التعليم المكسيكي.. أجور ضخمة ومدارس «أشباح»
احتفلت المكسيك يوم الخميس الماضي بما يعرف لديها بـ«عيد المعلم»، لكن البيانات الإحصائية الحديثة بشأن رواتب بعض المعلمين في كثير من المدارس الحكومية المكسيكية ربما تجعل الآباء أقل سعادة بشأن المدارس التي يتلقى فيها الأبناء تعليمهم.
وبعد مرور أكثر من عام على تطبيق إصلاحات على نظام التعليم في المكسيك، أظهر بحث أجراه «معهد التنافسية المكسيكي»، وهو عبارة عن منظمة غير حكومية، أن مئات المعلمين يجنون رواتب «باهظة»، مسلطاً الضوء في هذا البحث على الأشخاص الذين يتقاضون أجوراً أعلى من رئيس الجمهورية، ومئات من «مدارس الأشباح»، التي تلتهم أموالا طائلة رغم عدم وجود مقرات لها أصلا، ومئات من المدارس التي لا توجد بها كهرباء وتفتقر إلى الخدمات الأساسية.
وكشف بحث «معهد التنافسية المكسيكي» أن كشوف الرواتب في ولاية هيدالجو تُظهر زهاء 1440 معلماً نشطاً تتجاوز أعمارهم 101 عام، ولجميعهم يوم الميلاد ذاته وهو الثاني عشر من ديسمبر عام 1912!
وهناك أكثر من 7100 معلم يتقاضون أكثر من 93 ألف دولار سنوياً، حسبما أفاد المعهد، وهناك أكثر من سبعين معلماً يحصلون على أكثر من 180 ألف دولار سنوياً، وهو ما يساوي تقريباً راتب الرئيس المكسيكي إنريك بينا نيتو. ويوجد نحو 812 مدرسة في ولاية «جوانتنامو» تحصل على تمويلات حكومية، لكن لا أثر لهذه التمويلات على أرض الواقع.
وكان إصلاح التعليم من بين الأولويات التي حظيت باهتمام الرئيس «بينا نيتو» عندما تولى السلطة عقب انتخابه في نهاية عام 2012، حيث وجّه بإجراء إصلاح دستوري استعاد بموجبه السيطرة على المدارس الحكومية من «اتحاد المعلمين الوطني» الذي يتمتع بنفوذ قوي. وفي فبراير عام 2013 سجنت حكومته رئيس الاتحاد «إلبا إستر جوردوليو»، بسبب اتهامات ضده بالفساد.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن المواطنين في المكسيك يرون أن إصلاح التعليم الحكومي مهم بدرجة كبيرة، لكن يبدو أنهم غير راضين حتى الآن عن خطوات الإصلاح الضئيلة التي اتخذتها إدارة «بينا نيتو»، آملين في القيام بجهود حقيقية للقضاء على الفساد في هذا القطاع الأساسي.
وتقول الخبيرة الاقتصادية ألكساندرا زاباتا، والتي قادت الفريق الذي أجرى الدراسة لصالح «معهد التنافسية المكسيكي»: «إن الغالبية العظمى من المعلمين في المدارس الحكومية المكسيكية، والذين يزيد عددهم على مليوني معلم حصلوا على رواتب وصفتها بالعادية، والتي تقل قليلا عن ألفي دولار شهرياً». واستدركت «زاباتا»: «لكن لدينا شريحة في صفوف المعلمين يحصلون على رواتب استثنائية مبالغ فيها بصورة مطلقة»، في إشارة إلى المعلمين الذين يتقاضون أكثر من 93 ألف دولار في السنة، وهو ما يساوي عشرة أضعاف أجر العمال المهنيين العاديين في المكسيك.
وتُقدر «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية»، التي تتخذ من العاصمة الفرنسية باريس مقراً لها، أن متوسط دخل الفرد في المكسيك يقدر بنحو 12850 دولار سنوياً، لكنها تشير إلى وجود تباينات شديدة بسبب ارتفاع إيرادات الأثرياء في المكسيك بدرجة كبيرة.
هذا وتناولت الدراسة التي أجراها «معهد التنافسية المكسيكي» حالة معلم، أشارت إليه باسم «إيه. رامريز زد»، يتقاضى ما يساوي 561 ألف دولار من وظيفته في ولاية «أوكزاكا» الجنوبية الفقيرة.
وقد أوكلت إدارة «بينا نيتو» مسؤولية تطبيق كثير من جوانب إصلاح التعليم العام خلال السنة الماضية إلى حكام الولايات المكسيكية الـواحدة والثلاثون، «ومنطقة مكسيكو سيتي» الفيدرالية، حيث يتم تقديم التمويلات اللازمة عن طريق هذه المنظمة وؤلئك الحكام.
وقد كانت بعض الولايات مترددة في تقليص الامتيازات الكبيرة في كشوف رواتب المعلمين لديها، سواء كمصدر لانتفاع بعض المسؤولين الفاسدين أو لإرضاء اتحاد المعلمين وشراء تأييدهم السياسي، حسبما أفادت «زاباتا»، والتي تضيف: «هناك أشخاص مستفيدون من الفساد إما في حكومات الولايات أو في اتحاد المعلمين، ويحصلون على هذه الأموال».
وتوصلت الدراسة إلى وجود تبيانات ضخمة في الإنفاق على الطلاب من أجل التعليم، إذ وجدت أن ولاية «باجا كاليفورنيا» الحدودية تنفق زهاء 2.65 ضعف على تعليم كل تلميذ مقارنة بـ ولاية «كويرتارو» المركزية التي تعتبر محوراً لقطاع الطيران في المكسيك.
وتنفق ولايات «جويريرو» و«زاكاتيكاس» و«فيراكروز» و«مكسيكو» جميعها ما لا يقل عن 2.5 ضعف ما تنفقه معظم الولايات الأخرى على التعليم، حسب الدراسة.
ووجدت الدراسة أيضاً أن 536 مدرسة ثانوية، يُفترض أنها تستخدم في التعليم وسائل تكنولوجية متطورة وأجهزة اتصال رقمية، متصلة بأجهزة الكمبيوتر، لا يوجد فيها كهرباء حتى الآن رغم رصد ميزانيات ضخمة لتطويرها وتزويدها بأحدث الوسائل!
-----
تيم جونسون
مكسيكو سيتي
------
يُنشر بترتيب خاص مع «خدمة كريستيان ساينس مونيتور»