شيخ الحكمة وآخر حكماء العصر المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي تشرفت بلقائه والسلام عليه، رحل إلى ربه بنفس مطمئنة راضية بعد أن أرسى خلال عهده الاستثنائي، قواعد دولة عصرية. لقد استطاع هذا الرجل الذي عُرف بالحكمة وعُرفت به، أن يوحد سبع إمارات في دولة واحدة، وأن يطلق نهضة من المدنية الراقية في بلد صحراوي لا يملك إلا النفط، وحوله في زمن قياسي، إلى رمز للعمران والتطور. وأشير هنا فقط إلى مطار أبوظبي الذي شيد خارج مدينة أبوظبي، وبإمكان المرء أن يستظل بالشجر من أول نقطة يتحرك منها باتجاه أبوظبي، ليطلق لقب "قاهر الصحراء" بجدارة على شيخ الحكمة الشيخ زايد رحمه الله.
لقد أحب زايد العراقيين وأصدر تعليمات محددة لإعفائهم من غرامات مخالفة الإقامة، وكان ينظر بنفسه إلى أية مظلمة تصله من عراقي سرح من عمله، ويشعر العراقي المهاجر أو المسافر إلى الإمارات بأنه مرحب به على الدوام، وحتى بعض القيود التي اتخذت من قبل بعض الجهات المعنية مثلا في رفض منح تأشيرة الدخول لمن يملك جوازاً عراقياً لم يدخل به البلاد سابقاً، أمر زايد بمعالجتها بوضعه استثناءات قاربت العمومية، وأمر أن يسمح للعراقي المقيم في دول مجلس التعاون بدخول البلاد. وخط زايد نوعاً من علاقات حب ووئام بين بلاده وسائر الدول، ومضى بها بطريقة مدروسة ووفق ثوابت تؤكد على البعد الخليجي والعربي والإسلامي للإمارات وارتباطها الوثيق بمختلف قضايا المنطقة، إضافة إلى الصعيد الدولي من خلال مساهمتها في حل النزاعات بالطرق السلمية وتقديم المساعدات للأشقاء والأصدقاء في الدول النامية، والمساهمة في كل المنظمات الإقليمية والدولية التي تسهم في ترسيخ الأمن والسلم الدوليين، وتؤكد في البداية والنهاية على التمسك بالحقوق المشروعة في فلسطين وإدانة الإرهاب الدولي، خصوصاً إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين، ودعم العمل العربي والإسلامي المشترك ودعم الجهد العالمي لتحقيق الأمن والسلم الدوليين.
نجاح محمد علي - إعلامي عراقي