازاً مهماً تجاه الوفاء بشروط استدامة التنمية وتحقيق الأهداف البيئية الوطنية، ويعد في الجانب الآخر خطوة كبيرة للدولة تجاه الوفاء بالتزاماتها ضمن عضويتها في «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، وخصوصاً أنه باحتلالها هذا الترتيب العالمي المتقدم في «مؤشر الأداء البيئي» لعام 2014 تكون قد تقدمت باثنتين وخمسين مرتبة كاملة مقارنة بترتيبها في عام 2013، فيما يؤكد أنها ماضية بقوة في طريقها نحو الوفاء بهذه الالتزامات.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية