الصحافة الإسرائيلية
بين اتفاق المصالحة الفلسطينية .. وتداعيات «فشل» الدولة العراقية
------
هل يتحول العراق إلى «دولة فاشلة»؟ وكيف ينظر الغرب إلى اتفاق الوحدة الفلسطينية بين حركتي «فتح» و«حماس»؟ وهل من بديل آخر أمام طالبي اللجوء السياسي في إسرائيل بخلاف السجن أو الموت؟ وهل لا يزال حل إقامة دولتين جنباً إلى جنب يمثل أساساً لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي؟ تساؤلات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الإسرائيلية.
------
الحالة العراقية
توقع أستاذ السياسات الاقتصادية في «معهد السياسة العالمي» نورمان بايلي، انضمام العراق إلى قائمة «الدول الفاشلة» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تشمل ليبيا ولبنان وسوريا، حيث تسيطر الحكومة المركزية على العاصمة وبعض المناطق المحيطة بها، بينما تهيمن جماعات إرهابية أو حركات انفصالية أو حكومة إقليمية شبه مستقلة على بقية مدن البلاد، حسب وصفه.
وأوضح «بايلي» في مقال نشرته صحيفة «غلوبز» الاقتصادية يوم الأحد الماضي، أن العراق عقد انتخابات غير ذات جدوى في ضوء مقاطعة سُنية واتهامات بأعمال تزوير ضخمة، معتبراً أن الحكومة التي ستنشأ عنها لن تكون لها شرعية خارج المناطق الشيعية في البلاد.
ولفت إلى أن إقليم كردستان في الشمال تمتع بالفعل بوضع شبه مستقل، إذ يمتلك قوات مسلحة ومصادر دخل وفيرة، منذ أن هيمن على اثنتين من المناطق الرئيسة المنتجة للنفط في البلاد، كما يحتفظ بمكاتب تمثيل في الخارج، ويوقع اتفاقيات مع الدول الأجنبية من دون الإشارة إلى بغداد.
وأضاف: «أن محافظة الأنبار في الغرب، التي تعتبر أراضيها مهمة لربط إيران بحلفائها في كل من سوريا ولبنان، عبارة عن منطقة قبلية كبيرة، تتنافس عليها الحكومة وبعض الجماعات المتمردة التي تسيطر بالفعل على أجزاء كبيرة من المحافظة، بما في ذلك أكبر مدنها الفلوجة».
ونوّه «بايلي» إلى أن زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري وجه أوامر لميليشيا «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروفة باسم «داعش» بمغادرة سوريا وإعادة مقاتليها إلى العراق للانضمام إلى المعركة ضد حكومة بغداد، الأمر الذي قيل إن «داعش» وافقت عليه.
وتابع «أن الجماعات المتطرفة تشن هجمات إرهابية متواصلة في وسط العراق، بما في ذلك بغداد نفسها، إلى درجة أنها حاولت تحويل مجرى نهر الفرات لإنقاص إمدادات المياه عن العاصمة العراقية».
وألمح «بايلي» إلى أن إيران لا تستطيع السماح بانقطاع الطريق في الأنبار، التي تصلها بوكلائها في سوريا ولبنان، متوقعاً أن تصعد معركتها ضد تنظيم «القاعدة»، الذي سيحشد بدوره مسلحيه لمواجهة هذا التصعيد.
واختتم بالإشارة إلى أن طهران ستضطر إلى تحويل مواردها من نشر نفوذها خارج الشرق الأوسط، ولكن إذا اندلعت اضطرابات داخل إيران نفسها، فإن ذلك قد يفضي إلى مأزق للنظام.
المصالحة الفلسطينية
دعت صحيفة «جيروزاليم بوست» في مقال نشرته يوم الثلاثاء الماضي التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة إلى التأكيد على الخطوط الحمراء أمام حركة «حماس»، زاعمة أن اتفاق الوحدة الذي أعلن عنه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع حركة «حماس» قوبل برد ضعيف وفاتر نسبياً من قبل المسؤولين الغربيين.
وأفاد كاتب المقال «دان ديكير» بأن التفكير السائد في بعض الدوائر الغربية يتبنى تصريحات عباس الأخيرة بأن حكومة الوحدة بين «فتح» و«حماس» ستنبذ العنف وتقبل بحق إسرائيل في الوجود.
وأضاف: «ولكن حماس تصر على نقيض ذلك وتؤكد على أن المقاومة هي طريقها والهدف هو تحرير الأرض والأماكن المقدسة وعودة اللاجئين وإطلاق سراح الأسرى».
وتساءل «ديكير» عن سبب ما اعتبره ضعفاً في الرد الأميركي والأوروبي على اتفاق المصالحة بين «فتح» و«حماس»، باعتبار أنها تقوض أساس جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة وتجتث جذور مفاوضات السلام الإسرائيلي الفلسطيني!
