أصعب الكتابة، الرثاء، فكيف إذا كان الرثاء في رجل أقل ما يُقال عنه إنه جمع كل مواصفات الحكمة؟ تعجز الكلمات عن التعبير، عن وصف الشعور بالفاجعة التي ألمت بالأمتين العربية والإسلامية، برحيل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد. رحل الرجل الفذ، الحكيم، صاحب العقل المتنور والنظرة المستقبلية الثاقبة. رحل الرجل الذي استطاع أن يبني دولة بكل ما تحمله الكلمة من معان على أسس علمية وحضارية خلال فترة ثلاثة عقود ونيف، وهذا ما لم يحصل في التاريخ الحديث وفي دولة في العالم.
رحل الرجل الحكيم الذي استطاع بحكمته أن يجعل دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً يحتذى به على كافة الأصعدة، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، فكان من أوائل الداعمين للقضايا العربية. وعلى سبيل المثال لا الحصر لعب دوراً سياسياً وريادياً في دعم لبنان خلال محنته التي تمثلت في حرب أهلية استمرت خمسة عشر عاماً، فعمل بصمت وصدق لتحقيق السلم الأهلي من خلال اتفاق الطائف. وبقي إلى جانب لبنان حتى الرمق الأخير. فبتوجيهاته ساهمت دولة الإمارات العربية المتحدة مراراً وتكراراً في الدعم المعنوي والمادي للبنان ولشعبه، فكانت الدولة الأولى التي وفت بوعودها وقدمت المساعدة للبنان بعد انعقاد مؤتمر باريس 2.
ثمة لحظات وأوقات عصيبة تنتاب الأوطان، وهذه اللحظات تنتاب وطننا العربي بفقدنا فيه قائداً عظيماً تاريخه ناصع ونادر. الفاجعة كبرى، لكن هكذا دوماً وأبداً يرحل العظماء في الأوقات غير المناسبة، لكن الوطن يبقى والحكمة تبقى والخلف الصالح يبقى.
رحمك الله أيها الحكيم وأسكنك فسيح جناته.
عمر الصلح - صحافي - لبنان