قلق من اليمين في أوروبا.. وإسرائيل تتجه نحو آسيا توجه نتنياهو لحظر الحركة الإسلامية في إسرائيل، واستدارة الدولة العبرية نحو آسيا، وتداعيات انتخابات البرلمان الأوروبي على اليهود في القارة العجوز، ثم زيارة البابا إلى الأراضي المقدسة وما حملته من رمزية ودلالات.. قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية. «الإسلامية» في إسرائيل انتقدت صحيفة «هآرتس» في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي اعتزام نتنياهو حظر الحركة الإسلامية من مواصلة نشاطها السياسي في شمال إسرائيل، وذلك بتصنيفها ضمن خانة المنظمات الإرهابية، والحال تشير الصحيفة إلى أن هذا التصنيف لا ينطبق على الحركة، كما لا يمكن وصفها أيضاً بالعنصرية، على رغم مواقفها السياسية التي لا يتفق معها أغلب الإسرائيليين، ولاسيما فيما يتعلق بعدم اعترافها بدولة إسرائيل. ولكن الصحيفة تقول إنها لا تحبذ، في جميع الأحوال، انتهاك أحد المبادئ الأساسية للديمقراطية والمتمثل في حرية التعبير وممارسة النشاط السياسي دون تضييق، بل تفند الاعتبارات التي ساقها نتنياهو لتبرير احتمال الحظر الذي قد يطال الحركة الإسلامية العاملة في القطاع الشمالي لإسرائيل، حيث لجأ إلى تشبيهها بحركة «كاخ» اليهودية التي حظرت في عام 1994 بالنظر إلى مواقفها المتطرفة، وعنصريتها الفاضحة ضد العرب والفلسطينيين. ولكن ما لا يذكره نتنياهو تقول الصحيفة، هو أن «كاخ» لم تكتفِ بالتحريض على العنف ضد الفلسطينيين، بل مارسته أيضاً في أبشع صوره، مشيرة في هذا السياق إلى باروخ جولدشتاين الذي اقترف مجزرة مسجد الخليل عندما أطلق الرصاص على المصلين وقتل عدداً منهم، وإذا كان لابد من المقارنة تقول الصحيفة فالجهة الأقرب يجب أن تكون حركة «دفع الثمن» التي يقودها المستوطنون المتطرفون في الضفة الغربية ويقومون من خلالها باستهداف الفلسطينيين في بيوتهم ومزارعهم دون أن تحرك السلطات الإسرائيلية ساكناً. ولئن كان من الضروري معاقبة المحرضين على العنف والمتعصبين فيجب البدء أولاً بالمستوطنين المتطرفين الذين يسيئون للديمقراطية وصورة إسرائيل. ولكن مشكلة نتنياهو وإسرائيل بصفة عامة هي أن «تطبيق القانون» يبدأ غالباً بمضايقة الفلسطينيين ويتجاهل في كثير من الأحيان، تقول الصحيفة، حركات وتنظيمات يهودية تقوم بأعمال أشد خطورة. إسرائيل تتجه شرقاً في مقاله منشور يوم الاثنين الماضي على صفحات «هآرتس» يشير «موشي أرينز» إلى توجه إسرائيل الآخذ في التبلور نحو الشرق، ولاسيما بعد الزيارة التي قام بها نتنياهو للصين واليابان، وأخرى متوقعة للهند، والسبب يكمن، كما تشرح الصحيفة، في ما باتت تضطلع به البلدان الآسيوية من قوة اقتصادية صاعدة عالمياً. فعلى رغم انتماء جزء كبير من سكان إسرائيل إلى أوروبا وانحدار قادتها المؤسسين من الغرب، فضلاً عن العلاقات الثقافية واللغوية الوثيقة مع أوروبا، تظل آسيا اليوم قوة صاعدة ومن مصلحة إسرائيل توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دولها. وقريباً يقول الكاتب ربما نرى رئيس الوزراء الإسرائيلي يقوم بزيارة إلى الهند، بل قد يزور كوريا الجنوبية خلال السنوات المقبلة. ولعل مما يعزز هذا التوجه ويشجع عليه الأزمة المستحكمة التي تضرب معظم الاقتصادات الأوروبية، فضلاً عن التوجهات السياسية المعارضة لإسرائيل التي بات يتبناها الاتحاد الأوروبي وتلويحه مؤخراً بفرض عقوبات على منتجات المستوطنات الاقتصادية، ناهيك عن الانتقادات المتوالية للدولة العبرية. ولكن الأمر من وجهة نظر الكاتب لا يقف عند حد الاعتبارات الاقتصادية التي تحث إسرائيل على مزيد من التقارب مع الدول الآسيوية، إذ هناك أيضاً ثقل التاريخ وأشباحه التي تطارد اليهود، إذ معروف يقول الكاتب ما عناه اليهود وقاسوه في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية ومحاولات استئصالهم على يد بلدان عديدة، سواء كانت في مناطق الاتحاد السوفييتي التي اجتاحتها الجيوش النازية، أو في ألمانيا النازية نفسها، وحتى في بولندا التي أدخل فيها اليهود غرف الغاز، بل إن القمع والتنكيل طال أيضاً اليهود في أوروبا الغربية، حيث