وأكد أن مجرد قبول اتفاق «فتح» و«حماس» من حيث المبدأ عزز من موقف «حماس» إقليمياً وعالمياً، ولكنه أشار إلى أنه لا يمكن أيضاً تحميل إدارة أوباما المسؤولية الكاملة عن الخطوط الحمراء الضبابية التي وضعتها الإدارة الأميركية السابقة، والتي دفعت الانتخابات الفلسطينية وسمحت ببقاء تسليح «حماس» وفقدان «فتح» السيطرة على قطاع غزة.
وعليه، طالب «ديكير» التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة بإعادة رسم وتأكيد الخطوط الحمراء في مواجهة «حماس»، مشيراً إلى أن قبول اتفاق المصالحة الفلسطينية في ظل الظروف الراهنة من شأنه تقويض المصالح الحيوية للولايات المتحدة في المنطقة.
«اللاجئون» في إسرائيل
طالبت صحيفة «هآرتس» في افتتاحية لها الحكومة الإسرائيلية بوقف سوء معاملة طالبي اللجوء السياسي، لافتة إلى أن برنامج «الترحيل التطوعي» يهدد حياة هؤلاء اللاجئين. وأشارت إلى أن أحد طالبي اللجوء الأفريقي بعد أن ترك إسرائيل في إطار برنامج «الترحيل التطوعي» خشية الاحتجاز في مركز «هولوت» عاد مرة أخرى إلى إسرائيل بعد أن علق ثمانية أيام في مطار أديس أبابا، موضحة أن قضية هذا اللاجئ تكشف عن ثغرات وعوار أخلاقي في الخطة الإسرائيلية للتعامل مع طالبي اللجوء.
وذكرت أن طالب اللجوء الأفريقي وافق على ترك إسرائيل خشية مواجهة السجن، في مقابل وعد بأنه سينقل إلى دولة أخرى بخلاف وطنه الأم، وعند وصوله إلى المطار تم إخطاره بأنه سيرسل إلى إثيوبيا، لكنه تم منعه من مغادرة مطار أديس أبابا إلى أن تدخلت وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ومن ثم أعيد ليواجه السجن في إسرائيل.
وأفادت بأن الحكومة الإسرائيلية تدرك جيداً المخاطر المحدقة بطالبي اللجوء في بلادهم الأصلية، ولا تجرؤ على إرسالهم إلى هناك، ولكنها تحولهم إلى وكالات غامضة من دون اتفاقيات رسمية. وأعربت عن أسفها بأن مثل هذه السياسات العنصرية وغير الإنسانية، لا يبدو أنه يقلق صناع السياسة مثل رئيس الوزراء نتنياهو.
ضياع حل الدولتين
اعتبرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في مقال افتتاحي أن حل إقامة دولتين جنباً إلى جنب يتجه مع مرور الوقت إلى التلاشي والضياع، لافتة إلى أنه قد آن الأوان كي يستيقظ اليسار السياسي في إسرائيل ويبدأ التفكير بشكل جاد في البدائل الأخرى لحل إقامة دولتين لشعبين.
وأفادت بأنه عندما أخفقت المحادثات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بوساطة أميركية، قدم وزير الخارجية الأميركي جون كيري بديلين مخيفين لمستقبل إسرائيل: فإما أن تصبح دولة واحدة ثنائية القومية، أو تتحول إلى دولة تفرقة عنصرية.
وأوضحت أن كلا البديلين لا يعكس كثيراً من الاحتمالات، مشيرة إلى وجود خيار قيام دولة ثنائية القومية ضمن نظام تفرقة عنصرية، ولكن يجد فيها اليهود الذين تتناقص أعدادهم والمحبطون من ضياع حلمهم «الصهيوني» أنفسهم تحت طائلة التفرقة العنصرية!
وأضافت «أن من بين الخيارات الأخرى استمرار الوضع الراهن، حيث تسيطر حماس على الحكم في غزة، وتمتع فتح بحكم ذاتي.. في جزء من الضفة الغربية، مع تواصل النمو السريع في أعداد المستوطنين في الضفة، والهجرة الهادئة للمسيحيين الفلسطينيين من المنطقة، وإدانة الاحتلال الإسرائيلي، ومحاولات حث الطرفين على التفاوض». وتابعت «هناك أيضاً إجراءات أحادية على جدول الأعمال، مثل تجديد الطلب الفلسطيني باعتراف الأمم المتحدة، أو ضم إسرائيل لمجموعة من الأراضي وفك الارتباط من مناطق أخرى».
ونوهت بأن حل الدولتين من وجهة النظر الإسرائيلية يعني الإجلاء الجبري لنحو مائة ألف مستوطن، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المساكن وانقسام بين الشعب الإسرائيلي وتقسيم القدس. واختتمت الصحيفة المقال الافتتاحي بالإشارة إلى أن خيار حل الدولتين أصبح بعيداً عن الواقع وبلا قيمة، وليس من المتوقع تطبيقه.
إعداد: وائل بدران