العالم يحب النجاح، والعالم يحب الخير، استنتاجان بسيطان نخرج بهما من توافد المعزين على أبوظبي معبرين عن مشاعر الحزن والألم للإمارات حكومة وشعباً بوفاة الوالد الراحل المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. وفود من دول جارة قريبة تشاطرنا الأحزان وتخفف عنا وقع المصاب ونحن لهم مقدرون. ووفود أخرى من دول بعيدة لا تربطنا بها إلا وشائج الإنسانية ولكنها كانت حريصة على الحضور لتعرب عن حزنها لفقدان زعيم إنساني قاد وأسس لتجربة تنموية رائدة محورها المواطن الإماراتي وسعادته.
وأما نحن أبناء هذا البلد الغالي فندرك، بطبيعة الحال، عظمة الفقيد وبساطة وطيبة رئيسنا وحبه للخير وحكمته في التعامل مع الدول الأخرى، وحسّه العربي والإسلامي العميق وانفتاحه في القضايا الاجتماعية وتقديره لدور المرأة، كما أن المقيمين على هذه الأرض الطيبة مقدرون للأمان والعدل والازدهار الذي يحيط بوجودهم والتي هي النتاج الطبيعي لحاكم عادل منفتح همه التنمية والتطور. ولكننا اليوم، ومن خلال التغطية الإعلامية لفعاليات العزاء بدأنا ندرك درجة تقدير العالم المحيط للفقيد ولإنجازاته ولدوره كزعيم قاد دولته من الضعف والتفكك لتصبح إحدى تجارب النجاح البارزة في عالم اليوم. فها هو الرئيس الفرنسي "جاك شيراك" يصف الفقيد الراحل كواحد من أكبر الشخصيات التي شهدها العالم في العصر الحديث، كما استشعرنا الدرجة العالية التي بتنا نحتلها في تقدير العديد من الدول نتيجة لدور الفقيد في تأسيس هذه التجربة الاتحادية العصرية، فالعالم كما ذكرت يحب النجاح والعالم يحب الخير، وفي هذه الملاحظة ملخص لسيرة حياة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
وفي الأيام القليلة الماضية تابعنا الانتقال السلس للسلطة وتولي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، رئاسة الدولة، وبرغم معرفتنا أن الانتقال سيكون بهذه السهولة والبساطة والتنظيم إلا أن معايشة الحدث غير توقعه، فجاء الانتقال سريعاً ومطمئناً ومن خلال القناة الدستورية الصحيحة. وكما ذكرت المصادر كان اجتماع المجلس الأعلى للاتحاد قصيراً والإجماع سائداً، وبعد ما يقارب ربع الساعة خرجت الإمارات بانتقال هادئ للسلطة يحسب إيجابياً لنظامنا السياسي. وأستكمل بعدة ملاحظات، أما الملاحظة الأولى فهي الإجماع الرسمي والشعبي على صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد كخير خلف لخير سلف، وكرئيس يكمل مسيرة الازدهار والاتحاد إلى آفاق جديدة.
وأما الملاحظة الثانية فهي أن هذا الانتقال السلمي والمنظم للسلطة يحسب أيضاً للفقيد الحاضر الذي استطاع من خلال قوة شخصيته وعمق إنجازاته أن يرسي الأرضية للإجماع الذي نراه اليوم، فمن خلال حضوره وحكمته وحسن تدبيره ما باتت الخلافة السياسية مسألة مؤرقة محيّرة كما هي حال العديد من الدول، ولا شك أن ما كنا متيقنين منه ومدركين له من وضوح الخلافة السياسية لم يكن واضحاً للدول المحيطة والعالم الأوسع وفي الانتقال السلس والسريع للسلطة أرسلت قيادتنا الرشيدة إشارة واضحة للصديق وللدول الأخرى، باعتبار أنه لا يوجد لدينا عدو.
إن وضع الإمارات بخير وإنها لن تغوص في وحل السياسة القذر، وستكمل مسيرتها التنموية المزدهرة والمنفتحة التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وستعمل قيادتها السياسية على المحافظة على مكتسبات الشعب، وتطوير التجربة الاتحادية ضمن متطلبات المرحلة القادمة، والسير على خطى السنة الحسنة التي أرساها الفقيد المعلم.