شحنتهم فرنسا في قطارات متوجهة إلى ألمانيا، علماً بأن مصيرهم لم يكن خافياً، في حين ظلت آسيا بعيدة عن مشاعر معاداة السامية، ولم تقترف جرائم ضد اليهود. الانتخابات الأوروبية واليهود تطرقت صحيفة «جيروزاليم بوست» في افتتاحيتها ليوم الثلاثاء الماضي إلى نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة والتي شهدت صعوداً لافتاً لأحزاب اليمين المتطرف المعادية للأجانب، وأيضاً لليهود، فقد حققت الأحزاب اليمينية في كل من فرنسا وبريطانيا والدنمارك تقدماً ملحوظاً دفع زعيمة «الجبهة الوطنية» الفرنسية للقول إن الأوروبيين تحدثوا بأعلى صوتهم وأعربوا عن رفضهم لأن يحكموا من قبل البيروقراطيين في بروكسل، كما أن نايجل فاراج، زعيم حزب الاستقلال البريطاني الذي تقدم على الحزبين التقليديين لم يخفِ هو أيضاً رغبته في خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قائلاً «إن من كان يعتقد أن الاندماج الأوروبي أمر حتمي، فعليه اليوم مراجعة قناعاته». ولكن الصحيفة تركز خاصة على مدى تأثير التوجه الأوروبي نحو أحزاب اليمين المتطرف على التواجد اليهودي في أوروبا، حيث من المتوقع، تقول، أن ينالهم نصيب من العنصرية التي تستهدف أساساً المسلمين، وأن تتنامى المشاعر المناهضة للصهيونية، إلا أنه في المقابل تقول الصحيفة يجب عدم التهويل، فالأحزاب التقليدية الأوروبية سواء في اليمين، أو اليسار، ما زالت تحظى بنصيب الأسد في مقاعد البرلمان الأوروبي، إذ تسيطر على ثلثي المقاعد، بل إنه في بلدان أوروبية مثل إيطاليا حقق الحزب الديمقراطي الحاكم مكاسب مهمة، حاصداً 40 في المئة من الأصوات تحت زعامة رئيس الوزراء الإصلاحي، ماتيو رينزي. ولكن مع ذلك لا تخفي الصحيفة قلقها من صعود التيار اليميني، ففي الدنمارك على سبيل المثال حصد حزب الشعب المتطرف 27 في المئة من الأصوات ليضاعف بذلك عدد مقاعده في البرلمان الأوروبي من مقعدين إلى أربعة، كما أن عدداً من أحزاب النازية الجديدة باتت ممثلة داخل البرلمان الأوروبي مثل الحزب القومي الديمقراطي في اليونان الذي يدعو لأوروبا «كلها بيضاء»، حيث تمكن من الحصول على أول مقعد له في البرلمان الأوروبي. أما حزب «الفجر الذهبي» في نفس البلد الذي يحمل زعيمه وشماً للصليب المعقوف، فقد أصبح اليوم هو ثالث أكبر حزب في اليونان، وله تمثيل في البرلمان الأوروبي، وهو ما يدعو، حسب الصحيفة، للقلق والخشية على مستقبل اليهود في أوروبا. الرسالة البابوية في افتتاحية لصحيفة «جيروزاليم بوست» ليوم الاثنين الماضي برزت زيارة البابا فرانسيس إلى الشرق الأوسط كموضوع رئيس سلطت عليه الصحيفة الضوء، معتبرة أن زيارة الحبر الأعظم الذي صحب معه وفداً كبيراً من رجال الدين بمن فيهم حاخام يهودي وشيخ مسلم كانت مشحونة برمزيتها، وعلى قدر كبير من الأهمية. وعلى رغم من أن الزيارة كانت قصيرة في مدتها إذ لم تتجاوز ثلاثة أيام عرج فيها على الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية في رام الله، إلا أنها كانت مهمة بدلالتها، غير أن مشكلة فرانسيس، كما باقي الشخصيات العالمية الوازنة، تقول الصحيفة، لدى زيارته للأماكن المقدسة هي الحفاظ على الحياد والتوازن في كل تدخلاته والخطوات التي يقدم عليها، ولذا قسم الزيارة بين المسؤولين الإسرائيليين، ونظرائهم الفلسطينيين، كما أنه في تصريحاته حرص على الإشارة إلى حق دولة إسرائيل في العيش بسلام ونيل الاعتراف الدولي. وأيضاً شرعية مطالب الفلسطينيين في الحصول على دولتهم المستقلة. بل حتى في زياراته الرمزية للأماكن الدينية والمقدسة حرص الحبر الأعظم على توزيعها بين تلك التي تحمل دلالات خاصة للمسيحيين مثل كنيسة المهد التي ولد فيها المسيح، وبين وضع إكليل من الورود على قبر مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل. وعلى رغم انتقادات البعض للحبر الأعظم لترديده صلاة بجانب جزء من الجدار العازل الذي كان يحمل كتابات حائطية تدعو البابا لدعم رفع الظلم عن الفلسطينيين، إلا أن الصحيفة تقول يجب أيضاً النظر إلى زيارة البابا إلى موقع من يوصفون بضحايا الإرهاب من الإسرائيليين. إعداد: زهير الكساب